الأسبوع الماضي نشر الكابتن طيار مدني عصام إبراهيم العرجاني صورا عبر حساباته الرسمية على مواقع التواصل الاجتماعي عن تفاصيل زيارته إلى شمال سيناء وتفقده عددا من المشروعات والمناطق الخاصة بمحطات الكهرباء والتجمعات البدوية في مدينة رفح
المصرية.
عصام العرجاني هو نائب رئيس مجلس إدارة
مجموعة العرجاني جروب، المملوكة لوالده إبراهيم العرجاني رجل الأعمال المصري المقرب
من السيسي ونجله، وبطل فضيحة المتاجرة بأموال ودماء الفلسطنيين بعد السابع من تشرين الثاني/ أكتوبر، عبر تحصيله ملايين الدولارات من أجل العبور من بوابة معبر رفح، قبل سيطرة
الاحتلال عليه في السابع من أيار/ مايو الماضي.
كان في استقبال نجل العرجاني اللواء خالد
مجاور محافظ شمال سيناء، وعدد كبير من أعضاء مجلسي النواب والشيوخ، وبعض الصحفيين
ورجال القبائل البدوية.
مصر الآن تستورد خمس استهلاكها المحلي من الغاز من إسرائيل عبر حقلي تمار وليفاثان، ما يعني تحكما إسرائيليا كاملا في عدد ساعات انقطاع التيار الكهربائي، وغلق مصانع البتروكيماويات في مصر، وهي المسؤولة عن إنتاج الأسمدة التي تغذي المحاصيل الزراعية والسلع الغذائية في مصر.
لم يكن نجل العرجاني بمفرده، وإنما صحبه
المهندس عاصم الجزار، وهو وزير الإسكان المصري السابق، الذي تم تعيينه فور رحيله من
الوزارة كرئيس لمجلس إدارة شركة نيوم للتطوير العقاري، وهي إحدى شركات مجموعة
العرجاني جروب.
لم تكن هذه الزيارة عادية، والسبب وجود ضيف
من دولة عربية كان بطل تلك الزيارة العرجانية إلى شمال سيناء، وهو علي الشمري مدير
الأصول الدولية في مؤسسة أبو ظبي الوطنية للطاقة، المعروفة باسم شركة طاقة
الإماراتية.
"بيض الله وجوهكم"، بهذه العبارة
ختم علي الشمري جولته التفقدية لمحطات الكهرباء، وبعض الأراضي والمناطق التي وعد
أهالي سيناء بضخ استثمارات إماراتية فيها في القريب العاجل، وتوفير فرص عمل كثيرة
للشباب السيناوي.
من هو علي الشمري، ولماذا فتح له العرجاني
أبواب سيناء يدخل منها حيث شاء؟
علي الشمري هو مسؤول الأصول الدولية في شركة
طاقة الإماراتية، التي يستحوذ على 90 % من أسهمها مؤسسة أبو ظبي للطاقة، تلك
المؤسسة مملوكة بالكامل لشركة أبو ظبي القابضة التابعة لصندوق أبو ظبي السيادي، وهي الشركة نفسها التي ظهرت في صفقة رأس الحكمة منذ أشهر قليلة.
رئيس مجلس إدارة شركة طاقة الإماراتية هو
محمد السويدي، وهو نفسه وزير الاستثمار الإماراتي، والعضو المنتدب والرئيس التنفيذي
لشركة أبو ظبي القابضة التابعة لصندوق أبو ظبي السيادي.
محمد بن زايد والإمارات رمتكم بفلذات
أكبادها في قطاع الطاقة والعرجاني يفتح لهم أبواب سيناء، ولكن ما علاقة
إسرائيل بكل
ذلك؟
عام 2020 بعد توقيع اتفاقية أبراهام للتطبيع
بين الإمارات ودولة الاحتلال، أعلنت الإمارات وإسرائيل عن خطط استراتيجية للتعاون
الوثيق في مجال الطاقة في منطقة الشرق الأوسط.
في أيار/ مايو 2022، وقعت الإمارات وإسرائيل بموجب
اتفاقية أبرهام اتفاقية أخرى، أطلق عليها اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة، وتنص
على التعاون المباشر في عدة مجالات أبرزها ملف الطاقة.
بعدها بشهر واحد وتحديدا في حزيران/ يونيو 2022
أعلنت شركة مبادلة الإماراتية المملوكة لصندوق أبو ظبي السيادي شراءها حصة 22% من
حقل تمار للغاز الإسرائيلي من شركة نيوميد إنيرجي " ديليك" سابقا، وهي الشركة الإسرائيلية نفسها التي كشف تحقيق لموقع مدى مصر عام 2018، أنها التي تعاقدت
مع شركة مصرية تابعة للمخابرات العامة المصرية في صفقة تصدير الغاز الإسرائيلي من
حقلي تمار وليفاثان لمصر.
محمد السويدي وزير الاستثمار الإماراتي
الحالي ورئيس شركة طاقة الإماراتية، التي فتح لها العرجاني أبواب سيناء الآن
للاستثمار في الطاقة، كان مسؤولا عن شركة مبادلة الإماراتية قبل توليه منصبه الحالي.
وجود الإمارات ومن ورائها إسرائيل في سيناء عبر بوابة إبراهيم العرجاني، يفتح المجال لتحكم إسرائيلي مباشر في مجال الطاقة في مصر، بشكل أكبر وأيسر عبر الوسيط الإماراتي، ما يعني أن أمن الطاقة في مصر بات على المحك.
بعدها بأقل من عام، تحركت شركة أدنوك
الإماراتية التابعة أيضا لصندوق الثروة السيادي في أبو ظبي، بالتعاون مع شركة
بريتيش بيتروليوم البريطانية للاستحواذ على 50% من أسهم شركة نيوميد الإسرائيلية، التي تسيطر على حقول الغاز تمار وليفاثان في صفقة كانت على وشك الاكتمال، قبل أن
تتعطل منذ أشهر بعد التوترات في المنطقة عقب السابع من تشرين الأول/ أكتوبر.
الإمارات أيضا وقعت اتفاقية شراكة في مجال
الطاقة مع أمريكا وإسرائيل عام 2020، تهدف إلى بناء بنى تحتية تسهل من نقل الغاز
الإسرائيلي إلى أوروبا.
مصر الآن تستورد خمس استهلاكها المحلي من
الغاز من إسرائيل عبر حقلي تمار وليفاثان، ما يعني تحكما إسرائيليا كاملا في عدد
ساعات انقطاع التيار الكهربائي، وغلق مصانع البتروكيماويات في مصر، وهي المسؤولة عن إنتاج الأسمدة التي تغذي المحاصيل الزراعية والسلع الغذائية في مصر.
وجود الإمارات ومن ورائها إسرائيل في سيناء عبر بوابة إبراهيم العرجاني، يفتح المجال لتحكم إسرائيلي مباشر في مجال الطاقة في مصر، بشكل أكبر وأيسر عبر الوسيط الإماراتي، ما يعني أن أمن الطاقة في مصر بات على المحك.
السؤال الرئيسي هنا، من الذي يمسك بطوق
إبراهيم العرجاني؟ هل يعمل هذا الرجل بالفعل لصالح السيسي ونجله، أم لصالح الإمارات، أم إن العرجاني تحول لوكيل إسرائيل في مصر؟