الأحمر يزين شاشات البورصات العالمية واقتصاداتها المتراقصة على شفير الأزمة الكبرى القادمة عالميا، وكذلك الأحمر مرة أخرى يضع الترسيم
الحدودي بين
لبنان والعدو
الإسرائيلي في الواجهة، وربما قريبا جدا في المواجهة وبالأحمر!!
لا شيء أصدق من الوقائع في البلاد التي تغلي على صفيح ساخن، والكل يتنبأ على غرار المنجمين بأن الحرب واقعة واقعة لا محالة، فلا بشائر في لبنان عن ولادة حكومة، والفراغات المتتالية قادمة ومعها الكثير من الجدالات الدستورية والميثاقية والطائفية والمذهبية والبلاد كريشة في مهب الريح، بانتظار تسويات لم تتجل لليوم وعلى الأرجح لن تتجلى قريبا.
فلا الداخل الباحث عن حكومة سيجدها بميزان قوى يعمل على القطعة، ولا الإقليم من بغداد إلى دمشق وغزة وبيروت يكاد يستريح، ولا المفاوضات الدائرة منذ شهور بين القوى الكبرى وإيران متجهة إلى تنفيسه في مكان ما، خاصة بعد زيارة بايدن لإسرائيل وكلامه المتشدد بحق طهران ومتطلباتها، مضافا إلى ذلك الحديث المتأرجح للمفاوضات السعودية- الإيرانية الذي لا شك عنوانه الأول الريبة والخوف المتبادل والشك، بفعل ضغوطات الإقليم والحروب المتنقلة من جبهة إلى جبهة، وبكل الأشكال الدبلوماسية وغيرها.
لا بشائر في لبنان عن ولادة حكومة، والفراغات المتتالية قادمة ومعها الكثير من الجدالات الدستورية والميثاقية والطائفية والمذهبية والبلاد كريشة في مهب الريح، بانتظار تسويات لم تتجل لليوم وعلى الأرجح لن تتجلى قريبا
وفي هذا الجو المتشنج يحضر الترسيم بأبعاده الثلاثة؛ المحلية والإقليمية والدولية.
محليا، لا زالت الحوارات قائمة حول جنس الملائكة بكيفية مقاربة خط الحدود وأي خط يقبل هذا الفريق أو ذاك، علما أن كثيرا من الأوساط تؤكد أنه منذ العقوبات الأمريكية على رجل العهد الأول والمرشح الرئاسي المحتمل، الوزير السابق والنائب الحالي جبران باسيل، سوف تنعكس على عملية الترسيم خاصة بعد الطرح اللبناني المتقدم، الذي تجسد بمطالبة الجانب اللبناني بالمساحة التي تقع ضمن نطاق سيادته وحدوده البحرية الخالصة والتي تقارب 2300 كيلومتر مربع، وهذا ما تؤكّده الوثائق والخرائط التي يملكها لبنان، فيما الجانب الإسرائيلي يصرّ على أنّ المساحة المتنازع عليها لا تتجاوز 860 كيلومترا مربعا، من هنا كانت وساطة هوكشتاين، الموفد الأمريكي الجنسية الإسرائيلي الهوى، تمر بكل الخطوط للترسيم إلا الخط الذي يصبو إليه لبنان وإن بالحد الأدنى!!
أما إقليميا، فيبدو أن المقبول فعليا بلغة السياسة الإقليمية "المدوزنة" على عقارب مفاوضات متنقلة من عاصمة إلى عاصمة، يمر بمقاربات الإقليم وإن بالقالب اللبناني، ولكن الخشية أن تأتي رياح الإقليم قوية في قابل الأيام فتعصف بالستاتيكو اللبناني الحالي؛ مودية بالبلاد والعباد، وربما بدول كثيرة في المنطقة إلى حافة الهاوية.
