في الوقت الذي تنخرط فيه دولة
الاحتلال وجيشها في حرب مستمرة بلا توقف، ومعدل نزيفها يرتفع يوما بعد يوم، ويقتل المزيد من جنودها في الجبهات المشتعلة، ينشغل وزير الحرب يسرائيل
كاتس بمحاولة إقالة رئيس الأركان هآرتسي
هاليفي، بدلاً من قيادة المؤسسة العسكرية.
نحمان شاي، المتحدث الأسبق باسم جيش الاحتلال، وعميد كلية الاتحاد العبري، والباحث بمعهد الدراسات اليهودية في القدس؛ مستشار الاتصالات السابق لوزيري الحرب، أكد أنه "لم يجد مفردة تليق بسلوك كاتس تجاه هاليفي سوى "العار"، وهي الطريقة الوحيدة التي اختارها الأول للارتقاء بمكانته من خلال إهانة الأخير، وإذلاله علناً، وكأن هذا فقط ما يشغل القيادة العسكرية الإسرائيلية في هذا الوقت الحساس".
وأضاف في مقال نشرته
صحيفة معاريف، وترجمته "عربي21" أن "كاتس يقدم على هذا السلوك المهين مع أن الدولة بأسرها في حالة حرب، ومعدل النزيف لديها مرتفع بشكل مثير للقلق، وتخسر جنودها كل يوم، لكننا عندما ننظر لأعلى الهرم، نرى وزير حرب لا يشغله سوى إقصاء رئيس الأركان، وبسرعة، ولا يقف الأخير وحيداً في هذا الإذلال، بل إن رئيس جهاز الشاباك
رونين بار بات أيضاً في مرمى النيران، لكنه تابع لرئيس الوزراء، صحيح أنها جبهة بعيدة عن كاتس، لكنها قريبة منه، كونه يتأثر بشكل مباشر برئيس الوزراء وحاشيته".
وأشار أن هدف كاتس من هذا السلوك هو واحد ويتمثل بالإطاحة بقيادة المؤسسة الأمنية العسكرية، ساعياً في ذلك لكسب المزيد من الوقت، وتأجيل تشكيل لجنة التحقيق الحكومية في فشل السابع من أكتوبر، التي باتت مطلوبة بعد كل حرب كما كانت الحال في 1973، وبعد مجزرة صبرا وشاتيلا 1982، وحرب لبنان الثانية 2006، وحوادث أمنية أخرى".
وأضاف أن "سلوك كاتس تجاه هاليفي دفع وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير للانضمام لهذا "الاحتفال"، فلديه هو الآخر ما يقوله، حين يهاجم رئيس الأركان، وهي مناسبة لإجراء مقارنة بين السيرتين الذاتيتين لهما في خدمة الدولة، والحفاظ على أمنها، مع أن المقارنة محرجة، بل إن مراقب الدولة، المعين سياسياً من رئيس الوزراء، يشارك في هذه الجوقة".
وتابع، "خلال عملي في المؤسسة العسكرية زرت الكثير من المواقع مرات عديدة، مكتب وزير الحرب، وحدة المتحدث باسم الجيش، وتابعت التطورات في المنطقة، والعلاقة بين وزير الحرب ورئيس الأركان القائمة منذ سنوات طويلة، لم يحدث شيء كهذا من قبل إلا في 2025، مع أن الحوار بينهما يتم بالعادة طوال سنوات وعقود ماضية من خلال الجلوس بطريقة محترمة لمناقشة أي أمر، يتجادلان، ثم يتوصل الوزير للقرار المتوافق عليه، وأنا مقتنع أنه لو تم تنفيذ الأمور بهذه الطريقة، لكنّا تجنّبنا الحملة السخيفة التي نشهدها اليوم".
وبين أنه "لا ينبغي لرئيس الأركان أن يتقاعد الآن استجابة لمطالب وزير الحرب، لأنه في خضم القتال، ويقود الجيش لعمليات كبيرة على كافة الجبهات، وإن الامتنان الذي يعرب عنه رئيس الوزراء بشفتيه المطبقتين للجيش، يدين به أيضاً لرئيس الأركان".
وختم بالقول إن "رفضي لسلوك كاتس تجاه هاليفي لا يلغي قناعتي أن هجوم حماس في السابع من أكتوبر كان يومًا يقع على عاتق ضمير الأخير، وقد قبِله بمسؤولية كاملة، دون تهرّب أو إنكار، ويعلم أن اللحظة ستأتي حين يتعين عليه توضيح ما حدث في ذلك اليوم للجمهور الإسرائيلي، أما نصيحتي لكاتس فإن طريقه للقمة لن يكون على أكتاف هاليفي".