قضايا وآراء

أوكرانيا ومغزى تكرار التلويح بالخيار النووي

حازم عياد
1300x600
1300x600

حذر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف من أن خطر الحرب النووية قائم في ظل الأزمة الأوكرانية وتفاعلاتها اليومية؛ في المقابل فإن وزير الدفاع البريطاني بن والاس حذر روسيا والرئيس بوتين بالقول: إن بريطانيا تملك الأسلحة النووية و"بعض الصواريخ موجودٌ تحت الماء" في إشارة إلى الغواصات النووية، مؤكّداً أنّ "البحرية البريطانية مستعدّةٌ لإطلاق أسلحةٍ نوويةٍ إذا لزم الأمر".

وأضاف: أنّ "على روسيا أن لا تنسى ذلك، فهو أهم وأقوى رادعٍ بالنسبة إلى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين"، على حدّ تعبيره. 

تحذيرات وزير الخارجية الروسي وردود وزير الدفاع البريطاني سبقها تحذيرات السفير الروسي في واشنطن أناتولي أنطونوف من مخاطر التصعيد الأمريكية ومضاعفة الدعم الغربي والأمريكي لأوكرانيا بالسلاح؛ مؤكدا أن بلاده ستستهدف القوافل الغربية المحملة بالسلاح ومنشآت التخزين.

روسيا تأخذ بشكل جدي الإعلانات المتكررة للولايات المتحدة بضرورة زيادة الدعم العسكري لأوكرانيا؛ التي كان آخرها الإعلان عن تقديم 800 مليون دولار جديدة من السلاح لتنضم إلى مساعدات سابقة بلغت قيمتها مليار و650 مليون دولار؛ فضلا عن 750 مليون دولار أعلن عنها مؤخرا كمساعدات إنسانية تقدمها الولايات المتحدة لأوكرانيا والدول المجاورة لها.

التحذيرات الروسية باندلاع مواجهة نووية تزامن مع انطلاق أعمال الاجتماع الطارئ الذي دعا إليه وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستين في قاعدة "رامشتاين" الجوية الأمريكية في ألمانيا تحت اسم "مجموعة الاتصال للدفاع عن أوكرانيا" بهدف زيادة الدعم العسكري لأوكرانيا ليشمل أسلحة ثقيلة.

الاجتماع المنعقد في ألمانيا أكد فيه أوستين أمام ممثلي أربعين دولة أن "أوكرانيا يمكن أن تنتصر على روسيا" فواشنطن تعول على الحسم العسكري واستنزاف روسيا ولا تعول على المفاوضات بين موسكو وكييف التي زارها لويد أوستين برفقة و زير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن قبيل القمة في برلين؛ ليلتقيا الرئيس الأوكراني زيلينسكي وليعلنا في الآن ذاته عن عودة الدبلوماسيين الأمريكان للعمل في مقر بعثة السفارة الأمريكية في كييف.

 

روسيا لن تقبل بالهزيمة أو أن يتحول الدعم الأمريكي لأوكرانيا إلى تدخل مباشر سواء عبر دول الجوار على رأسها بولندا أو عبر قوات الناتو؛ فالتصعيد الأمريكي سيقابل بتصعيد روسي من الممكن أن تنزلق فيه الأمور إلى حرب نووية.

 



تصريحات وإجراءات استفزازية سارع الرئيس الروسي بوتين للرد عليها في خطاب له أمام المجلس التشريعي في الدوما (الجمعية الفدرالية الروسية) المنعقد في بطرسبورغ صباح الأربعاء 27 من نيسان / أبريل بالقول: إذا ما أراد أحد من الخارج أن يتدخل بالوضع في أوكرانيا ويخلق تهديدا استراتيجيا غير مقبول، فردنا سيكون صاعقا، وجميع القرارات بهذا الشأن قد اتخذت".

مضيفا القول: "نمتلك كل الإمكانيات لمثل هذا الرد.. وأدوات لا يمكن أن يتباهى أحد بامتلاكها.. لكننا لن نتباهى بها بل سنستخدمها".

تصريحات بوتين جاءت بعد ساعات من تحذيرات وزير الدفاع البريطاني لبوتين؛ فروسيا لن تعبأ كثير بقدرة الردع البريطانية والتي تعهدت خلالها بالدفاع عن دول الحلف خصوصا بولندا؛ التي باتت مرشحة للتورط مباشرة في الصراع في حال طالت عمليات القصف الروسي خطوط الإمداد داخل الأراضي البولندية أو استهداف بعمليات خاصة من قبل الوحدات الروسية المحمولة جوا.

