أفكَار

"العدالة والتنمية" المغربي.. جرد عشر سنوات من تدبير الحكم

محمد يتيم: هكذا نجا إسلاميو المغرب من موجات الخريف العربي  (العدالة والتنمية)
محمد يتيم: هكذا نجا إسلاميو المغرب من موجات الخريف العربي (العدالة والتنمية)

تكاد تكون تجربة حزب العدالة والتنمية في المغرب تجربة فريدة في المنطقة العربية في ظل ما سمي بـ "الخريف العربي"، الذي عرفته المنطقة بعد اصطدامها بما سمي بـ "قوى الثورة المضادة" بما في ذلك بعض التجارب المتقدمة، مثل التجربة التونسية التي نجح فرقاؤها في صياغة مشروع سياسي ديمقراطي من خلال توافقات صعبة حول دستور جديد.


لم يسلم المغرب من تداعيات الخريف العربي ولكن تداعياته كانت أقل، إذ استطاعت تجربة مشاركة "الإسلاميين" الصمود في وجه الاستهداف الذي قادته بعض القوى الإقليمية، وذلك من خلال مواصلة قيادة الحكومة سواء خلال التجربة الأولى تحت رئاسة الأستاذ عبد الإله بن كيران، أو الثانية بقيادة الدكتور سعد الدين العثماني.
 
لقد تعرضت التجربة الحكومية الأولى لأول امتحان حين قام حزب الاستقلال بحملة "معارضة" للحكومة، وأطلق زعيمه المثير للجدل انتقادات حادة وصلت إلى درجة اتهام الحزب الذي يقودها بـ "التخابر" و"العمالة" لجهة أجنبية. واستمر هذا التحامل إلى درجة دعوة وزراء حزب الاستقلال للخروج من الحكومة، وهي الدعوة التي سيتم ترسيمها من خلال قرار للمجلس الوطني للحزب، الذي بدا أنه كان تحت سيطرة أنصار حميد شباط.

سيدفع هذا إلى إعادة تشكيل أغلبية جديدة من خلال انضمام حزب الأحرار للأغلبية الحكومية، وقد كان أحد أركان تحالف G8 وهو التحالف السياسي الذي بدا أنه كان تحضيرا لقطع الطريق على حزب العدالة والتنمية في انتخابات 2011، لكن رياح الربيع الديمقراطي المغربي جرت على عكس أمنيات التحالف المذكور.


إصلاحات غير مسبوقة 

في ظل هذه السياقات المطبوعة بسياق "خريف ديمقراطي"، استطاع حزب العدالة والتنمية كسب استحقاقين انتخابيين متتاليين، والأكثر أنه قد استطاع تحقيق عدد من المكتسبات وحصيلة متميزة في عشر سنوات من التدبير الحكومي، يمكن تلخيص عناوينها الكبرى فيما يلي:

ـ تقديم عرض منسجم مع ثوابت الأمة ومنسجم مع تطلعات المجتمع إلى الإصلاح في نطاق الاستقرار.

ـ إنعاش الحياة السياسة بإدماج فئات جديدة في الحياة السياسة.

ـ الإسهام في إضفاء المعنى على المشاركة السياسية والإسهام بشكل مقدر في إعادة الثقة في العمل السياسي.
 
ـ قدم الحزب نموذجا متميزا في استقلالية القرار الحزبي، حيث كانت الكلمة دوما للمؤسسات الحزبية في بلورة التوجهات والقرارات، ومن ثم أسهم بشكل مقدر في ترشيد الممارسة الحزبية الديمقراطية. 

ـ الإسهام في ترشيد تدبير الشأن العمومي وعقلنته من خلال نموذج جديد من المسؤول عن الشأن العام، فضلا عن نظافة اليد والبعد عن شبه وممارسات الفساد، وتقديم نموذج قريب من المجتمع وأوساطه الدنيا والمتوسطة.

 

ـ مباشرة إصلاحات هيكلية كبرى وغير مسبوقة من قبيل إصلاح منظومة العدالة، و التحكم في الدين العمومي في مستوى معقول، ودعم التحكم في التوازنات الماكرواقتصادية.
 
ـ تحقيق تقدم غير مسبوق في حجم الاستثمار العمومي.
 
ـ إصلاح صندوق المقاصة وتقليص نفقاته في أفق بناء نظام للدعم الاجتماعي، يقوم على أساس الاستهداف ويقلص من نفقاته التي يذهب حجم كبير منه إلى شركات استيراد المحروقات وترويجها، وإلى فئات اجتماعية ميسورة.
 
