كتب

مصادر تمويل الحملات الصليبية في العصور الوسطى.. رأي تاريخي

كان لحركة الغزو الصليبية ركائز اقتصادية طورها الصليبيون طوال فترة وجودهم في الشرق
كان لحركة الغزو الصليبية ركائز اقتصادية طورها الصليبيون طوال فترة وجودهم في الشرق

كان لحركة الغزو الصليبية ركائز اقتصادية طورها الصليبيون طوال فترة وجودهم في الشرق، ولأهمية العنصر الاقتصادي في تكوين الدول واستمرار وجودها. صدرت دراسة اقتصادية مميزة عن الحروب الصليبية، تحت عنوان "مصادر تمويل الحملات الصليبية خلال الفترة (488 ـ 648 هـ/  1095 ـ 1250م)"، للدكتور سعد خليل الشعبيات، (ط1، عمان، الآن ناشرون وموزعون، 2021). 

والكتاب في الأصل هو عبارة عن أطروحته لنيل درجة الدكتوراه، أنجزها المؤلف تحت إشراف أ. د محمود الرويضي، الذي قال عن أهمية الكتاب في تقديمه: "يعد هذا الكتاب من الدراسات الاقتصادية المميزة عن الحروب الصليبية، فهو يتناول مصادر تمويلها في فترة العصور الوسطى، ضمن رؤية جديدة خارج إطار السرد التاريخي لأحداث تلك الفترة، وقد أبرزت الدراسة وجود تطور مستمر وكبير في أسلوب التمويل منذ بداية الوجود الصليبي في المنطقة العربية وحتى نهايته".

توجهت هذه الدراسة لدراسة بعض المظاهر الاقتصادية الصليبية في العصور الوسطى في أوروبا وما نجم عنها أثناء الوجود الصليبي في الشرق، وذلك في محاولة لخلق فكرة شاملة لدى القارئ عن أهم العناصر والمرتكزات الاقتصادية التي أبقت الوجود الصليبي خلال فترة الدراسة.

استعرض المؤلف في بداية الدراسة أهم المصادر الأجنبية والعربية التي اعتمد عليها، إذ تم نقدها نقداً يوضح للقارئ طبيعة هذه المعلومات وطرق الحصول عليها من قبل مؤرخيها، والفائدة التي حققتها للدراسة، مع إجراء عملية مقارنة بينها لبيان طرق نقل وتبادل معلوماتها بين مؤرخيها، والأسس والطرق التي اعتمدها كُتَّابها في تسجيل أحداثها.

قسمت الدراسة إلى خمسة فصول، تناول الفصل الأول المسمى "دور المؤسسة الكنسية في تمويل الحملات الصليبية"، ثلاثة مباحث رئيسية، المبحث الأول في "دور الكنيسة الغربية في تمويل الحملات الصليبية"، وعمليات التمويل التي أرسلتها الكنيسة من الغرب بناء على نداءات الاستغاثة من الصليبيين في الشرق، وتناول المبحث الثاني "دور الكنيسة اللاتينية الشرقية في تمويل الحملات الصليبية"، وجاء المبحث الثالث لبيان أهم المؤسسات الدينية التي نجمت عن سُلطة الكنيسة اللاتينية، والدور الاقتصادي الذي أداه هؤلاء في تمويل ودعم الوجود الصليبي في الشرق.

أما الفصل الثاني المسمى "دور أوروبا الغربية في تمويل الحملات الصليبية"، فقد أظهر الصورة الكاملة عن عمليات التمويل الصليبي من أوروبا الغربية، ودور كل مكون سياسي من مكوناتها في دعم وتمويل الصليبيين في الشرق من خلال خمسة مباحث. جاء المبحث الأول للحديث عن دور إيطاليا مهد الكنيسة اللاتينية في تمويل الصليبيين، وجاء المبحث الثاني لبيان الدور الذي لعبته أولى الدول الأوروبية الداعمة للحملات الصليبية وهي مملكة فرنسا، وجاء المبحث الثالث للحديث عن دور إنجلترا في تمويل الحملات الصليبية، وتناول المبحث الرابع دور ألمانيا (الإمبراطورية الرومانية المقدسة) في تمويل الحملات الصليبية، وجاء المبحث الخامس لتناول الدور الذي لعبته النمسا وهولندا والدنمارك والنرويج في تمويل الحملات الصليبية.

