ملفات وتقارير

الناخب يهتف لـ"غزة" ويصوت لداعمي الاحتلال.. ماذا يخبئ البرلمان الأوروبي لفلسطين؟

يؤدي تصاعد اليمين المتطرف إلى سهولة تمرير تشريعات وقوانين جديدة - جيتي
حققت أحزاب اليمين المتطرف مكاسب غير مسبوقة في انتخابات البرلمان الأوروبي، بعد أن اختتم الناخبون في 27 دولة بالاتحاد الأوروبي، الأحد، التصويت في الانتخابات التي استمرت أربعة أيام.

وصوت ما يقرب من 450 مليون ناخب أوروبي في الانتخابات التي بدأت من الخميس حتى الأحد في كل دول الاتحاد الأوروبي، وسط أزمات اقتصادية ومعيشية؛ صبت في صالح أحزاب اليمين المتطرف الذي ألحق الأزمات باللاجئين، لكسب المزيد من الأصوات.

ويؤدي تصاعد اليمين المتطرف داخل البرلمان الأوروبي إلى سهولة تمرير تشريعات وقوانين جديدة، كونه يلعب دورا حاسما في صياغة القوانين واتخاذ القرارات على المستوى الأوروبي، حيث تؤثر نتائج الانتخابات على جميع الدول الأعضاء والقارة.

ويصل عدد أعضاء البرلمان الأوروبي إلى 720، إذ تنص القواعد على ألا يضم البرلمان أكثر من 751 ممثلا لمواطني الاتحاد (750 نائبا والرئيس)، وبعد خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي عام 2020، انخفض عدد النواب إلى 705، وأعيد توزيع جزء من المقاعد الـ 73 التي كان يشغلها النواب البريطانيون سابقا على الدول الأعضاء الأخرى التي كانت "ناقصة التمثيل" نظرا لعدد السكان.

ويلعب البرلمان الأوروبي دورا حاسما في تنصيب المفوضية الأوروبية، إذ ينتخب رئيس هذه المؤسسة بالأغلبية المطلقة، بناء على اقتراح من المجلس الأوروبي، ويمكن لأعضاء البرلمان الموافقة أو رفض هيئة المفوضين.

كما أن البرلمان الأوروبي يتمكن من طرح أسئلة مكتوبة أو شفهية على المجلس والمفوضية، وتلقي الالتماسات من المواطنين الأوروبيين، وتشكيل لجان تحقيق مؤقتة، في حال حدوث انتهاكات أو سوء تطبيق لقانون المجموعة، كما أن لديه الحق في الاستئناف أمام محكمة العدل التابعة للاتحاد الأوروبي.

من له حق التصويت؟

وحددت دول الـ27 الأعضاء بالاتحاد الأوروبي سن الـ 18 عاما كحد أدنى لسن المصوت، فيما خفضت بلجيكا وألمانيا ومالطا والنمسا السن القانونية إلى 16 في قانون تم اعتماده عام 2022، فيما حددت اليونان الـ17 كحد أدنى للسن القانونية للمشاركة بالانتخابات.

ويعتمد عدد المقاعد في البرلمان الأوروبي بالنسبة لكل دولة على حجم سكانها، فألمانيا التي تضم أكبر عدد من السكان، 96 برلمانيا أوروبيا، وهو الحد الأعلى. أما أصغر الدول، وهي قبرص ولوكسمبورغ ومالطا، بـ 6 أعضاء لكل منها.

حذر من صعود اليمين المتطرف
وسط حالة من الترقب والقلق حذر مؤرخ بريطاني من خطر صعود الأحزاب اليمينية في أوروبا، بعد المكتسبات الكبيرة في انتخابات الاتحاد الأوروبي، خوفا من مواجهة القارة العجوز لـ "الفاشية والقومية والحرب".

وكتب المؤرخ والكاتب تيموثي غارتون آش، في مقال نشرته صحيفة "الغارديان" وترجمته "عربي21"، إن "أوروبا تواجه الآن مرة أخرى الفاشية والقومية والحرب"، مضيفا بأنه لا يجب الاطمئنان إلى التصريحات التي أدلت بها رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين بأن الوسط صامد.

هل يصمد اليمين في وجه الانقسامات
ولم يخف صعود اليمين المتطرف حالة الانقسامات والتصدعات في صفوفه، خاصة بعد قرار فصل "البديل من أجل ألمانيا" عن تجمّع "الهوية والديموقراطية" بسبب جنوحه النازي، وبعد رفض رئيسة وزراء إيطاليا جيورجيا ميلوني التجاوب مع دعوة الفرنسية مارين لوبان لتشكيل كتلة واحدة في البرلمان الأوروبي.

إلا أن قوى اليمين المتطرف لن تتوقف عن زرع الألغام داخل الاتحاد وعرقلة الملفات الأوروبية الرئيسية، من الميثاق الأخضر وتغيّر المناخ إلى الطاقة أو سياسة الهجرة، ناهيك عن التعهّدات بمواصلة تقديم الدعم المالي والعسكري لأوكرانيا والاحتلال الإسرائيلي.

مؤيدو فلسطين يمنحون أصواتهم لأحزاب داعمة للاحتلال
وفي ظل حالة الوعي في الشارع الأوروبي بالقضية الفلسطينية مع استمرار حرب الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، وخروج المظاهرات بشكل مستمر مطالبة لدول الاتحاد الأوروبي بوقف التعاون والدعم العسكري والمعادي للاحتلال الإسرائيلي، ووقف إطلاق النار، تأتى النتائج لصالح أحزاب موالية وداعمة للاحتلال.

