تنتهي مساء اليوم الأحد، المهلة التي قدمتها المجموعة الاقتصادية لدول غرب
أفريقيا (
إيكواس)، برئاسة الرئيس النيجيري بولا تينوبو، للمجلس العسكري في
النيجر أسبوعا لإعادة النظام الدستوري للبلاد أو مواجهة الاستخدام المحتمل للقوة.
وقد فرضت المجموعة عقوبات بالفعل على قادة
الانقلاب العسكري وقُطعت إمدادات الكهرباء من نيجيريا المجاورة إضافة إلى إغلاق الحدود، وهو ما يعني أن البضائع لم تعد تصل إلى الدولة غير الساحلية التي فقدت أيضاً طريقها إلى الموانئ.
وفي ظل تصاعد التوترات السياسية والدبلوماسية والعسكرية، بين المجلس العسكري في النيجر ودول غرب أفريقيا، فإنه يوجد ثلاث عقبات أمام التدخل العسكري المحتمل لدول غرب أفريقيا في النيجر.
و"إيكواس" هي منظمة إقليمية تجمع بين 15 دولة في غرب أفريقيا، وتهدف إلى تعزيز التعاون الاقتصادي والسياسي بين الدول الأعضاء.
تدخلات سابقة
ولا يعد هذا التهديد الأول الذي تطلقه "إيكواس"، إذ إنها أصدرت تهديدات سابقة وقامت بتنفيذ وعيدها، حين أرسلت عام 2017 قوات إلى غامبيا عندما رفض رئيس البلاد آنذاك يحيى جامح التنحي بعد خسارته الانتخابات.
فعلى وقع احتشاد 7000 عنصر من قوات "إيكواس" بقيادة السنغال على حدود غامبيا، وافق جامع على الخروج من البلاد والعيش في المنفى في دولة غينيا الاستوائية. ولا يزال حوالي 2500 جندي من السنغال وغانا ومالي وتوغو ونيجيريا يشاركون فى عمليات حفظ السلام في غامبيا.
كذلك تمتلك "إيكواس" قوة عسكرية تتمركز في غينيا بيساو، حيث أعادت نشر حوالي 600 جندي من نيجيريا والسنغال وساحل العاج وغانا في أعقاب محاولة انقلاب شهدتها البلاد في شباط/ فبراير العام الماضي. وكانت "إيكواس" قد شكلت قوة حفظ سلام لإعادة الحكم المُنتخب في ليبيريا وسيراليون، فيما نشرت قوات في ساحل العاج عام 2003.
قوام قوات إيكواس
يرى مراقبون أن أي تدخل عسكري من قبل "إيكواس" في النيجر سوف يعتمد بشكل كبير على نيجيريا التي يتألف جيشها من 223 ألف فرد فضلا عن امتلاكه طائرات ومقاتلات حديثة.
من ناحية أخرى، تمتلك نيجيريا، التي تقود جهود "إيكواس" لعودة الشرعية في النيجر، شريطا حدوديا بطول 1600 كيلومتر مع النيجر أيضا.
وعن المواقف الأخرى لدول "إيكواس"، قالت السنغال إنها ستشارك إذا قررت المجموعة التدخل عسكريا في النيجر، حيث أكدت وزيرة خارجية السنغال عيساتا تال سال، أن بلادها سوف تنفذ قرارات "إيكواس". لكن على النقيض من ذلك، فقد أعلنت عدة دول أعضاء في "إيكواس" عدم دعم استخدام القوة في النيجر.
وتعارض دول أخرى، لها حدود مع النيجر، بما في ذلك موريتانيا والجزائر، خيار التدخل العسكري، مؤكدة تمسكها بالحل السلمي، فيما أعربت مالي وبوركينا فاسو عن استعدادهما للدفاع عن النيجر.
حجم النيجر
لكن الحسابات بشأن المضي قدماً في الخيار العسكري ستكون أصعب بكثير هذه المرة، حيث تُعتبر النيجر من الناحية الجغرافية أكبر دولة في غرب أفريقيا، بينما تعتبر غامبيا، التي شهدت تدخلا عسكريا من قبل دول "إيكواس"، قطعة صغيرة من الأرض محاطة بالسنغال والمحيط الأطلسي، وبالتالي فإن إرسال القوات إليها سيكون احتمالاً مختلفاً تماماً.