 

درس المؤلف الحروب الصليبية وفق مفاهيم اقتصادية، بينت الأسس والركائز الاقتصادية التي قامت على أساسها الإمارات الصليبية في أراضي الشرق الإسلامي، وساهمت في الحفاظ على تماسك القوة الصليبية لمدة تزيد على مئة وخمسين عامًا.

 



جاء الفصل الثالث المسمى "دور أوروبا الشرقية في تمويل الحملات الصليبية"، في أربعة مباحث، تناول الأول دور هينغاريا (المجر) في تمويل الحملات الصليبية، وجاء الثاني لبيان دور بلغاريا في تمويل الحملات، وتناول المبحث الثالث دور الإمبراطورية البيزنطية المتاخمة في الحدود للوجود الإسلامي في التمويل، وتناول المبحث الرابع إمدادات منطقة الأناضول للحملات الصليبية من خلال جميع مكوناتها.

أما الفصل الرابع المسمى "دور المدن التجارية الإيطالية وجزر البحر الأبيض المتوسط في تمويل الحملات الصليبية"، فقد تناول دور هذه المدن والجزر من خلال ستة مباحث، تناول المبحث الأول دور مدينة جنوا في تمويل الحملات الصليبية، وتناول المبحث الثاني دور مدينة بيزا، وجاء المبحث الثالث للبحث في الدور الذي لعبته مدينة البندقية، وتناول المبحث الرابع دور جزيرة صقلية، وجاء المبحث الخامس لبيان دور جزيرة قبرص، وتناول المبحث السادس باقي جزر البحر الأبيض المتوسط (رودس، كريت، سان نيكول، كورفو)، ودورها في عمليات التمويل.

تناول الفصل الخامس المسمى "مصادر تمويل الحملات الصليبية في الشرق الإسلامي"، دور المنطقة العربية في تمويل الصليبيين في الحملات القادمة من الغرب، أو التي شنتها الإمارات الصليبية في الشرق من خلال استعراض أبرز المدن التي مولت الصليبيين، سواء في فترات خضوعها للمسلمين أو للصليبيين وذلك من خلال أربعة مباحث، جاء المبحث الأول للحديث عن موارد مملكة بيت المقدس والإمارات الصليبية من المدن الشامية. 

وبسبب ضخامة المعلومات المتعلقة بالمورد الأبرز للوجود الصليبي في المنطقة العربية من المدن الشامية، وهو الغارات وما ينتج عنها من سبي ونهب ودفع للإتاوات، قام المؤلف بوضع جدول مستقل في نهاية المبحث يفصّل جميع عمليات التمويل الصليبي من هذه المناطق وما جاورها من القرى والأرياف، وهي مناطق أنطاكية والرها وحلب وحمص وحماة ودمشق والقدس ونابلس ومنطقة شرق الأردن وجنوب البحر الميت. وجاء المبحث الثاني لبيان دور موانئ الساحل الشامي في تمويل الحملات الصليبية سواء في فترات خضوعها للقوى الإسلامية أو للقوى الصليبية، وهي الإسكندرونة والسويدية واللاذقية وجبلة وبانياس وطرسوس وطرابلس وجبيل وبيروت وصيدا وصور وعكا وحيفا وقيسارية وأرسوف ويافا وعسقلان، وجاء المبحث الثالث لبيان دور مصر ومدن ساحل البحر الأحمر في تمويل الحملات الصليبية.

وفي نهاية المطاف، درس المؤلف الحروب الصليبية وفق مفاهيم اقتصادية، بينت الأسس والركائز الاقتصادية التي قامت على أساسها الإمارات الصليبية في أراضي الشرق الإسلامي، وساهمت في الحفاظ على تماسك القوة الصليبية لمدة تزيد على مئة وخمسين عامًا.

*كاتب وباحث فلسطيني


التعليقات (1)
آل الصفر
الخميس، 11-08-2022 09:39 م
أما الآن كل الحملات الصهيوصليبية يمولها آل الذل في الخليج و ببلاش !