وستؤدي نتائج قوى اليمين الشعبوي وصعوده حتما إلى رسم خرائط سياسية جديدة داخل البرلمان الأوروبي، ما قد يؤدي إلى خلل في التوازنات القائمة منذ عقود، بفعل اتساع الكتلة الانتخابية لليمين المتطرف في عدد من الدول الأوروبية وهذا يؤثر على منظومة التشريع والقوانين، وفي السياسات الخارجية للاتحاد وعلاقاته التجارية والاقتصادية، وقضية فلسطين ودعم الاحتلال، وكذلك قضية المهاجرين.

وتعددت العوامل المؤثرة في صعود شعبية اليمين المتطرف، فهناك عوامل ذات صلة بالتغيرات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تشهدها أوروبا، وهناك المحفزات الخارجية المرتبطة بالتطرف.

الترويج لأجندة قومية
وأكد عضو الأمانة العامة للجالية الفلسطينية في هولندا نور الدين عبد الرزاق في تصريحات خاصة لـ "عربي21" أن تقدم اليمين المتطرف ف الانتخابات الأخيرة يعطى دلالات لأمور كثيرة، حيث يعكس زيادة في الاستياء من السياسات الحالية للاتحاد الأوروبي. هذا يمكن أن يكون مرتبطًا بالشعور بأن الاتحاد الأوروبي يتدخل بشكل مفرط في الشؤون الوطنية أو أنه لا يلبي توقعات المواطنين بشكل كافٍ.

وأضاف عبد الرزاق أن الأحزاب اليمينية المتطرفة غالبًا ما تروج لأجندات قومية وشعبوية، مما يجذب الناخبين الذين يشعرون بأن هويتهم الوطنية مهددة أو أن بلادهم تعاني من سياسات الهجرة المفتوحة والاندماج الاقتصادي الزائد.

وأرجع عضو الأمانة العامة للجالية الفلسطينية في هولندا ذهاب أصوات الناخبين إلى القلق الاقتصادي والاجتماعي، خاصة في ظل وجود المشاكل الاقتصادية، البطالة، وتدهور الخدمات العامة، وارتفاع تكاليف المعيشة واستياء المزارعين، بالإضافة إلى المخاوف من الهجرة غير المنضبطة، التي تلعب دورًا في زيادة دعم الأحزاب اليمينية المتطرفة.

تأثير اليمين المتطرف على فلسطين
  وأشار عبد الرزاق إلى أن الأحزاب اليمينية المتطرفة في أوروبا تميل عادة إلى دعم سياسات دولة الاحتلال الإسرائيلي وتتبنى مواقف أكثر تعاطفاً معها، مما قد يؤدي إلى تقليل الضغوط الأوروبية على إسرائيل بشأن المستوطنات والانسحاب من الأراضي المحتلة.

وأضاف أن الأحزاب اليمنية قد تسعى إلى تقليص المساعدات المالية المقدمة للفلسطينيين، مما يؤثر على المشاريع التنموية والإنسانية في الأراضي الفلسطينية، إضافة إلى احتمالية، تراجع أوروبا عن دعمها التقليدي لحل الدولتين، مما يزيد من تعقيد الأوضاع السياسية ويقلل من فرص استئناف مفاوضات السلام.

وتابع عبد الرزاق أن موقف الاتحاد الأوروبي قد يتغير في المحافل الدولية لصالح إسرائيل، بسبب صعود اليمين المتطرف مما يؤثر على قرارات الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الأخرى بشأن القضية الفلسطيني، كما أنه قد يؤثر على الحراك الشعبي الداعم للقضية الفلسطينية مثل تقيد التفاعلات وعدم منح التراخيص أو الحظر وتقيد رفع العلم الفلسطيني أو تجريم بعض الشعارات أو محاكمة الناشطين ومنع حملات المقاطعة او جمع التبرعات

ملف اللاجئين
 من ناحية أخرى ابدى عضو الأمانة العامة للجالية الفلسطينية في هولندا تخوفه على ملف اللاجئين حيث قد تلجأ الأحزاب اليمينية المتطرفة الى تشيد سياستها ضد المهاجرين مؤكد أن دائما ما تروج تلك الأحزاب لسياسات هجرة صارمة، وقد يؤدي إلى تشديد إجراءات مراقبة الحدود وزيادة القيود على دخول اللاجئين إلى دول الاتحاد الأوروبي.

وأضاف عبد الرزاق أن تلك الأحزاب قد تعمل على تقليل أو حتى إيقاف برامج إعادة توطين اللاجئين، مما يقلل من عدد اللاجئين الذين يتم استقبالهم في أوروبا، وكذلك تقليل الدعم المالي المخصص للاجئين ولبرامج الاندماج الاجتماعي، مما يجعل من الصعب على اللاجئين الاندماج في المجتمع الأوروبي.

وأردف أنه قد تسعى الأغلبية اليمينية المتطرفة إلى زيادة التعاون مع دول خارج الاتحاد الأوروبي لإقامة مراكز استقبال للاجئين هناك بدلاً من استقبالهم داخل أوروبا كما فعلت لندن مع رواندا في السابق.