أثارت التحركات الأخيرة في العاصمة
المصرية تساؤلات حول سعي نظام حكم رئيس الانقلاب عبد الفتاح
السيسي الدخول في مواجهة مع
قطر، مستخدما أذرعه القضائية، والبرلمانية، والإعلامية، التي تعمد بعضها توجيه إهانات جارحة إليها، إثر تبادل بيانات غاضبة بين البلدين، على خلفية الحكم بقضية "التخابر مع قطر".
واستهجن بيان صادر عن وزارة الخارحية القطرية، الزج باسم قطر في القضية، معتبرا أن الحكم الذي صدر السبت، من قبل محكمة جنايات القاهرة، وقضى بإعدام ستة، والمؤبد للرئيس محمد
مرسي، ومدير مكتبه، يجافي العدالة ويفتقر للحقائق.
ومن جانبها، ردت الخارجية المصرية ببيان حاد اتهم قطر بالتدخل في شأن محلي، والتعليق على حكم قضائي، ومعاداة الشعب المصري ودولته ومؤسساته، وفق بيانها.
دعوى لطرد السفير القطري
وفي أقل من 48 ساعة من تلك "الملاسنة" الدبلوماسية، شهدت مصر عددا من التحركات على مستويات عدة، أبرزها تحريك دعوى أمام القضاء الإداري لطرد السفير القطري من مصر.
وقال رئيس "ائتلاف دعم صندوق تحيا مصر"، المحامي القريب من السلطات المصرية، طارق محمود، إنه أقام دعوى أمام محكمة القضاء الإداري يطالب فيها بطرد السفير القطري فورا من الأراضي المصرية، بعد الأحكام الصادرة السبت، التي تؤكد تورط قطر في قضية التخابر ضد مصر.
وادعى محمود في بيان، الأحد، أن "تهجم الخارجية القطرية على الأحكام الصادرة بالإدانة يؤكد تورط قطر في قضية التخابر، وأن المعزول (يقصد الرئيس مرسي)، وباقي المتهمين، قد سربوا لها وثائق تمس الأمن القومي المصري"، على حد قوله.
ووصف سلوك قطر بالسلوك الشاذ في العلاقات بين الدول، واستطرد أن ما يؤكد تورط حكومة قطر في قضية التخابر إيواؤها قيادات جماعة الإخوان على أراضيها، الصادر ضدهم أحكام بتهمة التحريض على العنف ضد مؤسسات الدولة.
وزعم أن قطر تلعب دورا مشبوها، وأداة منفذة لمخططات الكيان الصهيوني، لإثارة الاضطرابات في الشرق الأوسط.
"النواب" يشن هجوما كاسحا.. ومطالب بسحب السفير
وبالتوازي مع الدعوى القضائية، شن عدد من أعضاء لجنة الشؤون العربية بمجلس "نواب ما بعد الانقلاب" هجوما حادا على البيان الذى أصدرته خارجية قطر.
وتعمد عدد من أعضاء ائتلاف "دعم مصر"، الموالي للسيسي، توجيه اتهامات وإهانات جارحة إلى قطر.
وطالب عضو اللجنة، أسامة شرشر، الخارجية المصرية بالتحرك تجاة الدولة القطرية ليس بالطريقة الدبلوماسية، ولكن بسحب السفير، اعتراضا على التدخل فى أحكام القضاء، وعرض الأمر على جامعة الدول العربية لأخذ موقف عربي ضد قطر، على حد وصفه.
وقال إن استنكار دولة قطر أحكام محكمة جنايات القاهرة يؤكد أنها دولة متطرفة تؤوي الإرهاب، وتحتضنه في الوطن العربي، وتقوم بالتحريض على الدول العربية من أجل تدمير المنطقة.
وأضاف شرشر - في تصريحات صحفية - أن دفاع قطر عن جماعة الإخوان يدل على العلاقة المتطرفة بينهم، قائلا: "يجب على قطر احترام نفسها كدولة صغيرة، ومتلعبش مع الكبار".
أما عضو اللجنة، والنائب عن حزب "مستقبل وطن"، أحمد أمبابي، فقد وصف استنكار قطر حكم إدانة "مرسي" بالحبس 40 عاما في القضية، بـ"التهريج ولازم يعرفوا حجمهم"، مدعيا أن قطر تعمل لحساب الغرب، وتحركها دول مثل "أمريكا" وغيرها، من أجل التحريض ضد مصر.
واعتبر - في تصريحات صحفية - أن الدوحة عميلة لدول أجنية للتجسس على العرب، والتحريض عليهم داخل منطقة الشرق الأوسط، فضلا عن أنها تأوي تنظيم الإخوان الذي يقوم بتدمير مصر والقيام بعمليات إرهابية لتدمير مؤسسات الدوله.
في السياق نفسه، طالب النائب عن دائرة الجيزة، محمد بدوي دسوقي، بطرد السفير القطري بالقاهرة، واعتباره شخصا غير مرغوب فيه، وقطع العلاقات الدبلوماسية مع قطر.
وقال النائب إنه سيتقدم ببيان عاجل لوزير الخارجية سامح شكري، لمعرفة كيفية تعامل الوزارة مع الأحكام الصادرة، ولماذا يستمر التعامل مع هذه الدويلة، وبالسماح بوجود علاقات دبلوماسية معها بعدما أثبت القضاء سعيها للإضرار بمصر وشعبها، وفق ادعائه.
