تقارير

ما تداعيات طوفان الأقصى على سقوط نظام الأسد وتحرير سوريا؟

من أهم تداعيات طوفان الأقصى على ما حدث في سوريا، انكشاف حقيقة المشروع الإيراني في المنطقة، وبدء استهدافه في لبنان.. فيسبوك
في تغريدة لافتة قال الإعلامي السوري مقدم برنامج "الاتجاه المعاكس" على قناة الجزيرة، د. فيصل قسام "للتاريخ: اختلفوا واتفقوا مع "يحيى السنوار" كما تشاؤون، تجادلوا حوله كما تحبون، فهو مثير للجدل بكل تأكيد، لكن سأقول اليوم: إذا حاول أحد السوريين أو غيرهم أن يربط يحيى السنوار بالمشروع الإيراني فسأكون منزعجا جدا".

وتابع: "توقفوا عن هذه الأسطوانة المشروخة، وتذكروا أن السنوار سواء كان يدري أو لا يدري فقد لعب دورا تاريخيا في تحرير سوريا من الاحتلال الفارسي، ولولا السنوار لما كان طوفان سوريا، كان بودي أن أشرح أكثر لكن خلينا ساكتين الآن".



تغريدة القاسم لاقت استحسانا كبيرا؛ فعلق عليها الكاتب والناشط الأردني طارق أسعد التميمي بالقول: "ولذلك أطلب من السوريين شكر السنوار وشباب غزة، سواء كان يقصد أم لم يقصد، وهو لم يقصد، فلولا طوفان الأقصى لما تداعى محور الشر السبئي، ولما فتح الشباب حلب وحماة وحمص ودمشق بهذه السهولة، والله غالب على أمره".


 
وعلق اليمني سيف المثنى، الكاتب والباحث في مركز واشنطن للدراسات اليمنية قائلا: "السنوار أوقف العالم على رجل واحدة، كشف النقاب عن كذبة وحدة الساحات، وأعاد للثورات سيرتها الأولى، كانت عصاه القشة التي قصمت المحور والعصا التي تحولت إلى ثعبان يسعى في سوريا، فإذا هي تلقف ما يأفكون، فوقع الحق وبطل ما كانوا يعملون، عاشت سوريا ويسقط بشار الأسد".


 
ما تضمنته تغريدة القاسم، والتعليقات الموافقة لها تثير تساؤلات حول حقيقة تأثير وتداعيات طوفان الأقصى على سقوط نظام الأسد، وتحرير سوريا، وهل كان للأول بالفعل ذلك الدور الكبير في تحريك الثاني؟ وإن كان الأمر كذلك فكيف أثر طوفان الأقصى على تحريك طوفان سوريا؟ وهل يمكن أن تتوسع دوائر تأثير الطوفان لتشمل دولا أخرى في قابل الأيام؟

في مناقشته للأسئلة المثارة لفت الكاتب والباحث السياسي السوري، أحمد قاسم، إلى أهمية استرجاع السياق الذي جرى فيه تمدد المشروع الإيراني في المنطقة، والذي جاء في إطار "استخدام إيران كأداة لعملية التغيير الديمغرافي في منطقتنا، إن كان في العراق أو سوريا أو اليمن وصولا إلى لبنان، للتحضير لما يسمى بـ إسرائيل الكبرى" على حد قوله.

وأضاف: "وكانت إيران هي الذراع القذرة التي تمت بها عمليات قتل وتشريد واستباحة أعراض وممتلكات الشعوب العربية التي وصلت إيران إليها، رأينا هذا في العراق بعد سقوط صدام حسين، ورأينا ماذا عملت في لبنان، وماذا عملت في سوريا، وما الذي فعلته في اليمن، فكل بلد كانت تدخله تحوله إلى مزبلة، تقضي على اقتصاده، وتدمر البنى التحتية بالكامل، مع اشتغالها على الموضوع الديني الأيديولوجي".


                                                   أحمد قاسم.. كاتب وباحث سياسي سوري

وواصل قاسم حديثه لـ"عربي21" بالقول: "وبعد التمدد الإيراني في المنطقة، ونتيجة لتكبرها، ومحاولة إيران اللعب بتلك الأوراق بعيدا عن الإرادة الدولية، وبعيدا عن إرادة أمريكا وإسرائيل، جرى استهداف المحور الإيراني في المنطقة، وحدث ما حدث في سوريا، ولن يتوقف الأمر عند ذلك، بل سيتم استهداف العراق، وسيتم استهداف إيران نفسها، وربما تكون النتيجة إسقاط نظام الملالي نفسه".

وتابع: "ومن أهم تداعيات طوفان الأقصى على ما حدث في سوريا، انكشاف حقيقة المشروع الإيراني في المنطقة، وبدء استهدافه في لبنان، وهو ما ساهم بالتالي بتوافر الموافقة الدولية لإنهاء الوجود الإيراني في المنطقة، لأنه كان بالأساس بموافقة ومباركة دولية، ولغايات عديدة، لكن حينما ظهرت مآرب إيران الأخرى، كان من أهم تداعيات ذلك كشف الغطاء عن الوجود الإيراني في سوريا، وكان من نتائجه أن سمح للسوريين دوليا بالتحرك ضد هذا الوجود".

