سياسة عربية

حزب تونسي معارض يدعو للإفراج عن الغنوشي.. لا للمحاكمات السياسية

لقد مهدت سلطة الأمر الواقع للتخلص من الديمقراطية بالاستيلاء على صلاحيات المجلس الأعلى للقضاء وتحويله إلى جثة هامدة.. الأناضول
انتقد الحزب الجمهوري من أجل الحريات في تونس، الحكم الصادر بحق رئيس حركة النهضة الشيخ راشد الغنوشي في قضية "انستالينغو"، ودعا إلى إطلاق سراحه.

وأكد الحزب الجمهوري في بيان له اليوم أنه يُعاين ببالغ القلق ما قال إنه "انغماس للنظام الحاكم في مسلسل الاعتقالات التعسفية والمحاكمات الجائرة بحق المعارضين السياسيين ونشطاء المجتمع المدني المتمسكين بممارسة حقهم المشروع في التعبير عن الرأي واتخاذ المبادرات المتعلقة بالشأن العام".

ورأى، بأن هذا التوجه يأتي "في إطار ردة سياسية استهدفت ضرب المكتسبين الوحيدين اللذين حققتهما الثورة التونسية أي: منجز الحريات الديمقراطية الواسعة ومكسب استقلالية القضاء".

وأضاف البيان، الذي حمل توقيع الأمين العام بالنيابة عبد اللطيف الهرماسي: "لقد مهدت سلطة الأمر الواقع للتخلص من الديمقراطية بالاستيلاء على صلاحيات المجلس الأعلى للقضاء وتحويله إلى جثة هامدة وبإطلاق خطاب الترهيب والتهديد الموجه لكل قاض يتجاسر على الحكم بحيادية واستقلالية عن التعليمات، ثم انتقلت إلى تصفية حساباتها مع مكونات المعارضة السياسية وتنفيذ خطة لإسكاتها وإقصائها من المشهد بما يتيح لها الانفراد بإدارة البلاد بلا حسيب ولا رقيب".

وانتقد الجمهوري، في هذا الإطار، سلسلة الاعتقالات التي طالت أبرز قياديي حركة النهضة، والتي قال بأنها جاءت "متعللة بتأويلات تعسفية لتصريحات أو أنشطة تمت ضمن إطار ممارسة الأنشطة السياسية المشروعة".

وأشار إلى قضية "انستالينغو"، وقال إنها جاءت "في أجواء من التعتيم على مكونات الملف ومسار التحقيق وصولا إلى محاكمة غريبة خلطت بين السياسي وما يندرج ضمن قضايا الحق العام وانتهت إلى إصدار أحكام قاسية نشير منها بالخصوص إلى الحكم الثقيل المسلط على الأستاذ راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة".

وأعرب الحزب الجمهوري عن "أسفه البالغ لهذا التشدد خاصة عندما يسلط على قائد سياسي مسن لمجرد شبهات وفي موضوع لم تتضح ملابساته وطالب بإطلاق سراحه في انتظار المراحل القادمة من التقاضي".

 وحذّر الحزب الجمهوري من أن الأيام المقبلة تنتظر تنظيم محاكمة سياسية حول التآمر المزعوم المنسوب لعدد من أبرز قياديي المعارضة والنشطاء من بينهم عصام الشابي الأمين العام للحزب الجمهوري من أجل الحريات، مشيرا إلى أنها تأتي "في سياق يهدد بأن يكون فضيحة سياسية وقضائية أخرى".

وأعلن الجمهوري عزمه على مواصلة الكفاح من أجل تكريس مبادئ حقوق الإنسان وحقوق المواطن وحق السجين السياسي بالتحديد في حفظ حريته وكرامته طالما أنه لا يمثل خطرا على غيره، وبما يقتضي في الأصل مثوله في حالة سراح أمام قضاء مستقل وحيادي.

إقرأ أيضا: عصام الشابي لـ"عربي21": أحذر من حدوث انفجار اجتماعي بتونس

وطالب الحزب الجمهوري بأن تجري محاكمة 4 مارس المقبل في نطاق العلنية وبحضور وسائل الإعلام دون قيود وحضور عائلات المعتقلين، مؤكدا أنه "على يقين بأن المحاكمة لو استجابت لهذه الشروط ستكون كفيلة بفضح المتآمرين الحقيقيين على الدولة التونسية وأمنها، وعلى الوطن وأبنائه البررة المعتقلين، وعلى مستقبل تونس"، وفق البيان.



وفي 5 فبراير الجاري، أصدرت المحكمة الابتدائية في تونس أحكامًا قاسية في قضية "أنستالينغو"، شملت شخصيات سياسية وصحفيين بارزين. تراوحت الأحكام بين 5 و54 سنة سجنًا، بالإضافة إلى مصادرة أملاك وغرامات مالية بحق 41 متهمًا، بينهم من هم في حالة فرار.

ومن أبرز المحكوم عليهم: راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة، وهشام المشيشي رئيس وزراء ساب، ووضاح خنفر مدير عام الجزيرة سابقا.

وتتعلق القضية بشركة "أنستالينغو" المختصة في صناعة المحتوى والاتصال الرقمي، ومقرها مدينة القلعة الكبرى بولاية سوسة. وُجّهت للشركة تهم بالاعتداء على أمن الدولة الداخلي، تبييض الأموال، والإساءة للغير عبر شبكة الاتصال العمومي.

وتم تحديد موعد الجلسة الأولى في قضية "التآمر على أمن الدولة" في تونس يوم 4 مارس 2025، أمام الدائرة الجنائية الخامسة بالمحكمة الابتدائية بتونس.

وتتعلق هذه القضية باتهامات موجهة إلى نحو 40 شخصية، بينهم قادة سياسيون وأمناء أحزاب ونشطاء وحقوقيون، بالتآمر على أمن الدولة الداخلي والخارجي. وقد أثارت القضية جدلاً واسعًا في الأوساط السياسية والحقوقية، حيث يطالب البعض بعلنية الجلسات لضمان الشفافية، بينما تدعو هيئات حقوقية إلى توفير محاكمة عادلة للمتهمين.

يذكر أن الحزب الجمهوري التونسي هو حزب سياسي وسطي اجتماعي معتدل، تأسس في 9 أبريل 2012 من خلال اندماج عدة أحزاب، أبرزها الحزب الديمقراطي التقدمي، آفاق تونس، حزب الإرادة، حزب الكرامة، حركة بلادي، وحزب الديمقراطية والعدالة الاجتماعية، بالإضافة إلى مجموعة من المستقلين.

ويتولى عصام الشابي منصب الأمين العام للحزب الجمهوري منذ عام 2017. ويُعتبر الشابي من أبرز المعارضين لسياسات الرئيس قيس سعيّد، ودعا مرارًا إلى توحيد صفوف المعارضة لمواجهة التحديات السياسية في البلاد.

في فبراير 2023، تم اعتقاله ضمن حملة شملت شخصيات سياسية وإعلامية بارزة. ورغم تقديمه لترشحه للانتخابات الرئاسية، إلا أن الحزب الجمهوري أعلن في يوليو 2024 عن سحب ترشحه بسبب "عراقيل إدارية".

إقرأ أيضا: هيئة الدفاع عن الغنوشي: قضية أنستالينغو سياسية وأحكامها جائرة