هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
استبعد خبراء اقتصاد ومحللون ماليون، أن تنعكس نسبة النمو الاقتصادي في مصر البالغة 5.3 في المئة، بالإيجاب على المصريين.
وتوقعوا زيادة معدلات الفقر في مصر، رغم إعلان حكومة رئيس سلطة الانقلاب عبد الفتاح السيسي، عن ارتفاع معدلات النمو، مرجعين ذلك إلى عدم استدامتها من ناحية، وعدم اقترانها بسياسات اجتماعية للفئات الأكثر هشاشة ( وهي الشريحة الأكبر من الشعب المصري) من ناحية أخرى.
وقال مركز "كارينغي للشرق الأوسط" في بحث نشره مؤخرا تحت عنوان "آلام متعاظمة" إن النمو في مصر ليس شاملاً ولامستداماً، مضيفا: "واقع الحال هو أن معظم المصريين يشعرون بوطأة الارتفاع الشديد في الأسعار وتدنّي المداخيل".
وتابع: "يُعرَف عن مصر تاريخياً تسجيلها معدلات مرتفعة من النمو الاقتصادي، تترافق مع توزيع سيئ لثمار النمو".
وانتقد "كارينغي"، هشاشة برنامج الحماية الاجتماعية قائلا: "بلغت النفقات المصرية على الحماية الاجتماعية وشبكات الأمان، عند احتسابها كنسبة مئوية من الناتج المحلي الإجمالي، معدلاً أقل من المعدلات الإقليمية والعالمية في العام 2016".
وشكك في نسبة الفقر التي تعلنها الحكومة المصرية قائلا: "يُشير الخبراء في الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء التابع للحكومة، إلى أنه ربما ارتفع معدل الفقر إلى 35 في المئة في العام 2017، بعدما كان 27.8 في المئة في العام 2015، قبل بدء برنامج صندوق النقد الدولي، لكن بما أن التقييم كان أوّلياً، قد يكون مستوى الفقر أعلى".
وخلال لقائها بعدد من المستثمرين، دافعت الحكومة المصرية عن نسبة النمو البالغة 5.3 في المئة، وقالت وزيرة التخطيط "إن الحكومة اهتمت بمعالجة الآثار الاجتماعية الناجمة عن برنامج الإصلاح الاقتصادي من خلال مجموعة من برامج الحماية الاجتماعية وبرامج الدعم النقدي، وبرامج الإسكان الاجتماعي".
اقرأ أيضا: "لاجارد" تشيد باقتصاد مصر.. هكذا رد عليها الخبراء
نمو معلق
وقال أستاذ الاقتصاد بجامعة أسطنبول زعيم، أشرف دوابة، إن "تقييم معدل النمو وأثره، مرهون بتوزيعه، وهو في الحقيقة توزيع سلبي كما جاء في تقرير مركز كارنيغي للشرق الأوسط؛ وهذا يرجع إلى سياسة مصر الاقتصادية التي تعتمد على نسبة النمو وليس طريقة وكيفية توزيع أثر النمو".
وأضاف دوابة لـ "عربي21" أن "معدل النمو لا يعكس النمو الحقيقي للاقتصاد، ولا يعكس رؤية تنموية داخل الاقتصاد؛ لإنه يجب أن يكون له تأثير إيجابي على علاج نسبة البطالة بشكل دائم، وعلى عملية توزيع الدخل بين المصريين، وهو ما لا يحدث".
وتابع: "معدل النمو تذهب ثماره إلى قلة من رجال الأعمال، والقائمين على أمر الاقتصاد في هذا الإطار، خاصة القوات المسلحة".
وفند تصريحات الحكومة المصرية بشأن الفقر، قائلا: "نسبة الفقر تتعدى 50%، لإن النسبة المعلنة 27% هي نفسها تقريبا منذ عهد مبارك"، مؤكدا أن "المشكلة الأخرى أنه لا توجد حماية اجتماعية؛ لإن تعليمات صندوق النقد الدولي تقضي على فكرة الدعم".