واتهم عضو مجلس النواب ولجنة الدفاع والأمن القومي، اللواء سلامة الجوهري، "قطر" بأنها تقوم بالتحريض على مصر؛ لأنها ترعى الإرهاب وتدافع عنه، زاعما أن قطر ليست دولة، ولكنها دويلة، وأن مساحتها بقدر منطقة شبرا عندنا.
وقال إنه يجب على الجانب المصري أن يتجاهلها، وألا ينساق وراءها، مردفا: "دع القافلة تسير والكلاب تعوي، ونستمر فى تطورنا فى المشاريع، وتطوير بلادنا".
وأضاف: "مش قطر اللي هناخد ضدها قرارات، ولا دخول معها في صراعات، فضلا عن أنها مدعومة من الغرب، وأمريكا تسخدمها كأداة للتحرك في الشرق الأوسط، وهي دولة مش هتتعدل عمرها".
إعلاميو السيسي ذخيرة الإهانة
من جانب آخر، استخدم نظام السيسي بوابة الإعلام الموالي له للهجوم على قطر، متعمدا توجيه أوصاف واتهامات جارحة إلى قطر، وذلك كسابقيه، سواء الدعاوى القضائية، أو الإدعاءات البرلمانية.
وتحت عنوان "قطر تحتج.. آه والله"، بصحيفة "الوطن"، الاثنين، استخدم رئيس تحرير الصحيفة، محمود الكردوسي، عبارات مقذعة في الهجوم على قطر.
وقال: "قطر، هذا "الشيء" المقرف، الذي شبع بعد قحط، وقيل في تفاهته وبدائيته وتآمره على أسياده، ما قاله مالك في الخمر، لم تعجبها أحكام السجن التي صدرت بحق الخائن محمد مرسي، وكوادر عصابته الإرهابية، في قضية "التخابر".
واستمر في تجاوزاته قائلا: "آه والله.. قطر، التي لا تساوي - بغازها، وجزيرتها وقاعدتها الأمريكية - ثمن وشاح القاضي المهيب محمد شيرين.. أصبح لها خارجية تتطاول على قضاء مصر، وتستنكر الزج باسمها، مع أن شتيمة قطر شرف لسلالة الخونة التي تحكمها"، وفق تعبيره.
وتابع الكردوسي تطاوله على قطر: "آه والله.. قطر، التي لو وضعها السيسي فى قبضته و"قرص".. هتموت فطيس، تتحدث عن أسباب لا تساعد على ترسيخ الروابط والعلاقات الأخوية.. آه والله.. ألا يوجد في الـ300 ألف قطري عاقل واحد يقلب نظامها، ويشخط في.... (تعتذر "عربي 21" عن نشر الكلمة) قصرها الحاكم: اتلموا".
وانضم رئيس مجلس أمناء جريدة "المصري اليوم"، محمد أمين، إلى الكردوسي، فاعتبر أن الحكم الذي صدر ليس رسالة إلى الإخوان وحدهم، لكنه رسالة خاصة إلى أمير قطر أيضا، ليقول له بالفم المليان: العب بعيد"، وفق وصفه.
وأضاف الكاتب برعونة: "لا أدري: على أي شيء كان يراهن أمير قطر؟ ولا أدري من أي باب يتصل بالرئيس السيسي فى كل المناسبات؟ هل كان يسعى للتهدئة، كما يسعى صاحبه أردوغان؟ هل يريد أن يمهد الأرض بعد أن حرقها من قبل؟".
وحرض "أمين" السيسي على قطر متابعا: "هل يعقل أن تمد القيادة السياسية يدها إليه بعد أن تخابر علينا، وراح يضرب الأمن القومي؟".
وتابع محرضا: "السؤال الآن، وقد ثبتت جريمة التخابر: هل تتخذ مصر قرارا بقطع العلاقات مع الدوحة؟ هل تفعلها مصر؟ هل تعلنها صريحة مدوية فى وجه الأمير (الطائش)، أم تتراجع مصر من أجل عيون السعودية والإمارات؟ هل تكتفى بالحكم، وتعتبره يخص مسألة بعينها، وأن المجرم سوف يبقى في السجن مدى الحياة؟".
وفي السياق نفسه، شن أحمد موسى، في برنامجه عبر فضائية "صدى البلد"، هجوما حادا على قطر قال فيه: "قطر لا دولة، ولا فيها قانون، ولا فيها عدالة، ولا نسمع عن أي أمر في قطر، إذا يتحدثون هم عن العدالة، الحمد لله أننا دولة راسخة، ومعروف تاريخنا".
ووصفت لميس الحديدي، في برنامجها عبر فضائية "سي بي سي إكسترا"، بيان الخارجية القطرية بأنه "قليل الأدب، ووقح"، زاعمة أن "رد الخارجية المصرية كان ضعيفا".
وطالبت الحديدي، السيسي، بعدم استقباله أي اتصالات من أمير قطر، الشيخ تميم بن حمد، قائلة: "يا ريت السكرتارية ماتحولش التليفون للرئيس.. هيكلمه في إيه؟".