ويبلغ إجمالي مساحة النيجر حوالي مليون و270 ألف كم مربع، ما يجعلها أكبر دول في منطقة غرب أفريقيا، وتقع في قلب منطقة الساحل ويمتلك جيشها خبرة في القتال وحصل على تدريبات من الجيش الأمريكي الذي ينشر 1100 جندي في النيجر فضلا عن تمركز حوالي 1500 جندي فرنسي.
بالتالي، فإن حجم النيجر والعدد الكبير لقوات جيشها سوف يصعب أي تدخل عسكري، حيث يصنف جيش النيجر في المرتبة الـ119 بين أضخم 145 جيشا في العالم ويحتل المرتبة الـ25 أفريقيا وهو الرابع بين جيوش "إيكواس".
يقدر حجم الإنفاق الدفاعي لجيش النيجر بـ287 مليون دولار، وعدد جنود الجيش 13 ألفا بينهم 10 آلاف قوات عاملة والباقي قوات شبه عسكرية، ويضم العتاد العسكري 16 طائرة حربية، و728 مدرعة.
مشاكل نيجيريا
من جهة أخرى، تواجه نيجيريا، التي تقود التوجه لإعادة الرئيس بازوم إلى الحكم، العديد من التحديات الأمنية في الداخل، وبالتالي فإن إرسال جزء كبير من الجيش إلى النيجر سيكون بمثابة مقامرة.
ويصنف الجيش النيجيري في المرتبة الـ36 بين أضخم 145 جيشا في العالم ويحتل المرتبة الرابعة أفريقيا والأولى بين جيوش "إيكواس".
يقدر حجم الإنفاق الدفاعي للجيش النيجيري بـ3.4 مليار دولار، وعدد جنود الجيش 215 ألفا بينهم 135 ألفا قوات عاملة والباقي قوات احتياطية.
لكنّ الجيش النيجيري يبدو منهكا من محاربة حركة "بوكو حرام" وجماعات مسلحة أخرى تنشط في 30 من أصل 36 ولاية في نيجيريا، ما يعني أن إقدام نيجيريا على قيادة أي تدخل عسكري في النيجر سيمثل تحديا كبيرا لجيشها في الوقت الراهن.
وتشترك نيجيريا والنيجر في العديد من الروابط التاريخية والعرقية، حيث يتحدث الناس على جانبي الحدود اللغة نفسها، وبالتالي فإن هذا قد يجعل بعض الجنود النيجيريين مترددين في القتال إذا ما وصل الأمر إلى تلك المرحلة.
مالي وبوركينا فاسو
أما العقبة الثالثة أمام التدخل العسكري لـ"إيكواس" في النيجر، فتتمثل في موقف مالي وبوركينا فاسو، حيث إنهما أعلنتا أن التدخل العسكري في النيجر سيُنظر إليه باعتباره "إعلان حرب" وأنهما ستذهبان للدفاع عن الرفاق قادة الانقلاب.
يصنف جيش مالي في المرتبة الـ110 بين أضخم 145 جيشا في العالم ويحتل المرتبة الـ21 أفريقيا والثالثة بين جيوش "إيكواس".
يقدر حجم الإنفاق الدفاعي للجيش المالي بـ591 مليون دولار، وعدد جنود الجيش 20 ألفا بينهم 18 ألفا قوات عاملة والباقي قوات احتياطية.
ويضم العتاد العسكري: 39 طائرة حربية، و50 دبابة، و1294 مركبة عسكرية، و15 مدفعا مقطورا، و45 راجمة صواريخ.
فيما يصنف جيش بوركينا فاسو في المرتبة الـ121 بين أضخم 145 جيشا في العالم ويحتل المرتبة الـ26 أفريقيا والخامسة بين جيوش "إيكواس".
يقدر حجم الإنفاق الدفاعي لجيش بوركينا فاسو بـ434 مليون دولار، وعدد جنود الجيش نحو 17 ألفا، بينهم 12 ألفا قوات عاملة والباقي قوات احتياطية وشبه عسكرية.
ويضم العتاد العسكري: 20 طائرة حربية، و1112 مدرعة، و12 مدفعا مقطورا، و5 راجمات صواريخ.
وبالتالي فإن الأمر يهدد بالتدحرج ككرة الثلج ليصبح حرباً إقليمية واسعة النطاق، خاصة إذا كان سكان النيجر يرفضون التدخل الأجنبي. وعلى الرغم من ذلك فإنه من المستحيل معرفة كيف ستكون ردة فعلهم.