تشهد العلاقة
المصرية السعودية ما وصفه مراقبون بـ"حالة من التوتر المكتوم" في ظل القيادة الجديدة للمملكة، التي استقبلت مؤخرا قادة في حركة المقاومة الفلسطينية "
حماس" بمكة، وهو ما عدّه معارضون للانقلاب "بداية تأسيس لاستراتيجية جديدة ومغايرة تتبناها السعودية في المنطقة".
ولكن مؤيدين للسيسي ذهبوا إلى أنه "لا يوجد ثمة تغيير جوهري في سياسات السعودية تجاه مصر، وإن كان هناك تباين في بعض وجهات النظر حول بعض القضايا الخارجية فقط".
وقال نائب رئيس حزب الوسط المصري، حاتم عزام، إن المنطقة العربية تشهد تحولات استراتيجية هامة، قد تتضح معالمها بشكل أكبر خلال الأيام المقبلة.
وأضاف لـ"
عربي21" أن "سلطة وزير الدفاع المنقلب عبدالفتاح
السيسي، تسير بشكل مطرد باتجاه معاكس لمصالح قوى عربية وإقليمية؛ دعمت انقلابه بأموال طائلة بلغت 25 مليار دولار، وخصوصا السعودية"، مشيرا إلى "إصرار السيسي على دعم بشار الأسد في سوريا، وخليفة حفتر في ليبيا، وعبدالملك الحوثي والرئيس المخلوع علي عبدالله صالح في اليمن، وتقربه من
إيران، واستمراره في معاداة دولتي تركيا وقطر، بالإضافة إلى حركة حماس".
وبيّن أن "التحول الجديد الذي سيؤسس لما بعده؛ هو التباعد الاستراتيجي الأكبر بين السيسي والسعودية بعد إبرام اتفاق النووي الإيراني"، لافتا إلى أن "السعودية ترى في حركات الإسلام السياسي المعتدل؛ صمام أمان في مواجهة المشروع التوسعي الإيراني الشرس، بينما تعدها سلطة الانقلاب العسكري؛ العدو الأول، والشيطان الأكبر؛ لأنها فازت في الانتخابات الديمقراطية التي تم الانقلاب عليها".
وقال إن "السعودية استقبلت قادة حركة حماس بمكة، في زيارة تبدو أنها إستراتيجية، وسينتج عنها تحولات جذرية في العلاقات المشتركة. بينما تنظر سلطة الانقلاب في مصر إلى حماس على أنها عدو إرهابي يجب استئصاله".
من جهته؛ أكد مسؤول لجنة العلاقات الدولية بالمجلس الثوري المصري، الدكتور أحمد عامر، أن هناك "تغيرا وتحولا واضحا في سياسات السعودية، منذ تولي
الملك سلمان حكم المملكة".
وأضاف لـ"
عربي21" أن الفريق الجديد بقيادة الملك سلمان يرفض "طلبات الانقلاب، فهم يعلمون أن السيسي ونظامه يقفون مع إيران ضد المعارضة السورية، ويدعمون الحوثيين في اليمن، لذلك تؤكد تصريحات الملك سلمان أنه يقف ويؤيد تطلعات الأمة الإسلامية وقضاياها".
وقال عامر إن استقبال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس
خالد مشعل، بالتزامن مع استقبال الشيخ عبدالمجيد الزنداني، أحد مؤسسي جماعة الإخوان في اليمن، "مؤشر واضح بأن السعودية عادت إلى نهجها الطبيعي بالوقوف مع قضايا الأمة، وعدم التخلي عن الإخوان المسلمين الذين هم عنصر رئيس وفاعل في المنطقة، وقوة لا يُستهان بها في العالمين العربي والإسلامي".
وتابع: "من مصلحة السعودية أن لا تتخلى عن التيار الإخواني القوي وتقف مع الانقلاب الذي انهزم داخل وخارج مصر، بينما تدع الساحة الدولية لإيران تعربد فيها كيفما تشاء".
وذهب إلى أن "التغير السعودي سيكون سريع جدا؛ لأن المملكة تدرك أنها في معركة ليست سهلة، ولذلك فهي بحاجة ماسة لوقوف الإخوان معها ضد إيران التي تحالفت مع أمريكا وتحالف معهما السيسي، ولهذا يقوم الملك سلمان ببناء استراتيجية جديدة لصالح المملكة بالبعد عن الانقلاب، والوقوف مع الإخوان والسنة حول العالم".
وأضاف أن "مرحلة توتر العلاقات بين السعودية والإخوان انتهت، ونحن الآن أمام مرحلة جديدة ستحدث تغييرا كبيرا في المنطقة خلال الأيام المقبلة"، مؤكدا أن "التقارب السعودي الإخواني؛ سيكون له انعكاس واضح على الأزمة المصرية".
وفي المقابل؛ نفى رئيس حزب الغد، المؤيد للسيسي، موسى مصطفى موسى، وجود أي تغيير جوهري في سياسات ومواقف المملكة السعودية تجاه الأوضاع في مصر.
وقال لـ"
عربي21" إن كل ما في الأمر أن هناك تباينا في بعض وجهات النظر المتعلقة بالقضايا الخارجية فقط، مؤكدا أن العلاقة بين مصر والسعودية "علاقة وطيدة وراسخة"، وأن "القيادة الجديدة للمملكة تؤمن باستمرار تلك العلاقة التي يحرص النظام المصري على تقويتها يوما بعد يوم".
ودعا موسى إلى "عدم الانسياق وراء ما وصفه بالشائعات والأوهام الإخوانية، التي تتحدث عن وجود تغير جذري في سياسات السعودية"، على حد قوله.