كتاب عربي 21

الغزو الروسي لأوكرانيا.. من يراهن على عامل الوقت؟

علي باكير
بولندا تعلن تسليم أوكرانيا أول دفعة من دبابات ليوبارد-2، بالتزامن مع الذكرى الأولى للحرب الروسية. (الأناضول)
بولندا تعلن تسليم أوكرانيا أول دفعة من دبابات ليوبارد-2، بالتزامن مع الذكرى الأولى للحرب الروسية. (الأناضول)
عام كامل على الغزو الروسي لأوكرانيا ومازالت الأطراف المتحاربة تحشد القوات العسكرية في محاولة لتعزيز مواقعها في حرب لا يزال الكثير من المراقبين يعتقدون أنّها لن تنتهي في أي وقت قريب. مع الذكرى الأولى للغزو الروسي لأوكرانيا، تتصاعد التساؤلات حول مصير الأطراف المنخرطة في هذه الحرب، والأطراف الداعمة لها بشكل مباشر أو غير مباشر.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ركّز مؤخراً على تعزيز الحرب النفسية مشيراً إلى أنّ الغرب يريد تدمير روسيا. وقد أكّد في نفس الوقت على أنّ القوّات المسلحة الروسية هي الضمانة الأساسية لأمن البلاد وسيادتها ومستقبلها، واعداً بتكثيف الإنتاج العسكري لمواصلة الحرب. أمّا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، فقد أشار عشية الذكرى الأولى للحرب أنّ بلاده ستنتصر على الغزو الروسي إذا ما استمر الدعم الغربي المقدّم لبلاده في التدفق.

خلال زيارة للرئيس الأمريكي جو بايدن إلى كييف تزامناً مع الذكرى الأولى لاندلاع الحرب، وعد بايدن الأوكرانيين بالاستمرار في تقديم الدعم، لافتاً إلى أنّ بوتين كان يعتقد أنّ أوكرانيا ضعيفة وأن الغرب منقسم، لكنه كان مخطئا. وأشار البيت الأبيض إلى "التزام أمريكا الثابت بديمقراطية أوكرانيا وسيادتها وسلامة أراضيها". وفي محاولة لثني موسكو عن التصعيد العسكري، قال الرئيس الفرنسي نيكولا سركوزي أنّ الوقت الآن ليس مناسباً للتفاوض لأنّ روسيا اختارت الحرب، في إشارة إلى أنّ موسكو يجب أن تبقى معزولة إلى أن توقف عدوانها.

وفي ما يتعلّق بالصين، فقد صاغت بكّين تصوّراً رسمياً حول رؤيتها لتسوية سياسية للنزاع في أوكرانيا مشدّدة على أنّه ينبغي الوقوف ضدّ التهديد باستخدام الأسلحة النووية أو استخدامها، داعيةً إلى تجنّب الهجوم على المدنيين أو المنشآت المدنية. لكن الموقف الصيني يخضع للتشكيك المستمر من قبل القوى الغربية على اعتبار أنّ الفجوة بين الأقوال والأفعال كبيرة، حيث تستمر الصين في الامتناع عن التصويت ضد قرارات أمميّة تدين الغزو الروسي لأوكرانيا، فضلاً عن تكثيف الصين شراء النفط ومشتقّاته من روسيا خلال الحرب.

خلال مؤتمر ميونخ الأمني الذي عُقد في ألمانيا مؤخراً والذي يعتبر من أهم المنصّات العالمية لمناقشة القضايا الأمنيّة الشائكة، وجّه الاتحاد الأوروبي رسالة إلى روسيا مفادها أنّ الدعم العسكري لأوكرانيا سيتدفق مهما طال أمد الحرب. وهي رسالة تحمل في طيّاتها آمالاً بثني موسكو عن التفكير في المراهنة على عامل الوقت والانقسام داخل الجبهة الأوروبية.

تراهن روسيا وأنصارها على عامل الوقت لتحقيق الانتصار. ويرى هؤلاء أنّ التماسك الأوروبي لن يطول بسبب الاختلاف في المصالح والأولويات، فضلاً عن عدم قدرة المجتمعات الأوروبيّة على تحمّل الضغط لوقت طويل، علاوة على حقيقة أنّ روسيا ستبقى لاعباً مهما في مجال الطاقة، وهو ما سيضمن تدفق الأموال لها بطريقة او باخرى.
لكن في لعبة الوقت، لا يبدو الأمر محسوماً حتى هذه اللحظة. يعتقد بعض الغربيين أنّ الوقت لصالح التحالف الداعم لأوكرانيا على اعتبار أنّ هذا المُعسكر هو الأكثر عدداً وقوّة، وأنّه من السهولة بمكان إلحاق الهزيمة بروسيا لأنّها دولة واحدة في نهاية المطاف وتعاني من عزلة دولية. لكن إذا ما كان الأمر كذلك، فلماذا لا تزال الحرب قائمة على الرغم من مرور عام، ولماذا لا تزال روسيا داخل الأراضي الأوكرانية؟

