نقل موقع "مدى
مصر" الإخباري المستقل، السبت، عن مصادر مطلعة قولها إن السلطات المصرية "أوشكت
على قبول اتفاق يسمح بعبور الأجانب ومزدوجي الجنسية عبر معبر رفح البري بعدما
اشترطت السماح بإدخال مساعدات إنسانية إلى قطاع
غزة، بعد أيام من الضغوط، وخلافات
حول مختلف التفاصيل"، فيما شدّدت الرئاسة المصرية على رفضها "سياسة
تهجير الفلسطينيين"، مؤكدة أن أمنها القومي "خط أحمر".
وأضاف الموقع،
في تقرير له، أن "مختلف الأطراف الدولية ناقشت مع مصر حوافز
مختلقة لها مقابل قبول أي حركة
نزوح فلسطيني باتجاه
سيناء، وهناك ميل داخل دوائر
صناعة القرار السياسي في القاهرة إلى الموافقة".
وذكر أنه "على
الرغم من التقدم الذي حققته المفاوضات في ما يتعلق بعبور الأجانب في انتظار
الإعلان عن استكماله، فإنها تظل مسألة السماح لأعداد كبيرة من الفلسطينيين للانتقال إلى
سيناء في حال أجبرهم العنف
الإسرائيلي غير المسبوق والحصار الشامل الذي فرضته على
القطاع، تحمل الكثير من الحساسية السياسية والثقل التاريخي".
ضغوط شديدة
واستطرد قائلا:
"حتى الآن، يظل الموقف الرسمي المصري رافضا بشكل قاطع لسيناريو نزوح فلسطيني
جماعي، رغم الضغوط الشديدة التي تواصلها الدول الغربية عليها... لكن
مقاومة الضغوط المتواصلة ليست بهذه السهولة".
وذكر موقع
"مدى مصر" أنه تحدث على مدار الأسبوع الماضي إلى 21 مصدرا مطلعا، شملت
مصادر حكومية وأمنية ودبلوماسية مصرية مقربة من دوائر صنع القرار في مصر، وآخرين
دبلوماسيين أجانب يعملون في القاهرة وعواصم غربية وباحثين مقربين من أجهزة سيادية،
وشهود عيان عند معبر رفح، لشرح موقف هذه المفاوضات وفهم هذه الضغوط، وتبعات كل هذا
على الأرض.
وأشارت تسعة من
المصادر إلى أن مختلف الأطراف الدولية ناقشت مع مصر حوافز مختلفة لها مقابل قبول
أي حركة نزوح فلسطيني تتوقعها مختلف الأطراف باتجاه سيناء. وبحسب ستة منهم، فإن هناك
ميلا داخل دوائر صناعة القرار السياسي في مصر إلى الموافقة، بحسب المصدر ذاته.
عملية إجلاء الأجانب
ووفقا لمصدر
حكومي رفيع تحدث للموقع، فإنه "يُفترض أن تبدأ عملية إجلاء الأمريكيين أولا (بمعدل
خمسة آلاف يوميا)، ثم مزدوجي الجنسية من حملة جواز السفر الأمريكي (بمعدل ألفين
إلى ثلاثة آلاف يوميا) وبقية الرعايا الغربيين. ويُقدر عدد الرعايا الأمريكيين في
غزة بأكثر من 50 ألف شخص من بينهم موظفون يعملون في منظمات إغاثية وإنسانية
وحقوقية ووكالات حكومية وأممية".
وبخصوص توقيت
تنفيذ اتفاق خروج الأجانب، فقد نقلت عدد من وكالات الأنباء أخبارا عن بدء عملية الإجلاء
السبت، وذلك بعد موافقة إسرائيل على عدم استهداف مسارات خروجهم عبر معبر رفح من
غزة إلى مصر، والذي ينتظر إعادة فتحه بعدما عطلته سلسلة قصف إسرائيلية قبل أيام،
وانتهى الجانب المصري من نصب كتل خرسانية به السبت، للتحكم في الحركة فيه حال
التوصل إلى توافق.
لكن هذا الإجلاء
تعطل بعدما أصرّت مصر، بحسب اثنين من المصادر أحدها أمني والآخر حكومي، على أن
يكون السماح بعبور الأجانب لا بد أن يقابله سماح مقابل بدخول المساعدات الإنسانية
إلى القطاع.
فيما حاولت
الولايات المتحدة الضغط في هذا الشأن، وألمحت، السبت، إلى أنها تدرس خيار إجلاء
الأجانب عبر البحر. لكن مصر أصرّت على موقفها، والذي تعتبر أنه ضروري للمساعدة في
تخفيف حدة أي نزوح محتمل. ولهذا، فلا يزال العشرات من الأمريكيين والفلسطينيين
حاملي الجنسية الأمريكية عالقين في الصالة الفلسطينية من المعبر، بعدما وصلوا إليها عقب
تلقيهم رسائل من السفارة الأمريكية بترتيب إجلائهم إلى مصر عبر معبر رفح، بحسب
مصدر مسؤول على الجانب الفلسطيني من المعبر.