ـ تحقيق تقدم كبير جدا وتحسين مناخ الأعمال وفي ترتيب المغرب والاقتراب من الانضمام إلى نادي الخمسين دولة المتقدمة في مناخ الأعمال.

ـ وضع استراتيجية وطنية لمكافحة الفساد، وتقدم في مؤشر إدراك الفساد، بالرغم من الطابع المركب للفساد وتجذره.
 
ـ التقدم في مجال الإصلاح الإداري من خلال إخراج مرسوم اللاتركيز الإداري الذي لم تنجح أي حكومة سابقة في الاقتراب منه، على الرغم من الدعوات المتكررة للعاهل المغربي من أجل إخراحه؛ فضلا عن تبسيط المساطر وتأمين استمرارية المرفق العمومي.
 
ـ إنجاز إصلاحات اجتماعية غير مسبوقة نوعيا وكميا من قبيل تعميم نظام المساعدة الطبية وعدد من برامج الدعم الاجتماعي من قبيل دعم الأرامل، الأشخاص في وضعية إعاقة، فضلا عن تفعيل برنامح مكافحة الفوارق المجالية.
 
ـ الرفع من القدرة الشرائية للشغيلة المغربية، من خلال الزيادة في الأجور والتعويضات العائلية والزيادة في الحد الأدنى للأجر بما لزم ذلك من إعداد للتكلفة المالية اللازمة، علما أن الحكومة الأولى هي التي تحملت الكلفة المالية لاتفاق 2011 أي الذي أبرم في عهد حكومة عباس الفاسي، فضلا عن تحملات اتفاق 25 نيسان (أبريل) 2018 التي ستبلغ في مجموعها حوالي27 مليار.

ـ الإشراف على برنامج الدعم الاجتماعي للمتضررين من الجائحة، الذي شمل فئات عريضة من الفئات المتضررة، فضلا عن برامج لدعم المقاولة في أفق الإقلاع الاقتصادي.

ثم، أخيرا، الإسهام في إطلاق مشروع التغطية الاجتماعية الشاملة الذي سيبدأ بتعميم التغطية الصحية، قبل أن يمتد ليشمل تعميم التعويض عن فقدان الشغل، ثم تعميم المعاش للفئات الاجتماعية التي لا تخضع لأي نظام من أنظمة الحماية الاجتماعية.

خلاصة 


من خلال هذا الجرد السريع لمراحل تطور الأداء السياسي لحزب العدالة والتنمية، يتضح أنه كان فاعلا حزبيا حقيقيا مستقلا ومؤثرا في تطور الحياة السياسية المغربية، وأنه الحزب الأول من ناحية الفعالية التنظيمية والسياسية والنضالية وقدرته العالية على التأقلم مع الوضعيات والاستجابة للتحديات، وأن تدبيره للشأن العام بالرغم مما يلابسه من صعوبات وإكراهات، فإنه يبقى رقما سياسيا صعبا في المعادلة السياسية المغربية، وأن تجربته في التدبير سواء خلال الولاية الحكومية الأولى أو الثانية، كانت ناجحة بالمقاييس السياسية وبمعايير قياس الأثر الإصلاحي، دون أن يعني ذلك أنها تتصف بالكمال، فلا كمال في العمل البشري ناهيك عن العمل السياسي.
 
ومما يشهد لذلك، إقدام منافسيه على التواطؤ على تعديلات في النظام الانتخابي، تمس بالجوهر الديمقراطي للعملية الانتخابية باعتماد قاسم انتخابي على أساس المسجلين، وإلغاء العتبة في الانتخابات المحلية.

 

اقرأ أيضا: محمد يتيم: هذه جذور إسلاميي المغرب التاريخية والسياسية

 

اقرأ أيضا: قصة إسلاميي المغرب والعبور من المساندة النقدية إلى المعارضة

 

اقرأ أيضا: محمد يتيم: هكذا واجه إسلاميو المغرب سياسة الاستهداف

 

اقرأ أيضا: كيف أدار إسلاميو المغرب الحكم لفترتين متتاليتين؟ وزير يجيب

 

اقرأ أيضا: كيف تعامل إسلاميو المغرب مع "البلوكاج"؟ رؤية محمد يتيم










التعليقات (0)

خبر عاجل