طرحت تصريحات رئيس النظام
المصري عبد الفتاح
السيسي، بأن
مصر لم تقم بإغلاق
معبر رفح منذ اندلاع الحرب في
غزة، وأن التطورات على الأرض
وتكرار القصف الإسرائيلي للجانب الفلسطيني للمعبر حال دون استمرار عمله، تساؤلات
عن مدى قدرة مصر على إدخال
المساعدات المكدسة في العريش إلى غزة.
وأكد السيسي خلال مؤتمر صحافي مع المستشار الألماني
أولاف شولتز في القاهرة الأربعاء، استمرار مصر في استقبال المساعدات الإنسانية
والتزامها بنقل تلك المساعدات إلى قطاع غزة عن طريق معبر رفح البري عندما تسمح
الأوضاع بذلك، كما قال.
وفي الأثناء، تتكدس مئات الشاحنات المحملة
بالمساعدات الغذائية والطبية في مدينة العريش المصرية بانتظار فتح معبر رفح،
البوابة الوحيدة لإدخال المساعدات إلى نحو 2.2 مليون نسمة في قطاع غزة المحاصر، مع
استمرار استقبال المساعدات عبر مطار العريش من مختلف أنحاء دول العالم.
ودعت مصر في وقت سابق، جميع الدول والمنظمات الإقليمية
والدولية الراغبة في تقديم مساعدات إنسانية وإغاثية للشعب الفلسطيني في قطاع
غزة، إلى إيصال تلك المساعدات إلى مطار العريش الدولي لحين السماح بدخولها من قبل
الجانب الإسرائيلي.
ولا تزال طائرات محملة بأطنان من المساعدات المحلية
والدولية تتوجه إلى المطار، وقد تمت الاستعانة بالمساحات المتاحة في إستاد العريش لتخزين
هذه المواد، بعد امتلاء المخازن المخصصة.
وبالتزامن مع استمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع
غزة، فقد قصف طيران الاحتلال معبر رفح وبوابته بين مصر وقطاع غزة عدة مرات، دون أن
يصدر أي بيان رسمي مصري بشأن هذه الاعتداءات والتجاوزات، ما أدى إلى قطع الطريق
بين الجانبين وتوقف العمل في المنفذ الحدودي، والحيلولة دون دخول أي مساعدات
إنسانية.
وهدد الاحتلال الإسرائيلي، بحسب ما ذكرته قناة 12
العبرية الثلاثاء الماضي، بضرب أي شاحنات تحمل مساعدات وبضائع تحاول الدخول من
الجانب المصري إلى قطاع غزة، في الوقت الذي أوشكت فيه إمدادات الوقود والغذاء
والدواء على النفاد.
فعل إسرائيلي وغياب رد القاهرة
إزاء منع دخول أي مساعدات إنسانية للقطاع المحاصر،
قررت السلطات المصرية عدم السماح بمغادرة الرعايا الأجانب القطاع عبر ممر إنساني
آمن إلى مصر، وربطت ذلك بالسماح بإدخال شاحنات المساعدة إلى غزة.
وقالت الرئاسة المصرية إن السيسي بحث في اتصال هاتفي
مع نظيره الأمريكي جو بايدن الوضع الإنساني في قطاع غزة، وأضافت أنه تم الاتفاق
على إدخال المساعدات إلى غزة عبر معبر رفح بشكل مستدام.
وذكر بايدن في تصريحات صحفية قبل مغادرة تل أبيب أنه
اتفق مع السيسي على فتح معبر رفح للسماح بمرور 20 شاحنة للمساعدات الإنسانية لغزة
كبداية، مشيرا إلى أن الولايات المتحدة تعمل مع شركائها من أجل "تحرك
الشاحنات عبر الحدود في أسرع وقت ممكن"، وتوقع أن تدخل المساعدات يوم الجمعة،
ولكنه اشترط عدم تدخل حركة حماس في توزيعها.
