وجهت إلهام شرشر، زوجة
حبيب العادلي (آخر وزير داخلية في عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك)، رسالة إلى
المصريين، عبر صحيفة "الزمان"، التي ترأس مجلسي تحريرها وإدارتها، حذرتهم فيها من النفاق، والاحتلال، مهاجمة "الواقع المرير"، وغلاء الأسعار.
ذلك في وقت حرصت فيه "شرشر" على نشر صورة لرئيس الانقلاب عبدالفتاح
السيسي، بنظارته السوداء، بالنصف العلوي من الصفحة الأولى من العدد الجديد للصحيفة، مع عنوان مثير يقول: "الزمان" تنشر هدايا السيسي للمصريين في 2017"، وعناوين داخلية تقول: "بشرة خير".. 100 مشروع جديد.. إنشاء 6 أنفاق بتكلفة 30 مليار جنيه".
وفي مقالها -الذي تمدد على ثلاث صفحات من الجريدة، التي لا يعرف أحد مصدر تمويلها، والإنفاق عليها، مع اتهام زوجها باختلاس مليارات الجنيهات من أموال الشعب المصري- وصفت "شرشر" الواقع الحالي الذي يعيشه المصريون بأنه "مرير"، وأضافت أنه "يشهد معارك كلامية لا تسمن ولا تغني من جوع".
وتابعت: "واقع أصبحنا نبحث فيه عن مزيد من الانتصارات الشخصية، ولو كانت على حساب الوطن"، محذرة من أن "الأنانية" أصبحت شعارا يُرفع، ومنهجا يُتبع، وطريقة تسلك، حتى بلغ الأمر إلى ما وصلنا إليه"، بحسب قولها.
وأضافت: "إنني أتأمل ما تشهده مصر في هذه الآونة من ارتفاع الأسعار وغلائها، وأتساءل: لمصلحة من؟".
وأردفت: "هذا الحصار الذي تتبناه أيد خبيثة تعمل في الخفاء، وتبذل أقصى ما لديها لضرب الاستقرار، وزعزعة الأمن في بلادنا".
وانطلقت من هذه النقطة لتقول: "إن جيش مصر وشرطتها هما حماة الوطن في الداخل والخارج، ومن هنا نناشد المصريين، ونقول لهم إن روح أكتوبر لا بد أن تعود مرة أخرى، وإلا فالاحتلال قادم من كل مكان، ومن كل جهة، وبطرق لا حصر لها"، على حد تعبيرها.
تحذير مما يجلبه النفاق من خراب
وفي مقال آخر عن عمر بن الخطاب، في الصحيفة نفسها، حذرت "إلهام شرشر" من خطر النفاق، دون أن تحدد نفاق مَنْ بالضبط؟
وشدَّدت أن النفاق يدمر المجتمع، ويقوض أركانه، ويهدم مؤسساته، ويفرق جمعه، ويشتت كلمته، متسائلة: هل نحن مستعدون لمواجهته، أم أننا نتفرغ لأعداء الإسلام والمسلمين، الذين يتربصون بنا الدوائر، ويكيدون لنا ليل نهار؟
وتابعت تساؤلاتها: "كم حجم المنافقين الآن؟ وما دورهم في الخراب، لتخريب كل ما يحيطنا من العقول والقلوب والضمائر؟ كم حجم هؤلاء المنافقين الذين تصوروا أنهم بنفاقهم نجحوا في الدنيا واعتلوها؟".
واستدركت: "لكنهم والله أبدا.. لن يفلتوا من رب القلوب.. عالم الأسرار والنوايا، وإنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار".
وعن عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، قالت إنه حارب النفاق، ولكن في عصرنا قلَّ من يحارب "إلا من رحم ربي"، وفق وصفها.
واستطردت: "يا إلهي.. لو علمنا خطورة ووبال النفاق.. الذي يفوق أي سلوك كان.. كم غضب الله عليه.. لو علمنا آثاره وشره ووباله ومصيبته.. ولكن قد يكون ضمن ألوان العقاب أن يحجب الله سبحانه وتعالى فطنة المنافق، ويغشى بصره، حتى لا ينعم عليه بالرحمة، لشده سوء تلك الصفة وخطورتها البالغة، ولمخاطرها على الأمة والدين.. فيكون أشد العقاب له، لانسياقه وراء نفسه وباطلها، والإصرار على أخطر ما حذر منه المولى عز وجل".
ودعت زوجة وزير داخلية مبارك إلى "إدراك الإسلام من عبث الأقزام، الذين يتجرأون عليه بجهلهم، أو بحقدهم، أو خيانتهم لله والدين وللوطن.. أن نفضح جهلهم، وأن نتصدى لعبثهم وجرمهم الخطير، ولا نخاف في الله لومه لائم".
