كتاب عربي 21

صعود اليوان الصيني وتدهور الجنية المصري

1300x600
اهتمت الصحافة العالمية بخبر ضم عملة الصين إلى عملات صندوق النقد المحورية، ومر هذا الخبر مرور الكرام على صحفنا، لم تأبه به على الإطلاق ولم تعره اهتماما يذكر، ففي الأسبوع الماضي سجلت الصين انتصارا جديدا في صراعها على النفوذ الاقتصادي العالمي بكل هدوء، فقد دخلت الصين ولأول مرة أسواق العملات الكبارـ فأصبحت من العملات الدولية بعد أن انضمت عملتهاـ اليوان ـ كعملة احتياط دولية لأول مرة في تاريخها.

وعملات التسويات الدولية الممثلة في صندوق النقد الدولي هي بالطبع الدولار الأمريكي والين الياباني والجنية الإسترليني واليورو الأوروبي، ثم أضيف لها اليوان ليصبح خامس هذه العملات.

وهذه الخطوة تمثل أهمية كبرى للصين، فقد أصبحت عملتها من العملات التي يمكن الاحتفاظ بها وسداد الديون الدولية، وكذلك الاقتراض من صندوق النقد الدولي بعملة اليوان الصيني. 

وقوة العملات مؤشر على قوة الدول، فقد كان الجنية الإسترليني هو العملة الوحيدة المسيطرة على العالم منذ عام 1870 حتى عام 1920 حتى تقوق عليه الدولار، أما اليورو فهذه المرة الأولى في تاريخه الذى ينخفض فيه بعد أن انضم للصندوق في عام 1999 ليحل محل المارك الألماني والفرنك الفرنسي، وقد تراجعت حصة اليورو لتصبح 30.9% بعد أن كان 37.4% من وحدات السحب الخاصة، ليس هذا فحسب فقد خسر اليورو منذ عام 2010 حتى الآن قرابة 27 % من قيمته، نتيجة مشكلة ديون اليونان وتدهور معدلات النمو في بلدان الاتحاد الأوروبي.

وبطبيعة الحال، فإن هناك كاسبين وخاسرين من دخول عملة الصين كواحدة من العملات الدولية؛ 
أما الذين سيجنون المكاسب فهم بلا شك الصينيون أنفسهم ـ فوفق تقرير لشبكة CNBC الأمريكية، فإن قرابة 40 بنكا مركزيا حول العالم قد أضافوا اليوان ضمن عملات الاحتياطي الدولية، وذلك في إشارة إلى تحدي الدولار حتى يفقد سيطرته على الاقتصاد العالمي ـ وقد توقع مدير بنك تشس مانهاتن أن اليوان سيستحوذ على شراء أصول بما يقدر بـ 2 تريليون دولار خلال العشر سنوات المقبلة. 

أما أول الخاسرين فهم الدول التي ستأخذ الصين نصيبهم في سلة العملات، فمن المقرر أن تستحوذ الصين على نسبة 11% من السلة، وقد أخذت هذه الحصة من نصيب كل من عملات الاتحاد الأوروبي واليابان وإنجلترا، وبقيت حصة الولايات المتحدة كما هي بنسبة 41% من جملة حقوق السحب الخاصة.

ولا يفوتنا هنا الإشارة إلى وضع الاقتصاد المصري بالمقاربة بالوضع الصيني ـ فالصين إلى بداية الثمانينيات كانت دولة اشتراكية تطبق النهج المتبع في مصر نفسه، وعدد سكانها 1400 مليون نسمة أي ضعف سكان مصر 16 مرة تقريبا، ولم تدعي الصين أن زيادة السكان هي التي تحول دون التنمية كما يدعي العسكر في مصر طيلة 60 عاما، الصين تضم عملتها إلى الصندوق والعملة المصرية تهبط إلى أسفل سافلين، نتيجة سياسة التجويع والقهر المفروض على المصريين، الصين التي أضحت الثاني عالميا بحجم إنتاج يفوق 14 تريليون دولار، ومصر حتى هذه اللحظة تفوق وارداتها صادراتها بـ 55 مليار دولار على الأقل. إن الصين بما حققته من تفوق في المجال الاقتصادي يعطى الدليل تلو الدليل أن عظمة وقوة أي اقتصاد، يتمثل في الاعتراف أولا بقيمة القوة البشرية، أما في مصر فينظرون إلى الإنسان على أنه عبء ثقيل ودوا لو تخلصوا منه.
إن التدافع في الأرض هو سنة الله الخالدة التي أبقت البشر في صراع على الإنتاج والموارد والثمرات فكما قال ربنا: "ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض ولكن الله ذو فضل على العالمين".

إن الأمة التي تريد أن يسيطر عليها فئة أو قطاع دون أي تدافع، ستداس تحت أقدام من أخذوا بقوانين الله في الأرض، أما في مصر فنحن نقف على أعتاب بيوتهم متسولين، وعلى أبواب اللئام عاجزين، بعد أن كنا يوما ما سادة في الخير والعطاء والحضارة.
الأكثر قراءة اليوم
الأكثر قراءة في أسبوع