كتاب عربي 21

شيء من الخوف.. مشهد خالد يوسف!!

1300x600
لا يتعلق الأمر بـ"خالد يوسف" تحديدا، على العكس، ربما يكون خالد هو آخر "الممثلين"، في هذا الكادر، موقعه من السلطة القائمة يحرمه، ولو معنويا من بطولة مطلقة، في مشهد شارك في إخراجه بهذا البؤس.

خالد مخرج، بالنسبة لي، متوسط، وسياسي، بالنسبة للكثيرين من أبناء جيلي، غير شريف، شارك في الثورة، وفي الثورة المضادة، على السواء. فيما يتعلق بالأخيرة، لم يتراجع خالد، شارك للنهاية، وافق على كل شيء، على الانقلاب، على الدم، على الدستور العسكري، وتقنين "نهب" المصريين، وعلى السيسي طبعا، عنوان كل هذا ومربط فرسه!!

الآن، يمارس النظام "أوسخ" الإجراءات القمعية مع "كل" من يعترض طريقه، ولو تمثيلا، أنصاره قبل خصومه، لا فرق، الكل في مرمى النيران ما لم يركع على ركبتيه ويسلم تسليما، خالد من هؤلاء، وضعوا له كاميرات في غرفة نومه، وصوروه وهو يمارس الجنس، هكذا دون مواربة، مع من؟ لا يهم؟، حلال أم حرام، لا يهم، فضحوه، وانتهى الأمر، اتهموه، وسيحاكمونه بعد أن يعروه حتى من حصانته، "وخل المجلس ينفعك".

الرسالة واضحة: السيسي ورجاله يراقبون الجميع، كل شيء تحت السيطرة، حتى مسارات حيواناتك المنوية. في المشهد، يبدو العظيم محمود مرسي، في "شيء من الخوف"، بداية الحدوتة، حيث كان يلعب دور الجد، يقتل أحدهم، ثم يمشي في جنازته، يجلس بجوار أخيه متشفيا وهو يخبره بأنهم يريدون "الإتاوة" التي لم يدفعها "المرحوم"، يصرخ الرجل: يا ناس بقى تقتلوا القتيل وتمشوا في جنازته، فيضحك القاتل متشفيا: "وجنازة أخوه وحياة غلاوتك"، يتحدث بصوت عال، وبشكل واضح، وأمام الجميع، ينظر الضحية إلى الناس، فلا يجد سوى رؤوس منكسة، يسأله السيسي، أو محمود مرسي: أنت بتدور فيهم على مين، ويوصيه بـ "شيء من الخوف" لينجو...

النظام فعل كل شيء، على خطى جد عتريس، قتل، ومشى في جنازة من قتلهم، وسماهم أبناء مصر الأبرار، سرق ونهب، وأنفق المليارات لشرعنة وجوده، اغتصب، وسحل، وكهرب، واعتقل، ونفى، ومع ذلك، ثمة من يعلن كل يوم أنه لا يخاف، ولم يعد أمام العساكر سوى التسليم، أو مزيد من القمع، القوة لم تجد، على الأقل مع الجميع، ثمة طريق آخر، الحقارة، وضعوا ميكروفونات على أفواه الناس، وكاميرات في غرف نومهم، وبدؤوا العرض.

لا يتعلم المستبدون من تجاربهم، وهذا من حظ الناس القليل في هذه الدنيا. عتريس الجد والحفيد، تمثلا في صورة معتوه، يتصور أنه طبيب فلاسفة العالم، ومصدر حياتهم، وأن مجرد وجوده على كرسي الحكم يستحق أن يجوع الناس ويعرو، ويقتلوا في الشوارع، لأنه هو الوطن، والوطن هو، ومن أسف يجد من يصدقه. اليوم خالد يوسف، حليفه وسيظل، وغدا أي أحد، من الواضح أن أجهزة تناسل الجميع تحت المراقبة، وإن لم تكن، فالتزوير سيد الأدلة، الكاميرا معنا، والميكروفون أيضا، إلا أن الناس تثبت في الواقع والمتخيل أن ثمة "سبيلا"، يغلق السيسي/ عتريس على الناس كل أدوات التغيير دون صدام، يدفعهم دون أن يدري إلى خطوط الاشتباك، لا يُبقي على قيمة في حياتهم تستحق أن يصبروا من أجلها، حفاظا عليها، أو خوفا ورجاء، يغلق منافذ الأمل. يبدو لي "فيديو خالد يوسف"، وصوره وهو يمارس الجنس، تلك التي نشرها أحد أبرز مخبري أمن دولة العساكر، مثل قتل "محمود" في "الفيلم"، الفيلم الذي كان يشير بـ"عتريس" إلى جمال عبد الناصر بالمناسبة، ولا يعني تكرر واقعة القتل المعنوي سوى حل وحيد، راسخ في أذهان شريحة من المعذبين في هذه الأرض، فيما يدفع السيسي وعساكره إلى امتداده وسريانه في دماء الباقين، حرق عتريس.