 في المقابل، تراهن روسيا وأنصارها على عامل الوقت لتحقيق الانتصار. ويرى هؤلاء أنّ التماسك الأوروبي لن يطول بسبب الاختلاف في المصالح والأولويات، فضلاً عن عدم قدرة المجتمعات الأوروبيّة على تحمّل الضغط لوقت طويل، علاوة على حقيقة أنّ روسيا ستبقى لاعباً مهما في مجال الطاقة، وهو ما سيضمن تدفق الأموال لها بطريقة أو بأخرى. لكن إذا كان الأمر كذلك، فلماذا لم تتمكن موسكو من تحقيق أهدافها في أوكرانيا حتى هذه اللحظة، ألم يكن سوء التقدير حيال قدرات أوكرانيا ورد فعل الدول الأوروبية جزءاً من فشل حملتها العسكرية والخسائر الهائلة التي تكبدتها؟

ارتباط مسألة الوقت في هذا السياق بالكثير من العوامل المتحرّكة فضلاً عن نسبية مفهوم الانتصار والهزيمة لدى كلا الطرفين يجعل حسم التحليل في المراهنة على عامل الوقت لصالح أحد الطرفين أمراً غير ممكن في هذه اللحظة. فضلاً عن ذلك، وعلى الرغم من أنّ الولايات المتّحدة وعددا من الدول الأوروبية لا تريد لروسيا أن تنتصر في هذه المعركة، إلاّ أنّها لا تريد لروسيا أن تنهزم كذلك بشكل مُذل. وقد قيل هذا الكلام في كل من واشنطن وباريس على الأقل، ما يعني أنّ هناك أطرافا تريد توظيف عامل الوقت في دفع روسيا وأوكرانيا إلى التفاوض بدلاً من الحديث عن انتصار أو هزيمة.

لكن العقبة الوحيدة في مثل هذا السيناريو هي بقاء مساحات من شرق أوكرانيا تحت سيطرة الاحتلال الروسي. بقاء تلك المناطق تحت السيطرة الروسية سيقوّض من عزيمة أوكرانيا في الذهاب إلى التفاوض، لكنّ تقليص تلك المساحات من خلال هجوم عسكري مضاد سيشجّع الأوكرانيين على التفاوض وكذلك الأمر بالنسبة إلى الروس. ولعل هذا ما سيسعى إليه الجانب الأوكراني وداعموه خلال العام الثاني من الحرب.
التعليقات (2)
أبو فهمي
الثلاثاء، 28-02-2023 06:16 ص
تدمير روسيا أمر لا بد منه لأنه مفتاح """" تدمير """" الصين. الحكومة العالمية لها مخططاتها للسيطرة على العالم """"" كله """"" وليس على المتخلفين فقط. الروس والصينيين يعرفون ما تسعى اليه الحكومة العالمية ولم ولن يوافقوا على أن """" ليس الاطاحة بهما """" فقط وانما """"" ابادتهما """""" كليا!!!!!!!!. فلا رؤوس متعددة في العالم وانما """ رأس واحد """ فقط لاغير وتخفيض عدد السكان هو من أسس الحكومة العالمية التي أعلنوه بغير """ حياء """ في دافوس!!!.
سياسه
السبت، 25-02-2023 10:45 ص
الغرب يعيش على أحلام الماضي، فهزيمة الإتحاد السوفياتي كان في مكان وزمان آخر ام اليوم فهناك إختلاف كبير. فالروس يمتلكون اليوم أسلحة وتقنيات متطورة ويحاربون على حدود بلادهم وان كانت في الغالب خاصتا التقنية متخلفة على الغرب. لذالك هم ينافقون ، فبالطبع لم ولن يسبق لمستعمر ان انتصر إلا إذا سلموها أهلها، و ما افغنسان بكم من بعيد رغم تفوقكم في العتاد و العدد. فالروس لن ينتصروا، اذا نضرنا إلى الحرب من ناحية عاقل فهي هزيمة للجميع لا تخلف إلا دمارا وتخلف وفقر وقتلى ويتامى و أرامل. أما بالنسبة للهزيمة فلن يهزم الروس، ربما يتراجعون عن بعض المناطق، لأنهم يدركونا تماما ان الغرب سيجعل منهم المانيا الشرقية ويستولي على ثرواتهم التي لا تحصى ولا تعد و من أوكرانيا ألمانيا الغربية التى تبنى فيها قواعدهم ومصانعهم. قول مدفيدف، مستعدون إلى الذهاب حتى حدودي بلونيا اذا لزم الأمر، ليس بالمزح.