من جهته أشار الكاتب والباحث السياسي الأردني، خالد عبد الهادي إلى "الدور الرمزي لطوفان الأقصى، فما قامت به المقاومة الفلسطينية في طوفان الأقصى يحمل رسالة تتعلق بالقدرة على تحدي الاحتلال والمواجهة، وهو ما قد يساهم في إعادة إحياء قضايا التحرر والمقاومة في الوعي العام العربي".

وأردف: "أما بالنسبة لسوريا فإن المزاج الشعبي يتأثر بهذه الأحداث، ويزيد من حالة التوتر الداخلي بسبب الظروف المستمرة في البلاد، والتي تشهد منذ سنوات مطالب بالإصلاح والتغيير، كما أن طوفان الأقصى أثار اهتماما إعلاميا وشعبيا كبيرا في المنطقة، مما قد يساهم في تحفيز قوى أخرى لاستثمار هذا الزخم للتعبير عن مطالبها بالعدالة والحرية".

وتابع لـ"عربي21": "لكن من المهم التأكيد على أن الحالة السورية لها عواملها الداخلية المستقلة، فالنظام السوري جزء من محور المقاومة، وأي تحول في مواقف الأطراف الإقليمية والدولية المحيطة به، مثل روسيا التي باتت منشغلة بشكل كبير في حرب أوكرانيا، يمكن أن يؤثر على المشهد السوري، كما أن حزب الله يواجه أيضا ضغوطا شديدة، سواء بسبب الاستهداف الإسرائيلي أو الوضع الداخلي اللبناني، وهو ما يحد من قدرته على المناورة".


                                               خالد عبد الهادي.. كاتب وباحث سياسي أردني

وأكمل فكرته بالقول: "في المقابل تسعى إيران إلى الحفاظ على أمنها واستقرارها الداخلي، وتجنب التصعيد الكبير مع التوازن بين دعم المقاومة وضمان عدم التورط في مواجهات كبرى، وفي هذا السياق استغلت هيئة تحرير الشام وفصائل المعارضة الأخرى هذه الظروف وانقضت على النظام السوري، وباتت تسيطر على مساحات واسعة من الجغرافيا السورية".

وعن تداعيات طوفان الأقصى على ما حدث في سوريا قال عبد الهادي إن "إيران كانت حذرة من التدخل المباشر في معركة طوفان الأقصى خوفا من استنزاف القوى الاستراتيجية في محور المقاومة، وتدخل حزب الله في المعركة ـ رغم إيجابيته في إسناد غزة ـ إلا أنه أثر سلبا على الوضع العسكري للمحور ككل، مما قلل من قدرته على دعم النظام السوري، وإيران كانت تحتاج إلى وقت للتحضير قبل التصعيد، وعارضت الاندفاع نحو التصعيد المبكر".

وأضاف أن "إيران خفضت تدخلاتها العسكرية في سوريا تحت ضغط إسرائيلي، مما جعل من الصعب عليها تقديم الدعم الكامل للنظام السوري أو الحفاظ على توازن القوى في المنطقة، كما أن مقتل غالبية قادة حزب الله من الصفين الأول والثاني، واستهداف غالبية مستشاري الحرس الثوري الإيراني في سوريا عبر الغارات الإسرائيلية، إضافة إلى تدمير مخازن الأسلحة، وإحجام المليشيات العراقية عن الدخول إلى سوريا، كل ذلك أظهر ضعفا كبيرا في محور المقاومة".

وفي ذات الإطار علق المدون والناشط السوري، مصعب العوا على تغريدة القاسم بالقول: “قرأت تغريدة القاسم، التي أشار فيها إلى أن السنوار سواء كان يدري أو لا يدري لعب دورا أساسيا في أحداث سوريا، وبالفعل فإن ما فعله السنوار شكل ظروفا إقليمية مناسبة، وإن لم تقصدها فصائل المقاومة الفلسطينية".

وأضاف في حديثه لـ"عربي21": "ومن المؤكد أن إخواننا أصحاب ردع العدوان اهتبلوا الفرصة، واقتنصوا الظروف القائمة بعد تدمير بنية حزب الله التحتية، واستهداف قيادة الصف الأول والثاني فيه، وإضعاف المحور الإيراني، إضافة إلى انشغال روسيا في أوكرانيا، فحلفاء نظام الأسد في وضع لم يعد يمكنهم من التدخل كالسابق، أما العرب فقد تخلوا عن الأسد بعد أن عجزوا عن إصلاحه، وهو ما عزز نجاح عملية ردع العدوان".


                                                        مصعب العوا.. ناشط ومدون سوري

واستبعد العوا في ختام حديثه إمكانية توسيع دائرة تأثير طوفان الأقصى على دول أخرى في المنطقة، لأن "الدول الأخرى المقصودة لم تتحقق فيها بعد شروط معادلة التغيير، في الوقت الذي اكتملت عناصرها في سوريا.. فعوامل التغيير تراكمية وليست وليدة اللحظة، ومن الوارد أن تؤثر في تحسين شروط إدخال التيارات الإسلامية ضمن السيستم السياسي، ودعوتها للمشاركة إما للتخفيف من ضغط الشارع أو لإفشال تلك التيارات عبر تجارب تظهر ضعفها وفشلها".
الأكثر قراءة في أسبوع