قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، إنه
ينظر بخطورة بالغة لإنذار الجيش الإسرائيلي سكان شمال وادي
غزة بتصنيفهم كـ"إرهابيين"
في حال استمرار عدم استجابتهم لأمر إخلاء مناطق سكنهم بهدف تهجيرهم قسريا.
وذكر المرصد الأورومتوسطي في بيان له اليوم
الأحد، أرسل نسخة منه لـ "عربي21"، أنه وثّق في الساعات الأخيرة إسقاط
طائرات مسيرة إسرائيلية منشورات تهديدية تبلغ
الفلسطينيين في محافظتي غزة وشمال
القطاع بأنه سيتم تصنيفهم على أنهم "شركاء في منظمة إرهابية" إذا لم
يتبعوا أوامره بالنزوح إلى وسط وجنوب القطاع.
وأشار المرصد إلى أنه بعد أن كان الجيش منذ
أكثر من أسبوع ينذر هؤلاء السكان بإخلاء مناطق سكنهم "حرصا على سلامتهم"، فإنه يهدد الآن في تطور صادم بأنه سيعتبرهم "شركاء في منظمة إرهابية"، وبالتالي أهدافًا مشروعة للقصف الشامل، بما يكرس سياسة الإبادة الجماعية الحاصلة في
غزة.
وجاء في المنشورات التهديدية الجديدة واطلع
فريق الأورومتوسطي عليها (تحذير عاجل! إلى سكان غزة - إن وجودكم شمال وادي غزة
يعرض حياتكم للخطر. أي شخص يختار عدم الإخلاء من شمال قطاع غزة إلى الجنوب من قطاع
غزة قد يتم تحديده كشريك في منظمة إرهابية).
وتأتي هذه المنشورات التهديدية، وفق ذات
المصدر، بعد أن أمر الجيش الإسرائيلي ابتداء من الـ12 من الشهر الجاري نحو 1.1 مليون
من سكان الجزء الشمالي من قطاع غزة بالانتقال إلى الجنوب، دون ضمان الأمان خلال
النزوح أو السماح لهم بالعودة مستقبلا.
وتم رصد نزوح عشرات ألاف من السكان المنذرين
إلى وسط وجنوب قطاع غزة، لكن المئات منهم قتلوا خلال رحلة الإخلاء، أو في قصف طال
الأماكن التي نزحوا إليها، فيما بعضهم أجبر على العودة لمناطق سكنهم بعد فشلهم في
العثور على ملجأ في ظل اكتظاظ شديد في مراكز الإيواء المحدود.
ويقدر عدد النازحين في قطاع غزة منذ بدء
الهجوم العسكري الإسرائيلي في السابع من تشرين أول/أكتوبر الجاري -كما ذكر المرصد- بأكثر من مليون شخص، نحو نصفهم في مدارس تابعة للأمم المتحدة، من دون أدنى مقومات
الاحتياجات الإنسانية الأساسية. وتعرضت بعض تلك المدارس للقصف في عدة مناسبات.
وقال الأورومتوسطي إن إسرائيل تصر على تنفيذ
عمليات نقل قسري (ترانسفير) للمدنيين في قطاع غزة خارج نطاق القانون الدولي،
والأخطر أنها تمنح نفسها الآن ترخيصا لاستهداف من يرفض أمر الإخلاء باعتبارهم
"إرهابيين".
وأضاف أن المدنيين -ممن يرفضون الإخلاء
لافتقادهم إلى ملجأ بديل، أو لأن من بينهم مسنون ومرضى عاجزون عن الحركة وأشخاص من
ذوي الإعاقة، أو لأنهم لا يريدون ترك منازلهم والسماح لإسرائيل بتسوية كل ما لديهم
بالأرض- لا يمكن اعتبارهم أهدافا مشروعة، وتجريدهم من الحماية الكاملة التي
يتمتعون بها بموجب قوانين الحرب.
وكان مسؤول عسكري إسرائيلي صرح، أمس السبت،
بأن تعريف ما يشكل "هدفا مشروعا" قد تغير الآن، وأن المنازل الخاصة
"يمكن اعتبارها هدفًا مشروعًا"؛ بدعوى استهداف البنية التحتية المدنية
التي "تستخدمها" الجماعات الفلسطينية المسلحة.
ونبه الأورومتوسطي إلى أن إنذار المدنيين
باستهداف مناطق سكنهم في هجمات عشوائية في غياب ملجأ آمن بديل لهم لا يمكن اعتباره
تحذيرا فعالا، بل إن سلطة
الاحتلال ملزمة بتوفير الحماية لهم حال لم يستطيعوا أو لا
يرغبون بالإخلاء.
وشدد على أن قوانين الحرب تحظر تحت أي مبرر
استهداف المدنيين عمدا، وتعتبر تهجيرهم قسريا قد يرقى إلى جريمة ضد الإنسانية، وانتهاكا صارخا للقانون الإنساني الدولي.
ويأتي التحذير الإسرائيلي الأخير في الوقت
الذي يقول فيه الجيش إنه يستعد لشن غزو بري على غزة، مع إبقاء إمدادات المياه
والغذاء والوقود والكهرباء مقطوعة تمامًا عن القطاع المحاصر منذ 16 يوما على
التوالي.
وأعاد الأورومتوسطي التذكير بأن القواعد
الأساسية للقوانين الحرب: لا يعتبر المدنيون والهياكل المدنية أهدافًا مشروعة
أبدًا، ويحظر العنف غير المتناسب والعشوائي، كما يحظر العقاب الجماعي والتعذيب
والتشويه، ويجب معاملة المعتقلين بطريقة إنسانية.
ولليوم السادس عشر على التوالي، يواصل الجيش
الإسرائيلي استهداف غزة بغارات جوية مكثفة دمّرت أحياء بكاملها، وقتلت 4651
فلسطينيا، بينهم 1873 طفلا و1023 سيدة، وأصابت 14245، بحسب وزارة الصحة في القطاع.
كما يوجد عدد غير محدد من المفقودين تحت الأنقاض.
فيما قتلت حركة "حماس" أكثر من
1400 إسرائيلي وأصابت 5132، وفقا لوزارة الصحة الإسرائيلية. كما أسرت ما يزيد على 200 إسرائيلي، بينهم عسكريون برتب مرتفعة، ترغب في مبادلتهم مع أكثر من 6 آلاف
أسير فلسطيني، بينهم أطفال ونساء، في سجون إسرائيل.
ويعيش في غزة نحو 2.3 مليون فلسطيني يعانون
من أوضاع معيشية متردية للغاية؛ جراء حصار إسرائيلي متواصل منذ أن فازت
"حماس" بالانتخابات التشريعية في 2006.