ضمن المجريات المتسارعة هناك قواعد رسختها
عقود من الاحتلال وضعت الأطر
الفلسطينية في قالب سياسي حتى المقاوِمة منها، ومشاهد
الانتخابات أو حكم
غزة والضفة والحياة اليومية هي جزء من المشهد الذي ترسخ فأنتج
قوى مقاومة تشاغل وتقاوم ضمن معطيات أسماها الجميع قواعد اشتباك، وأخرى خاملة
وثالثة مهادنة ضمن اتفاق "أوسلو"، وكلها لم تخرج عن قالب المشهد المنتج
والذي بات الإقليم شاهدا سياسيا أو وسيطا أمنيا على ترتيباته.
الآن بإعلان "إسرائيل" الرسمي
القضاء على حماس أوراق كثيرة ومهمة تداخلت، ومفاجآت لا تعرفها الأطراف ستكون وليدة
الميدان الهائج والقرار المصيري غير الطبيعي في الصراع.
هذا يذكرنا جيدا بما أقدمت عليه أمريكا من
خطأ فادح بمحاربة طالبان؛ حيث تفاجأ الأمريكي بتحول كل الشعب لمقاتلين وانخرطوا في
صفوف طالبان، بل وتلاشى الدور السياسي للحركة، فكان هذا التحول جحيما انعكس على
أمريكا التي استسلمت بينما عادت طالبان أقوى للحكم، وتعلق أفراد الحكومة المعينة
بأجنحة الطائرات الفارة.
أمريكا حذرت أن هذا سيزيد الدافعية المقاتلة
ويخفض صوت السياسة لدى الشباب الفلسطيني؛ وأبلغت "إسرائيل" به، بل في
الإعلام الغربي ينشغلون كثيرا في استحضار أمثلة العراق وأفغانستان للإسرائيليين كي
يستخلصوا العبر.
فاتورة الدم كبيرة جدا، وحسابات السياسة دقيقة وانتحارية في نفس الوقت، و"إسرائيل" على مفترق طرق سيرسم مزاج شعب كامل تريده مرتعبا حسب خطتها، ولكن ما فاجأ أمريكا في مواقع أخرى قد يكون في فلسطين، وينقلب السحر على الساحر ويصبح الشعب بأكمله وجغرافيته منخرطا في ما تخوفت من حدوثه
وهنا المشهد أكثر خطورة؛ حيث قد تمتد الحالة
الثورية إلى الميدان العربي الذي يغلي أصلا والذي تعيش شعوبه إحباطا وعجزا أمام
مصادرة صوتهم وحتى عدم سماع صوتهم لدعم فلسطين.
حسابات معقدة تتخوف منها أمريكا ستتكرر في
فلسطين، وربما كرة النار تتدحرج للمحيط العربي اليائس من أنظمة استبداد أوهمت
شعوبها بسلمية ثورة دمرت أحلامهم.
فاتورة الدم كبيرة جدا، وحسابات السياسة
دقيقة وانتحارية في نفس الوقت، و"إسرائيل" على مفترق طرق سيرسم مزاج شعب
كامل تريده مرتعبا حسب خطتها، ولكن ما فاجأ أمريكا في مواقع أخرى قد يكون في
فلسطين، وينقلب السحر على الساحر ويصبح الشعب بأكمله وجغرافيته منخرطا في ما تخوفت
من حدوثه، حيث تتوفر عناصر الغضب العام وليس الحزبي في مخرجات خطة
"إسرائيل" التي تعدم الأفق السياسي وتمس جغرافيا الأمل الفلسطيني، وتحقق
تلقائيا طردا وتهجيرا ووطنا بديلا ومسحا للهوية، وهذه كلها هواجس باتت واقعا
للفلسطيني الذي يراقب ويغلي بحسب وصف أطراف إقليمية للمشهد، كذا الأفغاني والعراقي
قبل زمن.
بين جحيم يغلفه دفاع عن النفس، وبين واقع
يطلبه القانون الدولي، تعيش قيادة "إسرائيل" ساعات عصيبة تفرز الوجود من
عدمه، وتصنف القادم برسم القرار المرتقب.