وأضاف الموقع: "الاتفاق المبدئي بخصوص خروج الأجانب الذي توصلت إليه مصر مع الولايات
المتحدة وإسرائيل، التي أرسلت وفدا من «الموساد» إلى القاهرة الجمعة، وبمشاركة
قطرية، يُمثل خطوة أولى في نقاش أوسع يتواصل سرا وعلنا في حال أجبرت الحرب
الإسرائيلية جموعا من فلسطيني القطاع على النزوح إلى مصر".
دخول سيناء
وطالب الجنرال
الإسرائيلي أمير أفيفي، في تصريحات إعلامية، الأمم المتحدة والمجتمع الدولي
بالتحدث إلى رئيس النظام المصري عبد الفتاح السيسي، من أجل فتح الحدود والسماح
للمدنيين الفلسطينيين بدخول سيناء.
وقال موقع "مدى
مصر" إن "الآراء داخل دوائر صنع القرار المصري تختلف حول طرق استيعاب النزوح
الفلسطيني المحتمل"، مضيفا أن "المنطقة الوحيدة المتاحة هي المنطقة
العازلة على الجانب المصري من الحدود مباشرة بعمق خمسة كيلومترات، لكن هناك تخوفات
من القدرة على استيعاب عدد كبير من الفلسطينيين في مساحة محددة كهذه، وما قد يعنيه
هذا من تداعيات على سيطرة مصر على حدودها الشرقية بشكل فعلي".
إلى جانب هذا،
فإن هذه المنطقة هي التي أخلتها الحكومة المصرية من سكانها في رفح المصرية خلال
السنوات الماضية، ويُقدر عددهم بحوالي 100 ألف شخص، في إطار معركتها ضد تنظيم
«ولاية سيناء»، وتعرضت الحكومة لضغوط كبيرة الأشهر الماضية للسماح لسكان رفح
بالعودة إلى أراضيهم، بعد أن اعتصموا في آب/ أغسطس الماضي، ووعدتهم بالعودة في
موعد أقصاه 10 تشرين الأول/ أكتوبر الجاري، وهو ما لم يتحقق بالطبع. ولهذا يقترح
البعض داخل الأجهزة المعنية بالسماح للفلسطينيين بالتوزع حول محافظات مصر، وهو
اقتراح لا يلقى قبولا واسعا.
بدوره، وصف أحد
المصادر الأمنية نزوح الفلسطينيين من شمال غزة وانتقالهم إلى جنوبها قريبا من الحدود
المصرية بأنه يمثل لمصر "قنبلة أمنية موقوتة".
رغم هذا، فإن المصادر تشير إلى أن صناع القرار المصري أصبحوا أكثر ميلا الآن لقبول الحديث عن استيعاب
أي نزوح فلسطيني محتمل، طبقا لما أورده موقع "مدى مصر".
ولفت الموقع إلى
أنه من المفترض أن تحصل القاهرة على "مجموعة من المساعدات المادية هي في أشد
الحاجة إليها وسط أزمة اقتصادية خانقة ومعدلات تضخم هائلة، وتلك التفاصيل لا تزال
قيد النقاش"، وقال مصدر دبلوماسي يعمل في عاصمة غربية، إن "مصر لا تتطلع
على الإطلاق لاستضافة فلسطينيين، لكن إذا اضطرت مصر لهذا، فلا بد أن يكون هناك
تعويض مالي ما".
وأيّد مصدر
حكومي هذا المنطق قائلا: "أنت تواجه وضعا ماليا شديد الصعوبة والتعقيد،
الدائنون كثر والأعباء مرتفعة جدا، والآن لديك عرض لتقليص حجمها بشكل كبير وشطب
نسبة كبيرة من الديون، فلم لا إذا؟".
لا حل سوى حل الدولتين
وفي سياق متصل، ترأس السيسي،
الأحد، اجتماع مجلس الأمن القومي؛ حيث تم استعراض تطورات الأوضاع الإقليمية، خاصة
ما يتعلق بتطورات التصعيد العسكري في قطاع غزة، بحسب بيان أصدرته الرئاسة المصرية.
وقال البيان إنه صدر عن الاجتماع مجموعة من القرارات كان على رأسها مواصلة
الاتصالات مع الشركاء الدوليين والإقليميين من أجل خفض التصعيد ووقف استهداف
المدنيين، وتكثيف
الاتصالات مع المنظمات الدولية الإغاثية والإقليمية من أجل إيصال المساعدات
المطلوبة.
وشدّد البيان على أنه "لا
حل للقضية الفلسطينية إلا حل الدولتين، مع رفض واستهجان سياسة التهجير أو محاولات
تصفية القضية الفلسطينية على حساب دول الجوار"، داعيا لإبراز استعداد
مصر للقيام بأي جهد من أجل التهدئة وإطلاق واستئناف عملية حقيقية للسلام.
وأكد البيان أن "أمن
مصر القومي خط أحمر ولا تهاون في حمايته"، معلنا عن توجيه مصر الدعوة لاستضافة قمة إقليمية
دولية من أجل تناول تطورات ومستقبل القضية الفلسطينية.