يد مصر مغلولة في عهد السيسي
من جهته، وصف مدير مركز إنسانية العالمي في إسطنبول، أشرف
عبد الغفار، تصريحات السيسي بشأن معبر رفح "بأنها مضللة، والمعبر مغلق بأمر
الاحتلال"، مضيفا أنه "للأسف مصر في عهد السيسي لم تكن ولن تكون حرة،
السيسي شئنا أم أبينا أتى بشروط وهي تمكين إسرائيل وإضعاف مصر إلى الدرجة التي
نراها واقفة عاجز عن إدخال أي مساعدات وحمايتها".
ورأى عبد الغفار أن "إضعاف مصر مسألة حيوية لأنها
القادرة على مواجهة جيش الاحتلال"، بحسب قوله.
وأوضح عبد الغفار، مقرر لجنة الإغاثة الإنسانية السابق
في نقابة الأطباء المصريين، أن "مصر في عهد الرئيس الراحل محمد مرسي أدخلت
المساعدات وأوفدت رئيس حكومتها دون أن تستأذن أحدا، ولو أرادت إدخال المساعدات
لأدخلتها ولكن السيسي يكتفي بالشجب والإدانة، بل ووصف المقاومة بالإرهاب مقابل صمت
الغرب على نسف الديمقراطية، وطمس حقوق الإنسان، وقتل المعارضين في رابعة والنهضة
ورمسيس وغيرها"، وفق تقديره.
وقال إن "الاحتلال لن يمنح السيسي ميزة إدخال
المساعدات رغم حاجته إلى أي ورقة تنقذه داخليا قبيل انتخابات الرئاسة، فمعبر رفح
بانتظار قرار أمريكي إسرائيلي، وجميع المؤشرات تؤكد أن القضية الفلسطينية ليست على
قائمة أولويات أمن مصر القومي أو ملفاتها الخارجية.. إذا كان قد فرط في المياه
والغاز، فهل يشتري قضية الآخرين؟ ويؤيد سحق المقاومة ويقترح على الإسرائيليين
تهجير الفلسطينيين إلى الجنوب في صحراء النقب".
الموقف المصري.. قلة حيلة
من جانبه، اعتبر الباحث بالشأن العسكري في المعهد
المصري للدراسات السياسية والاستراتيجية، محمود جمال، أن "القرار المصري بشأن
إدخال المساعدات الإنسانية إلى الآن يتصف بقلة الحيلة والضعف وعدم القدرة على فرض
أمر يجعل الصهاينة يقبلون بإدخال المساعدات إلى غزة بشكل فوري، ولكن المهم والملح
الآن إصلاح وتهيئة المعبر من ناحية البوابة الفلسطينية، وهذا الأمر يصعب تنفيذه في
استمرار القصف على غزة وعلى المعبر نفسه".
ونقلت وكالة رويترز عن مصدرين أمنيين مصريين، الخميس، أن
معدات لإصلاح الطرق أُرسلت إلى معبر رفح الحدودي بين مصر وقطاع غزة في إطار
الاستعدادات لفتحه من أجل توصيل بعض المساعدات المكدسة.
وأوضح جمال في حديثه لـ"
عربي21 أن "المعبر
له بوابتان، بوابة من الجهة المصرية والبوابة الأخرى من الجهة الفلسطينية،
والبوابة من الناحية الفلسطينية تم قصفها 4 مرات، وهذا صعّب من إدخال المساعدات من
الجانب المصري للجانب الفلسطيني، لذلك فإنه يجب تهيئة الأرض ومعالجة البنية التحتية
للمعبر بشكل عاجل حتى تستطيع المساعدات العبور إلى داخل القطاع".
واستدرك جمال بأن "الكيان يفرض حصارا كليا وينفذ عقابا
جماعيا على غزة مخالفا القوانين الدولية، فلم يسمح بعبور المساعدات بل وهدد بقصف
المساعدات إذا حاولت العبور من معبر رفح من الناحية المصرية، وهذا ما قالته القناة
الثانية عشرة الصهيونية، ولم ترد الحكومة المصرية على ذلك بل صرح سامح شكري وزير
الخارجية المصري بأن هناك 4 موظفين مصريين أصيبوا بسبب القصف الصهيوني المتكرر على
المعبر ولن تتخذ مصر أي خطوات تجاه ذلك الأمر"، وفق جمال.