اقتصاد عربي

ما سر تجديد السيسي لمحافظ البنك المركزي المصري؟

خبراء: التجديد لعامر يخدم أهداف النظام في تسهيل خروج أموال كبار المسؤولين المتورطين في الفساد- فيسبوك/الرئاسة المصرية
خبراء: التجديد لعامر يخدم أهداف النظام في تسهيل خروج أموال كبار المسؤولين المتورطين في الفساد- فيسبوك/الرئاسة المصرية

أثار قرار رئيس سلطة الانقلاب في مصر عبد الفتاح السيسي، التجديد لمحافظ البنك المركزي المصري، طارق عامر، لمدة أربع سنوات مقبلة، تساؤلات في الأوساط الاقتصادية المصرية حول الدور الذي سيلعبه الأخير خلال الفترة المقبلة.

 

وانتقد مختصون قرار التجديد عامر، مؤكدين أنه يخدم أهداف النظام في ما يتعلق بالحصول على المزيد من القروض، وتسهيل خروج أموال كبار المسؤولين المتورطين في قضايا الفساد.

 

وكان السيسي أصدر الاثنين الماضي، قرارا جمهوريا بالتجديد لعامر، ليغلق بذلك الباب أمام تكهنات خرجت من مقربين للنظام بأن عامر مرشح لرئاسة الحكومة التي تنتظر الإعلان عن تغييرات جوهرية في تشكيلتها خلال الساعات المقبلة.


من جانبه مرر البنك المركزي بيانا صحفيا، عن أسباب القرار الجمهوري للتجديد لعامر، والتي جاء في مقدمتها كفاءته في إدارة تحرير سعر الصرف، الذي كان أحد شروط صندوق البنك الدولي، لإقراض مصر 12 مليار دولار على دفعات لمدة عامين انتهت في أيلول/ سبتمبر الماضي.


وحسب البيان، فإن عامر استطاع خلال رئاسته للبنك المركزي، رفع معدلات الائتمان الخاص، بمعدل نمو 12.6% مقابل 7.8% قبل عامين، وارتفعت أصول القطاع المصرفي، الذي يشارك بنحو 89.8% من إجمالي أصول النظام المالي، بنسبة نمو 12.7%، في العامين الماضيين.

 

اقرأ أيضا: هكذا علق طارق عامر على قرار السيسي بالتجديد له (فيديو)

تسهيل التهريب


من جانبه يؤكد رئيس قسم الدراسات الاقتصادية بأكاديمية العلاقات الدولية في تركيا، وأستاذ الاقتصاد السابق بجامعة الأزهر، الدكتور أحمد ذكر الله، لـ "عربي21"، أن التجديد لطارق عامر، له العديد من الأسباب التي ليس من بينها كفاءته في إدارة السياسة النقدية، موضحا أن الموضوع له أهداف سياسية، وأخرى مرتبطة بترتيبات متعلقة بالنظام الحاكم نفسه.


ويشير ذكر الله، أن الاحتياطي الأجنبي وصل في نهاية حكم حسني مبارك، إلى 36 مليار دولار، وخلال عام ونصف تولى فيها المجلس العسكري الحكم، انخفض إلى 15.5 مليار دولار، ما يعني أنه تم تهريب ما يقرب من 20 مليار دولار للخارج خلال تلك الفترة، على يد فاروق العقدة محافظ البنك وقتها.


ووفق ذكر الله، فإن طارق عامر يقوم الآن بنفس الدور الذي كان يقوم به فاروق العقدة مع رجال مبارك، حيث يقوم عامر بتسهيل خروج أموال المتربحين الجدد، والمتورطين في قضايا فساد، نتيجة الاحتكار الذي تقوم به المؤسسة العسكرية لكل الشأن الاقتصادي بمصر حاليا.


ويوضح أستاذ الدراسات الاقتصادية، أن إدارة المصروفات في المشروعات التي كان يقوم بها الجيش، لم تكن معروفة، حتى ظهرت فديوهات المقاول محمد علي، الذي كشف ما يجري داخل هذا المطبخ، وأن 60% من تكلفة أي مشروع تذهب مباشرة لكبار القيادات، الذين يديرون مع السيسي المنظومة الاقتصادية والسياسية، بمعنى أن المشروع الذي يتكلف مليون دولار، يذهب 600 ألف منه مباشرة عمولات وسمسرة للقيادات والمقربين، ولأنهم لن يستطيعوا الاحتفاظ بعمولاتهم المليارية داخل مصر، فإن دور طارق عامر هو تسهيل خروج هذه الأموال للخارج عن طريق البنك المركزي.

 

اقرأ أيضا: لهذه الأسباب تكبد "المركزي المصري" خسائر33 مليار جنيه في 2018

ويضيف ذكر الله: "معروف عن عامر ولاؤه المطلق للنظام، منذ أن كان رئيسا للبنك الأهلي، فهو لا يعرف كلمة لا، ويعتبر توجهات النظام أوامر يجب تنفيذها، ولذلك تم التغاضي عن فضائح الفساد التي كشفها النائب محمد فؤاد عن المجموعة الاقتصادية التي تديرها زوجته، وزيرة الاستثمار السابقة.


ولا ينكر الخبير الاقتصادي أن الدور الذي لعبه عامر في تحرير سعر الصرف، والتسهيلات والضمانات التي قدمها للبنوك الأجنبية لحصول النظام على القروض بشكل مخيف، أحد أسباب التجديد له، خاصة أنه يتمتع بسمعة جيدة في المؤسسات المالية الدولية، وهو ما ساعد النظام في الحصول على قروض من جميع الاتجاهات، ما قفز بديون مصر من 40 مليار دولار في 2011، إلى 110 مليارات دولار في آخر تقرير للبنك المركزي، وهو الرقم المرشح ليكون 120 مليار دولار، نتيجة القروض الأخيرة التي حصل عليها السيسي.


تخريب الاقتصاد


وبحسب عضو البرلمان المصري السابق عزب مصطفى، فإن السيسي قام بتغيير كل القيادات العسكرية والحكومية والأمنية التي يمكن أن تهدده، وفي المقابل حافظ على عدد محدود من القيادات التي تدعم توجهاته دون أي نقاش، ولذلك لم يكن غريبا أن يتم التجديد لعامر لأربع سنوات مقبلة.


ويقول مصطفى الذي انضم للجنة الاقتصادية ببرلمان الثورة لـ"عربي21"، إن كل السياسات النقدية التي قام بها رئيس البنك المركزي، طوال الأعوام الماضية، تمثل كارثة اقتصادية واجتماعية على الشعب المصري، وفي ظل غياب الرقابة البرلمانية ورقابة الجهاز المركزي للمحاسبات، فإن البنك المركزي تحول لمنصة رسمية لتهريب الأموال وتخريب الاقتصاد المصري.


ويؤكد البرلماني السابق، أن الإبقاء على عامر في البنك المركزي، والإبقاء على رئيس الحكومة الحالي، يتناغم مع سياسة السيسي بعدم الاعتماد على أي كفاءات في أي مجال، في ظل العشوائية والفساد والمحسوبية التي يدير بها شؤون الحكم منذ انقلابه على الرئيس الراحل محمد مرسي.

التعليقات (1)
مصري
الأربعاء، 27-11-2019 09:01 ص
بالتأكيد طارق عامر علي علم تام بكل حسابات السيسي المسروقه و المهربه في الخارج ، و السيسي لايريد ان يكون هناك الكثيرين ممن يعرفون اسراره القذرة و لذلك فطارق عامر مستمر في منصبه حتي نهاية حياته و الله وحده يعلم كيف ستكون النهاية ؟؟؟