- استعراض أمني إعلامي معنوي تحاول
من خلاله "
إسرائيل" استعادة الردع الأمني والهيبة المفقودة، وهذه
الجريمة التي كان مسرحها مدنيين ومؤسسات وأسواقا وأطفالا لا يمكن تسميتها عملية
أمنية، كما تحاول وسائل إعلام تصويرها أنها ضربة كبيرة ودقيقة وقصمت ظهر المقاومة
اللبنانية، حتى أن بعض وسائل الإعلام الموجه أمريكيا حاولت تصوير
"إسرائيل" بالأخطبوط الأمني وقوة الردع، وكأنها تحاول ترميم الصورة التي
كسرتها غزة، وهذا لن يجدي لأن صورة 7 تشرين الأول/ أكتوبر والفشل الأمني والعسكري
والمعنوي ما زالا يملآن ذاكرة التاريخ.
- هذه مواجهة مفتوحة فيها صراع أدمغة
بين الهدهد والمسيّرات والاستخبارات ومحاولات الاغتيال والاختراقات، إلا أنها لن
تغير المشهد الرئيسي بقدر ما أنها تسجيل نقاط في سجل المواجهة.
- جريمة أجهزة الاتصال هي ذاتها جريمة شاحنات المساعدات وذاتها مجزرة النصيرات،
والتي يهدف الإسرائيلي فيها لضرب الحاضنة الشعبية من خلال حديثه أن محمد الضيف ومساعده
كانا بين الناس وأن أفراد
حزب الله بين الناس، وهذا ربط ذهني يحاولون تمريره ليجعلك
تبرر الجريمة وتصنف مجزرة كبيرة أنها عملية أمنية معقدة!
- "اليد الطويلة" التي
أطلقتها "إسرائيل" على عملية مهاجمتها ميناء الحديدة ردا على مسيّرة تل
أبيب؛ قطعها اليمن بصاروخ فرط صوتي مطور لتل أبيب، وبالتالي تأكدت
"إسرائيل" أن الردع انتهى وأنها تمتلك التدمير والإجرام ولا تمتلك
الانتصار والخطط العسكرية وهزيمة الخصم، ولذلك جاءت جريمة اليوم في لبنان إثباتا
لعقلية التدمير وليس الجيش الواثق بخطط أمنية.
- يلعب الإسرائيلي مؤخرا على وتر الحرب النفسية لتعويض الخسارة الميدانية،
فغطى عمليته اليوم في سجال "غالانت" واستقالته ودخول "ساعر"، وأشغل
كل الإعلام العربي بهذه القصة وكان يلعب على وتر آخر في محاولة لإشعار العالم أن لديه
تكتيكا ناجحا، ولكن هذا لن يسعفه طويلا، وواضح من هجومه اليوم أنه سيذهب للتصعيد بشكل
كبير في جبهات متفرقة وبدعم أمريكي؛ في محاولة لإعادة رسم المشهد بختم التحالف الإبراهيمي
وفصل الساحات طائفيا وسياسيا بعد فشله في عزلها ميدانيا.
- "إسرائيل" أمام مفترق طرق بين البقاء دولة وهذا يعني هدنة وإعطاء
الحق وإعلان الهزيمة، وهو ما لا تقبله الآن ومعها أمريكا وأنظمة عربية، وبين خيار الوجود
الذي يكرره نتنياهو أنه يدافع بحرب وجودية، وهذه تعطي إشارة تصعيد ومناطق عازلة بلا
جوار ولا سلام، بل قاعدة عسكرية لا يدوم فيها استيطان واستقرار نظرا للكلفة التي تدفعها
يوميا أخلاقيا ومعنويا ودوليا وسياسيا وأمنيا وثقافيا.
- رغم جريمة أجهزة الاتصال إلا أن
الساعة ما زالت بتوقيت المقاومة، والاستنزاف مستنقع تغرق فيه "إسرائيل"
يوما بعد يوم.