روسيا وعلى لسان يوتين في بطرسبيرغ لن تهزم في أوكرانيا وستنتصر وهو الرد المباشر لبوتين على تصريحات لويد أوستين؛ ما يعني ان الصراع في أوكرانيا بات مرشحا لجولة تصعيد خطيرة تتطاير شررها إلى الدول المجاورة؛ لتختبر فيها القوى النووية حدود الردع وهو تصعيد خطير بات أقرب للمقامرة منه للحسابات الاستراتيجية الدقيقة؛ فهل تنجح روسيا في مواجهة التحدي الجديد لحلف الناتو أم أنها ستقبل بالمعادلة الجديدة التي أعلن عنها أوستين والممثلة بزيادة الدعم وانخراط الناتو في أوكرانيا؟
 
ختاما .. روسيا وعلى لسان أرفع مسؤول فيها فلاديمير بوتين هددت برد صاعق يتضمن استخدام الأسلحة النووية؛ فروسيا لن تقبل بالهزيمة أو أن يتحول الدعم الأمريكي لأوكرانيا إلى تدخل مباشر سواء عبر دول الجوار على رأسها بولندا أو عبر قوات الناتو؛ فالتصعيد الأمريكي سيقابل بتصعيد روسي من الممكن أن تنزلق فيه الأمور إلى حرب نووية.

هاجس سيدفع الأطراف المتصارعة عاجلا أم آجلا للبحث عن مخرج ومعادلة سياسية تقيها الانزلاق في أتون حرب نووية؛ وفي الآن ذاته تصل في الحرب الأوكرانية إلى أقصى مدى لها عسكريا وسياسيا؛ فمعادلة الصراع في أوكرانيا باتت مقامرة خطرة في ظل الحضور المستمر للخيار النووي.

hazem ayyad
@hma36


التعليقات (1)
الكاتب المقدام
الجمعة، 29-04-2022 03:40 ص
*** الحرب الروسية الأوكرانية الحالية، ينبغي معرفة أسبابها لفهم مآلاتها، فالوصف الأدق لها هو أنها حرب بوتين وليست حرب روسيا، فمجرم الحرب بوتين هو الذي خطط لها واتخذ قرارها وأشعل نارها لأهداف ذاتية تخصه وحده، ولا تحقق لروسيا وشعبها أي مكاسب استراتيجية قريبة أو بعيدة المدى، وبغض النظر عن نتائجها، ففي كل الأحوال سيدفع الشعب الروسي ثمناُ فادحاُ لها، فقد تمكن بوتين خلال عقود من وجوده في قمة السلطة في روسيا ما بعد الاتحاد السوفيتي المنحل، وبعد انهيار حلف وارسو، في جمع كل السلطات في يده، بعد أن قام بتنحية كل معارضيه داخل الحكومة، ففقدت الحكومة الروسية بذلك خبرات أفضل وأخلص مخططيها الوطنيين، ولم يبق في حكومة بوتين إلا مجموعة من الانتهازيين الفاشلين المستفيدين من فساد بوتين، الذي بنى شبكة من المصالح في الخارج لتهريب الأموال المنهوبة من خلالها، ولتفشي ذلك الفساد والاستبداد بشئون الحكم، فقد فشلت روسيا ما بعد الاتحاد السوفيتي خلال ثلاثة عقود في بناء الدولة المتقدمة التي كان يحلم بها الروس، وهبطت إلى مستوى بلدان العالم الثالث المتخلفة، وتصاعد التذمر الشعبي ضد فساد بوتين وفشله الداخلي، فوجد بوتين أن سبيله الوحيد للخروج من مأزق فشله، وليتمكن من قمع المعارضة الشعبية لحكمه الفاسد، أن يزج بروسيا في أتون حرب لن تحقق للروس أي مصلحة، وذلك ليتمكن تحت شعار لا صوت يعلو فوق صوت المعركة من إيجاد المبررات لوصم معارضيه بالخيانة الوطنية لسحقهم، وتدهور أحوال روسيا من جراء تلك الحرب أمر مؤكد، وللتحالف الغربي الداعم لأوكرانيا خيارات عديدة للتصعيد تزيد عن تلك المتوفرة لبوتين المستميت على بقاءه في الحكم والمحاصر في الداخل والخارج، ولعل ذلك يكون في صالح شعوبنا العربية التي عانت من إجرام بوتين في دعمه في سوريا للمجرم الطائفي بشار، ولمجرم الحرب حفتر في ليبيا، وللجنرال المنقلب في مصر السيسي، والله أعلم.