وشددت على أنه "لا رحمة ولا تراحم مع كل من يحاول المساس بمصادر الإسلام الرئيسية من كتاب وسنة، وإجماع وقياس، وسائر المصادر الأخرى، التي تحمل كل احترام وتقدير، بل إذعان وانقياد.. جيلا بعد جيل.. ارتضوا بها.. واعتمدوا عليها"، وفق قولها.
من هي "إلهام شرشر"؟
إلى ذلك، اتهمت دوائر إعلامية "إلهام شرشر" بأنها تتجه لتأسيس إمبراطورية إعلامية تضم قناة فضائية وصحيفة ورقية وموقعا إلكترونيا، بإشراف نقيب الصحفيين الأسبق، مكرم محمد أحمد، تكون واجهة لعودة رموز "الحزب الوطني المنحل"، للعمل العام.
وكانت "شرشر" جمعت في زواجها بين عدوين لدودين، رجل الأعمال المحسوب سابقا على الإسلاميين السلفيين أشرف السعد، ووزير الداخلية المتهم بتعذيب المجندين وقتل المتظاهرين والتنكيل بالمعارضين، "حبيب العادلي"، إذ تزوجها الثاني، بعد طلاقها من الأول.
وقال نشطاء إنها جمعت في حياتها الزوجية بين رجلين خبيثين، جمع الأول ماله من توظيف الأموال تحت لافتة الإسلام، وجمع الثاني السلطة من المليارات الحرام التي اغتصبها بحكم منصبه، واستعلائه على المصريين، مستحلا تعذيبهم، وتلفيق الاتهامات لهم.
وظهرت "شرشر" على غلاف مجلة "نصف الدنيا" النسائية في زمن مبارك، باعتبارها "السيدة الثانية"، وهي تجلس في منزل فخم، وترتدى ثيابا أنيقة، وتصفف شعرها بعناية، ثم اتجهت بعد ذلك إلى الكتابة في الإسلاميات، مرتدية حجابا أبيض اللون، ممزوجا في الوقت نفسه بمكياج صارخ.
وعقب التحقيق معها في أيار/ مايو من عام 2011، في جهاز الكسب غير المشروع، باعتبارها زوجة وزير الداخلية الذي تضخمت ثروته، هو وزوجته، عادت "إلهام شرشر" مرة أخرى للأضواء، عبر إصدارها جريدة "الزمان"، الأسبوعية، التي صدر منها حتى الآن ستة أعداد.
وحرصت "شرشر" في الأعداد الستة على أن تضع صورة رئيس الانقلاب عبد الفتاح السيسي في الصفحة الأولى.
ففي العدد الأول، جاءت صورة السيسي مع أحد أبناء ضحايا الشرطة تحت عنوان "إنسانية قائد".
وفي العدد الثاني، كان العنوان الرئيس: "السيسي.. وعد فأوفي".
أما العدد الثالث، فجاء عنوانه ممزوجا بصورة السيسي: "المشروعات القومية تهزم قوى الشر".
وفي العدد الأخير، بشرت "الزمان" المصريين بمئة مشروع جديد للسيسي في عام 2017، مع صورة كبيرة له بالصفحة الأولى.
واعتمدت زوجة حبيب العادلي في جريدتها على "كاتب كل العصور"، مكرم محمد أحمد، و"مفيد فوزي"، صاحب آخر حوار تلفزيوني مع العادلي قبل ثورة يناير بأيام، وحاول فيه إظهاره باعتباره "وزير الداخلية الإنسان الذي يطبق القانون".
كما أن ابنته الصحفية "حنان مفيد فوزي"، كانت الصحفية الوحيدة التي أجرت حوارا مع إلهام شرشر، باعتبارها "السيدة الثانية" في عام 2005، وتصدرت حينها صورة "شرشر" غلاف المجلة النسائية الأولى التي تصدرها مؤسسة الأهرام.
وممن كتبوا في الصحيفة أيضا الشيخ خالد الجندي، وهو داعية لا يقل عن مكرم محمد أحمد ومفيد فوزي في إثارة الجدل حوله، وطيلة سنوات وزارة العادلي، لم يظهر الجندي، ما يستدعي أن يدخل في خصام معه، بل ظهر غير مرة على الشاشات مدافعا عن دولة مبارك، دون أن يخفي تنسيقه مع الأجهزة الأمنية.
وتم نشر أول مقال لإلهام شرشر على صفحات "الأهرام" في عدد 12 آذار/ مارس 2009، بعنوان "فارس للأبد"، قاصدة الرئيس المخلوع حسني مبارك، واصفة إياه بأنه "فارس معركة البناء".
أما زوجها، حبيب العادلي، فقد خرج من السجن أخيرا، بعد أربع سنوات قضاها فيه، على ذمة قضايا مختلفة، بالإضافة إلى تنفيذه حكم بالسجن ثلاث سنوات في قضية "سخرة المجندين" في خلال بنائهم فيلا تابعة له، وتعيش هي فيها.