هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
احتفى النظام المصري على نطاق واسع بدوره في التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة بين فصائل المقاومة الفلسطينية وقوات الاحتلال الإسرائيلي بعد 11 يوما من العدوان الذي خلف مئات الشهداء والمصابين.
ودخل الاتفاق حيز التنفيذ عند الساعة الثانية من فجر الجمعة، وعمت الاحتفالات قطاع غزة والضفة الغربية والقدس، ابتهاجا بانتصار المقاومة التي تمكنت لأول مرة من قصف أبعد نقطة في الأراضي المحتلة برشقات صاروخية طويلة المدى.
وقالت السلطات المصرية في بيان؛ إنها ستقوم بإيفاد وفدين أمنيين إلى تل أبيب والمناطق الفلسطينية لمتابعة إجراءات التنفيذ والاتفاق على الإجراءات اللاحقة، التي من شأنها الحفاظ على استقرار الأوضاع بصورة دائمة.
ولم يكن النظام المصري ولا إعلامه، الذي طالما هاجم المقاومة الفلسطينية على مدى سنوات ودعا إلى إنهاء دورها، أقل سعادة بنجاح جهوده في إقناع المقاومة بوقف إطلاق النار بعد سنوات من تهميش القضية الفلسطينية وتراجع الدور المصري بشكل واضح.
دخول مصر على خط الأزمة ساعد في حدوث أول اتصال هاتفي بين الرئيس الأمريكي جو بايدن وقائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي، الذي تركز في مجمله على الجهود المبذولة من أجل "وقف العنف والتصعيد في ظل التطورات الأخيرة"، بحسب بيان الرئاسة المصرية.
وانتشى نظام السيسي عبر مؤسساته الرسمية وأذرعه الإعلامية بالإشادات العربية والإقليمية والدولية بعد نجاح جهوده في استعادة الهدوء لقطاع غزة، واعتبر أنها تعبر عن الدور المحوري والريادي المصري لتحقيق الاستقرار في المنطقة.
تغير تكتيكي
في السياق، قال رئيس المكتب السياسي للمجلس الثوري المصري، عمرو عادل؛ "إن أي تقييم لمسار إجرائي لا يمكن فصله عن الثوابت التي ترسخت في بنية الأنظمة السياسية، والثابت أن النظام المصري منذ 2013 أخذ اتجاها استراتيجيا بالتعاون مع الصهاينة غير مسبوق، وحدد النظام المصري العدو وهو المقاومة بشكل عام والمقاومة الفلسطينية بشكل خاص".
وأضاف لـ"عربي21": "ولذلك، أرى أن الموقف الحالي للنظام المصري هو موقف تكتيكي تحت الخط الاستراتيجي نفسه، وهو معاداة المقاومة الفلسطينية والتحالف مع الكيان الصهيوني، وقد فوجئ الجميع بما حدث والانتصار الاستراتيجي للمقاومة وتفاعل شعوب العالم معها، لذلك كان يجب العودة خطوة للخلف لنموذج ما قبل الثورات العربية، ولا يوجد نظام يمكنه تقديم ذلك النموذج إلا مصر لعدة أسباب".
واستدرك: "لكن، لا ينبغي أن نعتبر ذلك تغييرا استراتيجيّا في الموقف المصري؛ ولكنه تغيير تكتيكي للحفاظ على المسار الاستراتيجي، وهو تدمير المقاومة والتقليل من انتصاراتها، والبحث عن وسائل أخرى لاختراقها، مع الاستمرار في المحور المتصهين في المنطقة مع تغيير الأدوار وترتيبها".
ورقة التوت
من جهته، رأى البرلماني المصري السابق، محمد عماد صابر، أن "نظام السيسي كان يحتاج إلى ورقة وقف اطلاق النار، التي سبقها محاولة تهدئة الشارع المصري من جهة، وتجميل وجه السيسي وأجهزته، ومحاولة ترميمها بعد مواقفه المخزية من القضية الفلسطينية".
وأضاف لـ"عربي21": "دخول نظام السيسي على الخط هو محاولة لإٕثبات الذات بعد سنوات من تهميش صهاينة العرب للدور المصري، والقفز على الدور الوظيفي الذي عاشت به دولة مبارك؛ باعتبارها ضامنة للأمن والاستقرار في المنطقة".
واعتبر صابر أن التغير في الموقف المصري "هو نتيجة مثابرة المقاومة الفلسطينية، ونجاحها في فرض معادلة جديدة على أرض الواقع، كما أن النظام المصري يسعى إلى إيجاد موضع قدم في خريطة الشرق الأوسط الجديد بناء على ما سبق من تطورات".
المقاومة.. وإملاءاتها
الاحتفاء المصري بوقف إطلاق النار من وجهة نظر المتحدث باسم حزب الأصالة، حاتم أبو زيد، هو فرصة سانحة لتبييض وجه نظام السيسي داخليا، وإظهاره بالمناصر للفلسطينيين، وهذا بدا واضحا بصورة كبيرة عبر لجانه الإلكترونية والإعلامية، لكن يجب أن نؤكد هنا أنه تدخل لإنقاذ إسرائيل وصديقة نتنياهو من معرة الهزيمة أمام المقاومة".
وأوضح لـ"عربي21": "أما المكسب الآخر؛ أنه حظي بمحادثة من الرئيس الأمريكي بعد خمسة أشهر من الاهمال المتعمد من جو بايدن له، وعليه أن يشكر المقاومة على ذلك، والإسلام السياسي الذي أعاده للواجهة مرة أخرى، نتيجة فعلهم المقاوم غير المفرط في الحقوق".
وختم أبو زيد حديثه بالقول: "لا بد أن نذكر أن نظام السيسي أهمل أمر الأحداث الأخيرة في بدايتها، حين جرت محاولات طرد أهل حي الشيخ جراح، وكذلك اعتداءات الصهاينة على المسجد الأقصى، وما جعله يهتم بالأحداث هو صواريخ المقاومة التي بدأت تسقط على إسرائيل".
ودشن مؤيدو السيسي وسما تحت عنوان #السيسي_ينقذ_أهل_غزة، شارك فيه مشاهير ونجوم مصريين، وانهالوا عليه بعبارات الثناء والمديح، بل وطالب البعض بمنحه جائزة "نوبل" للسلام، لدوره في التوصل إلى هدنة بين الفلسطينيين وقوات الاحتلال.
— Nashwa nour 🇪🇬 𓋹 𓂀 (@medomee5) May 21, 2021