صحافة دولية

تقييم أمريكي يتحدث عن "نجاح" استراتيجية الردع ومنع توسع حرب غزة

ذكر مسؤولون أمريكيون أن هناك فرصة حقيقية لاتفاق وقف إطلاق النار بعد زيارة نتنياهو لواشنطن- جيتي
تحدثت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية في تقرير لها، أن واشنطن أنهت انتشارها العسكري في منطقة الشرق الأوسط، وعادت حاملة الطائرات دوايت آيزنهاور، وذلك بعد تقييم مستشار الأمن القومي لجهود إدارة الرئيس جو بايدن في احتواء "النزاع" بالمنطقة.

ولفتت الصحيفة في التقرير الذي ترجمته "عربي21" إلى أنه بعدما رست حاملة الطائرات في ميناء نورفولك هاربر، هبطت طائرة صغيرة على سطح الحاملة وسط العاصفة والمطر. وبعدما توقف محرك الطائرة خرج منها مستشار الأمن القومي جيك سوليفان وعدد من كبار المسؤولين في البحرية، حيث نزلوا إلى مربط السفينة وكان بانتظارهم آلاف من البحارة الذي يعدون الدقائق للعودة إلى بيوتهم.

وتابعت: "في الوقت الذي صرخ فيه البحارة فرحا، قام قائد البحرية بالحديث عن إنجازاتهم. وكان هناك حس من الارتياح بأن المهمة الطويلة تقترب من نهايتها. وتركت البارجة الحربية آيزنهاور مرساها في نورفولك بعد 7 تشرين الأول/ أكتوبر وانتهت فترة انتشارها ثلاث مرات. وقد عاد البحارة أخيرا إلى أمريكا بعد مشاركتهم في أكبر عمليات بحرية كثافة منذ الحرب العالمية الثانية".

 وتحدث سوليفان للبحارة الذين تجمعوا على سطح المربط حيث استعاد لهم كيف كان يمشي في المكتب البيضاوي ليخبر الرئيس جو بايدن عن بطولات آيزنهاور ومجموعة الضرب، واعتراضها للمسيرات الإيرانية الصنع وإنقاذ بحارة هاجمهم الحوثيون في البحر الأحمر. وقال: "يا رجل، عن أي بحارة أتحدث، رجالك لعبوا دورا دفاعيا وأنت لعبت دور المدافع"، و"عندما يطلب منا أحد المساعدة نأتي إليهم وبقوة".

وتقول الصحيفة إن سوليفان ومسؤولين في البيت الأبيض استخدموا مناسبة عودة حاملة الطائرات آيزنهاور، للتأكيد على استراتيجيتهم قائلين إن "الجمع ما بين الدبلوماسية السرية، والردع والجاهزية لاستخدام القوة منعت من اندلاع حرب واسعة. فقد أوقفت الجماعات الموالية لإيران هجماتها منذ شباط/ فبراير".

 وذكرت أنه "بعد ضرب إسرائيل القنصلية الإيرانية في دمشق، ردت إيران بوابل من الصواريخ التي تم اعتراض معظمها. وأقنع حزب الله بألا يسمح للمواجهات الحدودية مع إسرائيل بالتحول إلى حرب واسعة. وتقدر المخابرات الأمريكية أن إيران ومنذ بداية الحرب في غزة منذ تسعة أشهر لم تعد تشجع حماس على مواصلة القتال".

وتعلق الصحيفة بأن "النتائج للاستراتيجية الأمريكية ليست تامة، فلم تتوقف إسرائيل عن حملتها العسكرية في غزة، ما أدى إلى سقوط عشرات الآلاف من الفلسطينيين. ولم يتم تحرير أي من الأسرى الإسرائيليين لدى حماس. ودعما لحماس، لا يزال الحوثيون يعرقلون الملاحة التجارية في البحر الأحمر، أما القتال بين حزب الله وإسرائيل فقد يخرج عن السيطرة. وعلى الأرجح لن تتوصل حماس وإسرائيل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار إلا بعد زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو واشنطن نهاية الشهر الحالي".

ويقول المسؤولون الأمريكيون إن هناك فرصة حقيقية لاتفاق وقف إطلاق النار بعد الزيارة. وقال سوليفان: "لن أستخدم الكلمة الجميلة، تفاؤل، ولكني أريد القول إننا نرى طريقا"، و"هناك فرصة للحصول على وقف إطلاق النار في غزة وأكثر من وقت طويل. ولكن هذا ليس أمرا مؤكدا، فالسياسة معقدة في إسرائيل والنفسية معقدة في غزة".

