"تحيا
مصر" جملة كثيرا ما أسمعها في خطابات الرئيس عبد الفتاح
السيسي وأسفل اللافتات التي تحمل صورته في نواحي شتى مِن البلاد، لكن، هُناك سؤال يداهمني بشدة هو " كيف ستحيا مصر؟!".
بلد يتجاوز عدد سكانه تسعين مليون فرد مِن الطبيعي والعلمي -إن لم يُرد الله أن تقوم عليهم كارثة طبيعية أو وباء شديد الفتك- أن يحيا هذا الشعب.
إذن، فلنأخذ بالأسباب، ونتجاوز مرحلة تحيا مصر، لننتقل للسؤال الآخر والأهم "كيف ستحيا؟!".
يمكن أن تحيا مصر بالأمن.. نعم وجود المصريين في بيئة آمنة يجعلهم يحيون بكل سلاسة، لكن هل مصر بالبيئة الآمنة؟!
فلو تأملنا وضع مصر الحالي، لوجدنا أن الكثير مِن المسؤولين عن
الأمن لا يعرفون إلا أمن رواتبهم ورتبهم، بالكاد هُناك استثناءات جمة ومشرفة لرجال الأمن، لكن دعنا نعثر على من يبدد ذلك الأمن.
كم مرة سمعنا عن مظاهرة تُفض فيقتل منها مَن يُقتل دون مُحاسبة؟!
كم مرة سمعنا عن مسجونين يُقتلون تحت أسقف وبين جدران السجون؟!
كم مرة سمعنا عن حالات رشوة، دعارة، مخدرات، كسب غير مشروع وغيرها من الفظائع مِن الرجال المسؤولين عن أمننا؟!
صدقني بمجرد أن تقرأ السطور السابقة ستسارع ذاكرتك لإسعافك بخبر أو أكثر عن تلك البلاوي والأهوال، فإن حديقة الأمن في البلاد وإن كان بها الكثير مِن الورود الطيبة، معظمها بوار، وقد بُني عليها قصور وسجون وسُحل عليها شباب وسال دمهم عليها حتى يكاد الأمن أن يكون في خبر كان.
حسنا.. دعنا مِن الأمن الآن سنرجع له فيما بعد، ولنفكر في طريقة ثانية لتحيا مصر..
العدل.
هُناك الكثير من رموز القضاة المشرفين، ولكن كم مرة سمعنا عن أحكام غريبة غير مُقنعة لعقل؟!
كم مرة سمعنا عن أُناس يصرخون في المحاكم "نحن عُذبنا لنعترف"؟!
كم مرة رأينا القاتل -في التلفاز أو مواقع التواصل الاجتماعي أو الواقع- وتمت تبرئته فيما بعد؟!
بم يمكن تفسير ذلك؟!
فلنفرض سيناريو خياليا قد يمُت للواقع بصلة ما..
أن مَن يعينون في النيابة والشرطة والقضاء يحتاجون -لا سمح الله- لواسطة أو محسوبية أو بالمعنى الشعبي الدارج " كوسة ".. على فرض خيالي. فهؤلاء الذين مِن المفترض أن يعدلوا بين الناس، كيف سيطبقوه بعدما عرفوا طريق أخرى غير العدل والمساواة في الوصول لمناصبهم؟!
طرحت ما أردت أن أطرحه عليك بقشورها دون تعمق، لكني أريد أن أقترح شيئا: ما رأيك أن تعدل؟! ولا أقول لك حافظ على أمن البلاد، حافظ على أمنك أنت.
ببساطة.. عدلنا فيه أمنك، ولأن النظام مُتجذر في البلاد، وللأسف أقولها، إن انهياره بالكامل يعني انهيار البلاد معه، لذلك لا مانع في أن تحافظ على أمنك، لكن اعدل ستجده، و إلا لما ربط رسول كسرى الأمن بالعدل عندما قال لعُمر بن الخطاب "عدلت فأمنت فنمت يا عُمر ".
فحاذر وأنت تُحيي مصر، فقد تكون طريقة إحيائك للبلاد هي طريق فنائها على المدى البعيد، فحاذر مِن ثورة جياع تسلب البلد ما تبقى منها على عورتها، وحاذر مِن حرب أهلية تندلع فتحرق البلاد أجمع.