وأعرب دوابة عن اعتقاده بأن "معدل النمو الاقتصادي المعلن لا يعبر عن توزيع الدخل بصورة سوية، ولذلك يجب النظر إلى التنمية المرتبطة بالقضاء على البطالة، وإعطاء أولوية لتوزيع الدخول بما يحقق العدالة الاجتماعية".
اقرأ أيضا: الأموال الساخنة تحرق اقتصاد مصر.. هروب 5 مليارات دولار
انهيارا لا نموا
ورفض رئيس لجنة القوى العاملة بالبرلمان المصري السابق صابر أبو الفتوح، الإقرار بمعدلات النمو المرتفعة التي تعلنها حكومة السيسي، قائلا: "معدل النمو يفترض أن يقترن بتحسن في مستوى معيشة المواطن، والميزان التجاري، وتدفق الاستثمارات في مصر، ولكن الواقع غير ذلك، فالدولة تلجأ إلى ضخ العملة الصعبة للحفاظ على سعر الجنيه أمام الدولار، واعتمدت الدولة على الديون الخارجية، وأصبحت من أكبر 4 دول مقترضة في العالم، وفق البنك الدولي"، بحسب تعبيره.
وأضاف أبو الفتوح لـ"عربي21": "أن التقارير الاقتصادية الداخلية تفيد بهروب الاستثمار، وغلق المصانع المتوالي آخرها مصنع القومية للأسمنت، والآن الحديث على تصفية شركة الحديد والصلب، وطرح شركات في البورصة، وتصريحات زير قطاع الأعمال أن الدولة تبيع أراضيها لسد ديونها، كلها أمور تؤكد أن ما يحدث انهيارا شاملا وليس نموا، إلا إذا كانوا يقصدون اقتصاد العسكر، الذي ينمو بسبب تمتعه بمميزات جمركية وإعفاءات ضريبية، وفي الوقت نفسه ليس لهه مردود على موازنة الدولة".
وفيما يتعلق بمعدل الفقر في مصر، قال: "النسبة المعلنة 27.8% هي نسبة قديمة، ومحاولة لتجميل الصورة الاقتصادية، وأعتقد أنه تجاوز 50% في مصر"، مشيرا إلى أنه "لا يوجد نمو اقتصادي حتى يجنيه الشعب، وليس بسب وجود سياسة تقشف لدى الحكومة، بدليل الإنفاق على شراء الطائرات الخاصة، وعلى المؤتمرات والمشروعاته الشخصية، فالمستفيد الوحيد هو ثالوث الجيش والشرطة والقضاء، الذين ينهبون ثروة مصر دون كل المصريين".
وأردف: "لا توجد برامج حماية اجتماعية في مصر على الإطلاق، بل هناك توجه من أجل محاربة الباعة الجائلين، وهدم الأسواق العامة، وفرض الأتاوات، ونهب أموال المصريين؛ ما أدى إلى زيادة الفقر والجريمة في المجتمع".
اقرأ أيضا: أكاديمي يقدم حلا لإنقاذ اقتصاد مصر.. لماذا لا يقره السيسي؟
الفتات للشعب
الباحث الاقتصادي، محمد نبيل، أكد بدوره أنه لا توجد ثمار نمو ملموسة ودائمة؛ بسبب احتكار فئة قليلة تلك الثمار، قائلا: "نسبة النمو الاقتصادي في مصر الآن، هي تكرار لنسبة النمو في حكومة أحمد نظيف، في عهد (مبارك)، وربما أقل حتى الآن، ولكن لم يكن لها عائد يذكر على المواطنين".
وأوضح لـ"عربي21" أنه "في أيام مبارك كانوا يريدون الاعتماد على نظرية الثمار المتساقطة عن طريق تقديم تسهيلات لرجال الأعمال في مقابل أنهم ينقلوا ثمار النمو هذه للناس العاملة تحتهم، ولكن ذلك لم يحدث مطلقا، واستأثروا بكل شيء".
وتابع: "حاليا دولة الجيش احتكرت كل الأنشطة في السوق، والعمالة في الغالب هم مجنود مسخرين لخدمتهم؛ لذلك من الطبيعي أن العائد من الزيادة في معدلات النمو سوف تتقلص ولن تصل للشعب، ولن يستفيد منها إلا فئة بعينها".