سياسة عربية

أبو الفتوح: المصالحة الجزائرية نموذج لمصر

أبو الفتوح يدعو إلى مصالحة وطنية في مصر - أرشيفية
قال رئيس حزب "مصر القوية"، عبد المنعم أبو الفتوح، إن تجربة المصالحة الوطنية الجزائرية يمكن أن تكون نموذجا يتم البناء عليه في مصر، محذّرا من صناعة الإرهاب بكثرة المظالم، وعدم إنفاذ العدل، ومؤكدا أن الظلم يوفر بيئة أكثر خصوبة لنمو الأفكار المتطرفة، على حد قوله.
 
وأضاف في حوار مع جريدة "الشروق" المساندة للانقلاب، الأحد، أنه مستمسك بمواقفه المعارضة لنظام السيسي، وبوصفه له بالنظام الفاشي الدموي، مستنكرا العدوان على الحريات، والجرائم التي تُرتكب بحق المعارضين السلميين، حتى شاهدنا قتل شيماء الصباغ، وسندس رضا، وفق قوله.
 
واستطرد: "من حرصنا على الجيش أن نطلب ابتعاده عن السياسة، وتركيزه في مهامه، لحماية الحدود والوطن، وأن ندعو لإطلاق الحريات، ورفع المظالم عن كل المصريين، وخاصة عن أهلنا في سيناء، لأن هذا ما يحرم أفكار العنف من البيئة التي تنمو بها"، على حد تعبيره.
 
وأوضح أن المعارضة السياسية لنظام الحكام، ومحاولة تغييره بالطرق السلمية أمر مختلف تماما عن إسقاط الدولة، وأن الجيش المصري من أهم مؤسسات الدولة، وأنه ليس من مصلحة أي مصري إسقاطه.
 
وقال إنه لا يمكن تبرير الإرهاب بوجود الظلم، وإن معارضة النظام تختلف عن إسقاط الدولة، مشددا على أنه يدعو لتغييره بالطرق السلمية.
 
وحول تجربة الجزائر، قال: "انتهت المأساة بتوقيع ميثاق السلم والمصالحة الذي طرحه الرئيس بوتفليقة عام 2005، وعاد 15 ألف مسلح إسلامي إلى منازلهم بعد تسليم سلاحهم، وشمولهم بقرارات العفو العامة، ومازالت الجزائر تعاني من جراح 150 ألف ضحية على الأقل خسرتهم في تلك الفترة السوداء".
 
وتابع أبو الفتوح: "أرى أن تجربة المصالحة الوطنية الجزائرية يمكن أن تكون نموذجا نبني عليه في مصر".
 
وحذّر من أن بعض الشباب تفتنه القوة، مستدركا: "لكني أقول لهم إن كل هذا شهدنا بدايته ونهايته من قبل، شاهدت الآلاف من أنصار الجماعة الإسلامية التي تمارس العنف في مصر يهتفون بالشوارع: يا خميني قول لإيران مصر جاية بالقرآن. وعاصرت ذروة قوة العمل المسلح في أفغانستان والجزائر حتى إنه في كليهما هناك من أعلن نفسه خليفة للمسلمين، كما يحدث الآن".
 
وأضاف: "كل هذا الزخم انتهى إلى الضياع الكامل، لأنه لا يمكن أن يبدأ أحد من فكرة تكفير عامة الشعب أو احتقارهم والانعزال عنهم، ثم يتوقع أي نجاح مهما بلغت قوته في أي لحظة، وأيضا لأن الله لا يصلح عمل المفسدين، وأي شيء أكثر فسادا من سفك دماء المسلمين الحرام باسم الإسلام، وأيضا على الجانب الآخر قد نجد سفك الدماء باسم الدواعي الأمنية أو الاستقرار".
 
وحذّر من أن الظلم يوفر بيئة أكثر خصوبة لنمو الأفكار المتطرفة، "لذلك حذرت مرارا من صناعة الإرهاب بكثرة المظالم، وعدم إنفاذ العدل، لكني في المقابل أعرف جيدا، واختبرت بنفسي أن الإرهاب له أيضا أساس فكري من الفهم المشوه لنصوص الدين، وليس الظلم فقط، وإلا فلماذا تحدث حاليا عمليات إرهابية مروعة ضد الجيش التونسي؟ ولماذا يترك شباب أوروبيون حديثو الإسلام أوطانهم لينضموا إلى داعش، ويقتلوا مسلمين آخرين؟".
 
وشدد في حواره على أن التلاعب بالنصوص وإيهام الشباب المتحمس أن هذا هو ما يريد الله هو من أخطر أسلحة هؤلاء، على حد قوله.
 
"الجيش مؤسسة ومعارضتي معروفة"
 

وعن الجيش المصري، قال: "هو مؤسسة بغض النظر عن النظام السياسي مهما تغير، وهو مؤسسة وطنية حقيقية قوامها الشعب المصري، وليست مؤسسة طائفية مثل الجيش السوري الذي يقدم العلويين من طائفة بشار، أو ميليشيات القذافي التي كانت من قبيلته القذاذفة، وتشتري مرتزقة أفارقة".
 
وأضاف رئيس حزب مصر القوية أن "الجيش المصري على مدار تاريخه الطويل كانت عقيدته القتالية دائما هي مواجهة العدو الخارجي، وتاريخه مشهود ومشرف في مواجهة العدوان الصهيوني على مصر، وأؤكد هنا أن دعم حربه ضد الإرهاب موقف وطني".
 
وحول التناقض بين رؤيته تلك ومعارضته للنظام، قال: "مواقفي المعارضة للنظام معروفة، وأنا مستمسك بها كلها، وسبق أن وصفته بالنظام الفاشي الدموي، واستنكرت العدوان على الحريات، والجرائم التي تُرتكب بحق المعارضين السلميين".
 
محاذير شرعية ودينية
 
وبالنسبة لمن يفرح بعمليات تنظيم الدولة في سيناء أو غيرها، قال: "شاهدنا وسمعنا من ثقات ما يفعله هؤلاء من بغي وتجبر في سوريا والعراق، وهم أنفسهم يقولون إن الأمر لا يتعلق بمقاومة ظلم فقط، بل بإقامة ما يعتبرونها دولة الخلافة، التي ستسود العالم بالدماء، وهي في واقع تطبيقها في سوريا والعراق دولة قامعة قاهرة باسم الدين، تقتل المخالفين حتى من فصائل المجاهدين الأخرى، بما فيهم تنظيم القاعدة، وفكرهم يتساهل للغاية في تكفير الناس، واعتبارهم مرتدين".
 
وتابع أبو الفتوح: "رأينا إعدامهم الوحشي لأهالى سيناء المدنيين ممن يتهمونهم بالتعامل مع الأجهزة الأمنية".
 
وأضاف: "هذا الطريق به محاذير شرعية ودينية، فضلا عن عدم جدواه من الناحية الواقعية، بحكم التجارب السابقة كلها"، على حد قوله.
 
ويُذكر أن الدكتور أبو الفتوح مشهور في الوسط الإسلامي في مسيرة استغرقت نحو 40 عاما من عمره كان فيها أحد رموز الحركة الإسلامية، منذ نشاطه في الجماعة الإسلامية، حتى عضويته السابقة في مكتب إرشاد جماعة الإخوان المسلمين.