ويقول بارنز إن إشارات القتال الشديد واضحة على عملية نشر البارجة، إشارات عن العمل القتالي للبحارة، وشارات التكريم للوحدات والطاقم، وبقايا مسيرات أطلقها الحوثيين حملت على سطح السفينة و16 قنبلة أطلقت نحو البارجة. وكانت آيزنهاور في مركز خطة الرد الأمريكي فيما بعد هجمات حماس واستخدام الردع والهجوم العسكري والدبلوماسية لإدارة النزاع في الشرق الأوسط.

وتذكر بريت ماكغيرك، أحد مسؤولي مجلس الأمن القومي الموكل بملف الشرق الأوسط، اجتماعا مع سوليفان عندما بدأ حزب الله بإطلاق الصواريخ ضد إسرائيل وفي الأيام التي أعقبت الهجمات.

وقال: "لقد وضعنا أهدافا لاحتواء الأزمة في غزة" و"بدأ حزب الله بإطلاق النار في 8 تشرين الأول/ أكتوبر وعرفنا على الفور أن مخاطر اندلاع حرب إقليمية واسعة هي عالية". وبدأ سوليفان وزملاؤه برسم خطة تحرك سريعة "في الأيام الأولى بعد 7 تشرين الأول/ أكتوبر، كان رأيي هو أن التحرك السريع ضروري"، كما قال للصحيفة، و"عليه وبعد عدة أيام كنا نفكر باستعراض العضلات العسكرية التي تظهر الحزم من جانب الولايات المتحدة". وتحدث سوليفان ولويد أوستن وزير الدفاع عن تحريك حاملة الطائرات جيرالد آر فورد إلى شرق المتوسط، قرب إسرائيل. إلا أن النقاش تحول نحو آيزنهاور الملقبة بـ"ذي إيكي" مثل لقب الرئيس الأسبق.

 ولم يكن من المفترض تحريك إيكي إلى الشرق الأوسط مباشرة، لكن سوليفان وأوستن غيرا الخطة. وقال سوليفان: "في المرحلة الأولى كان الأمر يتعلق بمدى القوة الأمريكية وسرعة النشر لتوفير الحماية وتطمين الإسرائيليين وردع أعدائهم".

إلا أن الحاملة وجدت نفسها وسط قتال متغير، فمع استخدام الحوثيين مسيرات بحرية وتطويرهم تقنيات قتالية جديدة، فقد راجعت البحرية الأمريكية خططها وبدأت باستخدام الأسلحة الإلكترونية واعتراض أسراب المسيرات الحوثية.

وقال البحارة إن الاتصالات بين مجموعة الضربات على الحاملة والخبراء في الولايات المتحدة مستمر. وبدأت البحرية باستخدام أنظمة سلاح بطريقة لم تتصورها من قبل. ورافق قائد البحرية كارلوس ديل تورو سوليفان حيث قال إن النقاد كانوا يتحدثون عن التكنولوجيا العسكرية مثل الصواريخ القاتلة للسفن ما يعني أنه لم يعد هناك مستقبل لحاملات الطائرات، إلا أن القتال ضد الحوثيين أظهر أن السفن لا تزال تلعب دورا مهما في القتال القريب و"أعتقد أنه درس لا يقدر بثمن".

ولعب سوليفان دورا واضحا كمستشار للأمن القومي، وأحاط الصحافيين في البيت الأبيض أكثر من مرة. وهذا لأن الرئيس بايدن ترك الأمر لفريقه، حيث كان سوليفان الأول لشرح تفاصيل السياسة الخارجية للرأي العام. وبدوره وصف سوليفان رئيسا يتخذ نهجا دقيقا في التفاوض على النقاط الدقيقة ذات العلاقة بدبلوماسية الشرق الأوسط ويتصل مع نتنياهو ويحثه على ضبط النفس تجاه إيران ومع الرئيس المصري لفتح الحدود المصرية مع غزة.

وقال آخرون إن سوليفان يفهم تفكير الرئيس ويعرف متى يريد استخدام القوة وعندما لا يريد. ونسب ماكغيرك الفضل لسوليفان ببناء استراتيجية الشرق الأوسط والتي جمعت ما بين القوة العسكرية والدبلوماسية والتي اشتملت على رسائل لم تتوقف إلى إسرائيل وقنوات سرية مع إيران. وقال ماكغيرك إن الاستراتيجية التي بناها سوليفان كانت واضحة في الكيفية التي نسق فيها الرد الأمريكي مع اقتراب إسرائيل وإيران من حرب مفتوحة هذا الربيع. ويعرف سوليفان أكثر من أي شخص آخر أن كل هذا النجاح قد ينهار في أية لحظة.