دوليا، وفي زمن التضخم العالمي وزمن رفع أسعار الفائدة وزمن تهاوي العملات الوطنية وآخرها اليورو، وزمن النذر بالمجاعات القادمة، تُرى من ينقذ لبنان؟ علما أنه لم تنته الوساطة الأمريكية الأممية التي يقودها عاموس هوكشتين، لكنها تكاد تكون قرب النهاية بفعل التصلب الإسرائيلي الذي يريد أخذ كل شيء على عادته. ولكن من قال إن لبنان سيقبل بمعادلة الإسرائيلي القائمة "ما أقرره لي فهو لي، وما هو لكم هو لي ولكم"؟!!
وعليه، وحتّى اليوم، هناك إجماع لبناني وإن ظاهريا بأن الخط 29 هو الخط التفاوضي، على الرغم من أن الكلام غير واضح، فهل نكون أمام معادلة الاختيار بين حقلي كاريش وقانا؟ وربما هي المعادلة المقبولة لبنانيا عند كثير من الأطراف!!
من المؤكد أن حقل كاريش يتضمّن 1.3 تريليون متر مكعب من
الغاز، أما حقل قانا فلا شيء مؤكد حوله، على الرغم من الحديث عن أنه حقل واعد، وقد يخبّئ في مخزونه ما يشفي صدور الشعب المسكين وخزائن الدولة اللبنانية التي تعاني الأمرّين، وربما هي على شفير النموذج السريلانكي. ومن ثم، فإن على لبنان أن يمضي بالمفاوضات سريعا؛ لأننا لا نعرف ماذا يجري تحت البحر جيولوجيا، وإذا ما كانت هذه الحقول متداخلة بعضها مع بعض، وهذا ما يهدد بخسارة لبنان لهذه الثروة.
بعد كل الصراعات المتنوعة حول الغاز في العالم بفعل الأزمة الروسية الأوكرانية، وما خلفته مضافا إليها الرغبة الأوروبية- الأمريكية لإيجاد البدائل وتحديدا في حوض المتوسط، هل يصلح التعاطي القائم للراعي الأمريكي مع لبنان والمفاوض اللبناني بهذا الشكل؟
من الواضح أن ملف الترسيم أخذ الطرق الأكثر وعورة في ظل التصعيدات المتلاحقة التي لا تبشر بخرق يرضي الأطراف المتنازعة، مضافا إليها القمم المتلاحقة منذ أشهر في المنطقة وحولها. وعلى ما يبدو لا أرضية موحدة تجمع المختصمين
من الواضح أن ملف الترسيم ربما ذاهب لكي يعمّد بالدم، فبعد كلام أمين عام حزب الله بهذا الملف ليس كقبله، فالكلام واضح للصديق والعدو في آن بأنه لن يتمكن أحد من العمل في حقول النفط والغاز إذا مُنع لبنان من حقوقه في الاستخراج قبالة سواحله. وأضاف: نقول إن لم تعطونا حقوقنا والسماح للشركات بالعمل، فنحن ذاهبون لقلب الطاولة في المنطقة، وإذا بدكم توصلوا لمعادلة أن هذه البلد (لبنان) ممنوع من استنقاذ نفسه، لن يستطيع أحد أن يستخرج غازا ونفطا، ولن يستطيع أحد أن يبيع غازا ونفطا.
وعليه، أصبحنا أمام معادلات لبنانية في مقابل معادلات إسرائيلية واضحة ليس لها مساحة مشتركة، إلا أن الحرب القادمة باتت على الأبواب.
من الواضح أن ملف الترسيم أخذ الطرق الأكثر وعورة في ظل التصعيدات المتلاحقة التي لا تبشر بخرق يرضي الأطراف المتنازعة، مضافا إليها القمم المتلاحقة منذ أشهر في المنطقة وحولها. وعلى ما يبدو لا أرضية موحدة تجمع المختصمين.
كنا سألنا عبر "عربي21" في مقالة نشرت 13 نوفمبر 2020 وعنوانها "
لبنان على أبواب الحرب القادمة.. هل يعمد الترسيم بالدم؟"، ويبدو أن كل موجبات المقالة السابقة حاضرة وبقوة، خاصة بعد الحرب الروسية- الأوكرانية. وعليه، هل يأتي الترسيم على الخطوط البحرية باللون الأحمر؟
[email protected]