تسبب ملفا النفط والحرب في اليمن في تصاعد
التوتر بين الرياض وأبو ظبي، في إطار تنافس متزايد بين الدولتين الخليجيتين على المال والنفوذ.
ونقلت صحيفة "
وول ستريت جورنال" عن مصادر مطلعة قولها، إن مستشار الأمن القومي الشيخ طحنون بن زايد آل نهيان، سافر مرارًا وتكرارًا إلى المملكة العربية
السعودية للقاء زعيمها الفعلي الأمير محمد
بن سلمان، لكن ذلك فشل في تخفيف التوترات.
وكشفت المصادر أنه "في مناسبة واحدة على الأقل بعد قمة كانون الثاني/ يناير في أبو ظبي، لم يتمكن الشيخ طحنون من تأمين لقاء مع ولي العهد السعودي".
وذكرت الصحيفة في تقرير لها ترجمته "عربي21" أنه عندما استضافت أبو ظبي قمة لقادة الشرق الأوسط في قصر ساحلي مطلع العام الحالي، كان هناك غياب صارخ لولي العهد السعودي محمد بن سلمان، وقبل شهر من ذلك، تغيب قادة
الإمارات عن قمة صينية عربية رفيعة المستوى في الرياض.
ولا تزال المملكة العربية السعودية والإمارات حليفتين رسميًا، لكنهما تباعدتا على عدة جبهات، حيث تنافستا على الاستثمار الأجنبي والتأثير في أسواق النفط العالمية واصطدمتا في اتجاه حرب اليمن.
واندلعت
الخلافات خلف الأبواب المغلقة، لكنها بدأت تتسرب بشكل متزايد إلى العلن، مما يهدد بإعادة ترتيب التحالفات في الخليج العربي الغني بالطاقة في وقت تحاول فيه إيران ممارسة المزيد من النفوذ في المنطقة، فيما أدت الحرب الروسية في أوكرانيا إلى ارتفاع أسعار النفط الخام وخلط في صنع القرار في منظمة أوبك. وفق الصحيفة.
ووصفت الصحيفة العلاقة بين ابن زايد وابن سلمان بالقول: "الشيخ محمد بن زايد، البالغ من العمر 61 عامًا، كان مرشدًا لولي العهد السعودي، حيث اجتمعا قبل بضع سنوات في رحلة تخييم ليلية في الصحراء السعودية الشاسعة، لكن في الآونة الأخيرة، انفصل الرجلان عن بعضهما البعض لأنهما يقدمان رؤى متباينة للقيادة".
وقالت دينا اسفندياري، كبيرة مستشاري الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مجموعة الأزمات الدولية: "حتى سنوات قليلة مضت، لم يكن هذا النوع من الانقسام والسعي الصريح لتحقيق أهداف تتعارض مع ما يسعى إليه أشقاؤهم أمرًا غير مسموع". "الآن أصبح أمرًا طبيعيًا بشكل متزايد".
وامتنع مسؤولون إماراتيون عن التعليق. ولم يرد المسؤولون السعوديون على طلبات التعليق للصحيفة.
وكان الخلاف الأكثر حدة حول اليمن، بحسب الصحيفة، حيث قاد السعوديون والإماراتيون تحالفًا عسكريًا عربيًا في عام 2015. تركت الحرب الأهلية البلاد منقسمة بين المتمردين الحوثيين المدعومين من إيران الذين يسيطرون على الشمال وحكومة معترف بها دوليًا في معظم الجنوب.
وقال مسؤولون خليجيون إن الإمارات سحبت معظم قواتها البرية من اليمن في عام 2019 لكنها ما زالت تخشى تهميشها من المناقشات حول مستقبلها حيث تواصل السعودية محادثات مباشرة مع الحوثيين بشأن إنهاء الحرب، وتريد الحفاظ على موطئ قدم استراتيجي على الساحل الجنوبي للبلاد وتوجيه القوة في البحر الأحمر لتأمين الطرق البحرية من موانئها إلى بقية العالم.
