قارن الكاتب الأمريكي المعروف ديفيد إغناتيوس بين
إيران الدولة الشيعية الكبرى، ومصر أكبر الدول السنية، وقال إنهما تمتلكان العديد من القواسم المشتركة، بما في ذلك الانشغال المفرط بمسألة الاستقرار الداخلي، والتطلع الشديد لتحقيق النمو الاقتصادي.
وتحدث إغناتيوس في مقاله في صحيفة "
واشنطن بوست" التي اطلعت عليها "
عربي21" عن لقائه بالرئيسين، الإيراني حسن
روحاني، والمصري عبدالفتاح
السيسي، كلا على حدا، وكان من بين الحقائق المحورية التي دار عنها الحديث مع الرئيسين الدور المحوري الذي لا تزال الولايات المتحدة تلعبه على الساحة العالمية، بغض الطرف عن مشكلاتها السياسية الداخلية، أو الصراعات القائمة بينها وبين منافسين لها على الساحة الدولية.
لقاء السيسي
وقال إغناتيوس إن حديثي مع السيسي كان فرصة لتقييم "قائد بدا غامضا، وظل بالنسبة للكثيرين وحتى أقرب حلفائه العرب أشبه بـ«لغز»، فهو يتحدث عن إصلاح الدولة
المصرية، كما يتحدث عن «مستنقع الدعم» والبيروقراطية والجمود السياسي الذي أعاق مسيرة القادة المصريين من قبله.
وأشار إغناتيوس إلى أن السيسي كقائد "معسول الكلام، ويتمتع بحزم عند رده على الأسئلة المتعلقة بحقوق الإنسان".
لكن في الحديث عن ضعف الدولة المصرية، تحدث السيسي بنبرة حماسية، وأعاد مقولته السابقة التي أثارت جدلا: "نحن نعيش في دولة زائفة، أو شبه دولة".
وفي توصيفه لأوضاع مصر المتداعية بعد ثورة 25 يناير، التي أطاحت بحسني مبارك، قال السيسي إن "دولة مثل مصر بحاجة إلى الاستقرار، وبحاجة إلى الأمن"، محذرا من "انهيار الدولة"، الذي قد يحوّل مصر إلى دولة يفر منها اللاجئون إلى دول أخرى، كحال سوريا، موضحا أن هدفه هو "تأسيس دولة قادرة ذات تنافسية"، لديها بنية تحتيه أحدث.
وفي رده على إغناتوس، قال السيسي حول الأسباب التي تمنع مصر من أن تصبح مثل البرازيل أو الهند، إذ إنهما دولتان صاعدتان تمكنتا من تحقيق نمو سريع أو إرساء ديمقراطية متنامية ومنظومة جيدة لحقوق الإنسان، أجاب السيسي: "إن دولة مثل الهند تتمتع باستقرار سياسي منذ عقود، مكنها من الاستناد إليه في بناء الاقتصاد وكل شيء، أما جهود إدارته فعمرها عامان فقط".
وأعرب السيسي عن إحباطه إزاء مسألة الدعم، التي ظلت مثار انتقاد خبراء الاقتصاد لعقود. وقال السيسي إنه بينما يركز المنتقدون على سجل حقوق الإنسان في مصر، فإن ما يركز هو عليه وما يؤرقه هو توفير الوظائف والغذاء والمسكن للجميع.
وأضاف السيسي: "ليس من العدل الحكم علي وعلى ظروف مصر من منظور أمريكي".
وكانت منظمات حقوقية عالمية، أبرزها منظمة العفو الدولية، أدانت "تضييق" مصر على نشطاء حقوق الإنسان، ودعت القاهرة إلى وقف ملاحقتهم وتجميد أرصدتهم. وقال نائب مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المنظمة، سعيد بو مدوحه، إن المجتمع المدني في مصر يتم التعامل معه "كعدو للدولة بدلا من شريك في الإصلاح والتقدم".
كما أنه وبعد الانقلاب العسكري بقيادة السيسي في عام 2013، تم فض اعتصامي رابعة والنهضة الرافضين للانقلاب، وأسفر عن الأمر مقتل قرابة 5000 آلاف شخص، بحسب إحصائيات المعارضة، فضلا عن القبضة الأمنية التي تعيشها البلاد منذ ثلاث سنوات.
لقاء روحاني
وتحدث إغناتيوس عن خطاب روحاني في الأمم المتحدة، الذي كانت الأكثر حدة، حيث وجه كلمته للسعودية، الخصم الإقليمي لإيران، وحثها على التوقف عن السياسات التي تثير الانقسامات.
وانتقد روحاني افتقار الولايات المتحدة إلى القدرة على الوفاء بالوعود التي أطلقتها في العام الماضي بشأن فتح حركة التبادل التجاري مع إيران.
ووصف الصحفي الأمريكي الرئيس الإيراني بـ"سياسي حذق"، "فهو يعرف أن الاقتراب المعتدل الذي يتبناه، والذي أثمر عن الاتفاق النووي، لا يزال يحظى بشعبية لدى إيران، كما يعلم أن مشاركة إيران عسكريا في سوريا والعراق أمر ضروري، من شأنه منع تنظيم الدولة من الاستيلاء على دمشق وبغداد".
والعام الماضي، توصلت الدول الكبرى الخمس زائد ألمانيا إلى اتفاق مبدئي مع ايران في شأن برنامج طهران النووي، منهيا خلافا دام طوال عقد من الزمن، ما يعدّ خطوة أولى نحو بدء رفع العقوبات المفروضة على طهران منذ العام 2006، وأهمها فتح باب التجارة العالمية أمام إيران.
وختم بقوله إنه "بالنسبة لروحاني والسيسي، فإن صياغة السياسات الخارجية تبدأ بتحقيق الأمن الداخلي، ولكن لن تتمكن أي من الدولتين من تحقيق النمو والرخاء دون إرساء المزيد من الحريات وتمكين المواطنين بشكل أكبر، ولهذا تمارس الولايات المتحدة الضغوط بشكل مستمر من أجل الملف الحقوقي، حتى إذا كان هذا الأمر يثير انزعاج القائدين، ولكنه يصب في مصلحتيهما".