وفي كانون الأول/ ديسمبر، وقعت الإمارات اتفاقية أمنية مع الحكومة اليمنية المدعومة من السعودية تسمح للقوات الإماراتية بالتدخل في البلاد في حالة وجود تهديد وشيك، وتدريب القوات اليمنية في الإمارات وتعميق التعاون الاستخباراتي، كما تسعى لبناء قاعدة عسكرية ومدرج على جزيرة في مضيق باب المندب في الطرف الجنوبي للبحر الأحمر، وفقا لمسؤولين خليجيين.
وقال مسؤولون خليجيون إن المسؤولين السعوديين اعترضوا سرا على الاتفاق الأمني والخطط الخاصة بالقاعدة، واعتبروا أن الإماراتيين يعملون ضد أهداف الرياض الرئيسية المتمثلة في تأمين حدودها البالغ طولها 800 ميل ووقف هجمات الحوثيين بطائرات مسيرة وصواريخ.
وردا على ذلك، نشر السعوديون قوات سودانية من التحالف العسكري العربي في مناطق قريبة من العمليات الإماراتية، وهو ما اعتبره المسؤولون الإماراتيون تكتيكًا للترهيب، على حد قول مسؤولين خليجيين.
وعندما لم يحضر الشيخ محمد قمة الصين في الرياض، قال المسؤولون السعوديون إنهم فسروا ذلك على أنه علامة على استياء الإماراتيين من المنافسة المتزايدة في اليمن. وبدلاً من الشيخ محمد، حضر حاكم إمارة الفجيرة الصغيرة القمة التي ضمت الزعيم الصيني شي جين بينغ.
وكان جدال وخلاف قد تفجر خلف الأبواب المغلقة بين الدولتين أكبر منتجي النفط في العالم، فداخل منظمة البلدان المصدرة للبترول التي تقودها السعودية، فإن دولة الإمارات العربية المتحدة مضطرة لضخ أقل بكثير مما تستطيع، مما يضر بعائداتها النفطية. وقال مندوبو أوبك إنها تدفع منذ فترة طويلة لضخ المزيد من النفط لكن السعوديين قالوا لا.
ويقول المسؤولون الإماراتيون إن أبو ظبي تجري مناقشة داخلية حول مغادرة أوبك، وهو قرار من شأنه أن يهز "الكارتل" ويقوض قوتها في أسواق النفط العالمية. وتمت مناقشة مغادرة منظمة أوبك لسنوات في الإمارات العربية المتحدة سابقا، لكن المسؤولين الإماراتيين قالوا إن الخلافات الأخيرة مع السعودية أعادت إحياء الفكرة.
في العلن تدعم الإمارات خفض الإنتاج، لكن المسؤولين الأمريكيين قالوا إن الإماراتيين أخبروهم سرا أنهم يريدون ضخ المزيد تماشيا مع رغبات واشنطن، لكنهم واجهوا مقاومة من المملكة العربية السعودية.
وقال مسؤولون إماراتيون إن الخلاف بدأ بعد مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي عام 2018 على يد عملاء للحكومة السعودية، الأمر الذي جعل الإماراتيين يعيدون النظر في مدى قربهم منه.
وفي عام 2019، شعر السعوديون بالتخلي عنهم في اليمن عندما بدأت أبو ظبي في سحب قواتها، ثم بعد ذلك عقدت أبو ظبي صفقة إقامة علاقات مع إسرائيل ما جلب المزيد من الخلافات.
وقال مسؤولون ودبلوماسيون سابقون إن المصالحة السريعة بين الرياض والدوحة بعد أن ضغطت لإنهاء المقاطعة في أوائل عام 2021 أزعجت أبوظبي، والتي دفعت في الأصل لعزل قطر وأرادت مواصلة الحصار.
وقالت الصحيفة، إن إعادة تنظيم محتملة في الخليج قد تبلورت في تشرين الثاني/ نوفمبر عندما ظهر ملك البحرين، الذي يُنظر إليه منذ فترة طويلة على أن دولته تابعة للسعودية، في سباق الفورمولا 1 في أبو ظبي جنبًا إلى جنب مع الشيخ محمد.
الشهر الماضي رتبت الإمارات العربية المتحدة مكالمة هاتفية بين قادة قطر والبحرين، اللتين تربطهما علاقات فاترة منذ سنوات. دولة الإمارات العربية المتحدة لعبت دور الوسيط الإقليمي الذي كان محجوزًا في السابق على السعودية.