يتحفنا عبد الفتاح السيسي بمهاراته المذهلة في الكذب وادعاء أشياء عكس ما تعيشه البلاد منذ استيلائه على السلطة في انقلاب تموز/ يوليو 2013.
خرج علينا الرجل حديثا ليحاضرنا في إنجازاته العظيمة، والتي لم تكن لتتحقق
دون ما أسماه العمل كتفا بكتف بين رجال الجيش والشرطة جنبا إلى جنب مع 104 ملايين
مصري هو تعداد السكان الحالي لمصر. يجزم السيسي أن مصر بخير، وأن المصريين يشعرون
بالتفاؤل ويثقون تماما بأن "عندهم أمل في بكره".
مصر تحت حكم السيسي باتت أشبه بقرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغدا من
عند الله؛ حتى جاء السيسي فأذاقها لباس الجوع والخوف والفقر بفشل سياساته وغياب
رؤيته الاقتصادية عن المشهد.
يتحدث الرجل عن تجاوز محنة كورونا بنجاح، ولكنه لم يخبرنا عن عدد من ماتوا
من الشعب المصري خلال العامين الماضيين بسبب فيروس كورونا. كان العالم يخبرنا
يوميا في تقارير رسمية عن أعداد المصابين والموتى، وكان السيسي ونظامه يخفيان الأرقام
الحقيقية. لم يخل بيت مصري من الإصابة بكورونا، ولكن وزارة الصحة لم تكن تسجل هذه
الأرقام حتى لا يبدو السيسي ونظامه عاجزين عن مواجهة كورونا.
يتحدث الرجل عن الأمن والاستقرار، ولم يخبرنا عن أسباب ارتفاع معدل الجريمة
في عهده ولماذا تتكرر حوادث القتل العمد تحت ولايته، وفقا لتقرير "NUMBECO" العالمي
فإن معدلات الجريمة قد ارتفعت في آخر ثلاث سنوات في مصر بنسبة 45 في المائة، كما ارتفع
معدل جرائم "القتل العمد" بنسبة 130 في المائة وفقا لتقرير مصلحة الأمن
العام التابعة لوزارة الداخلية المصرية- 2021.
تتحدث زوجة السيسي عن حرصها على الفتيات في مصر وتوفير الدعم الكامل لهن،
ولكنها لم تخبرنا أيضا عن توثيق 226 حالة عنف ضد المرأة في آخر ثلاثة أشهر فقط وفق
تقرير لمؤسسة تمكين للمحاماة والدعم القانوني، في أيلول/ سبتمبر من هذا العام.
نسي السيسي أن يخبرنا عن الأمن والأمان والاستقرار الذي عاشه أبناء جزيرة
الوراق وأصحاب العوامات وأهالي العريش ومرسى مطروح ومثلث ماسبيرو من تهجير وهدم
واعتقال وتنكيل، لمجرد أن الرجل فشل اقتصاديا ونفد رصيده من العملة الصعبة فبدأ في
البحث عن أي وسيلة لبيع الأراضي وتهجير أهلها مقابل استثمارات أجنبية.
كيف لمصر أن تكون بخير كما قال السيسي وقد ارتفع الدين الخارجي المصري إلى
157.8 مليار دولار، وتراجع احتياطي النقد الأجنبي إلى 33.141 مليار دولار حتى آب/
أغسطس 2022؟
ووصل عجز الأصول الأجنبية إلى سالب 385.8 مليار جنيه حتى آب/ أغسطس 2022،
ووصل إجمالي الدين العام في عهد السيسي نسبة إلى إجمالي الناتج المحلي إلى 130 في المائة،
وفقا لمقال سابق للخبير الاقتصادي ممدوح الولي نشره موقع "عربي21".
يتحدث السيسي عن نجاحه في مكافحة الإرهاب، ولم يخبرنا لماذا لم يتوقف هذا
الإرهاب في سيناء، ولماذا لا زلنا نسمع ونرى أخبار قتل واستهداف جنود الجيش
والشرطة في شمال سيناء؟ مؤخرا نشر موقع "أفريقيا ريبورت" تقريرا عن
معاناة السيسي في سيناء بعنوان "الفيل في الغرفة"، في إشارة إلى المشاكل
التي يعاني منها الجيش المصري على يد مسلحي سيناء.
يدعي الرجل أن مصر بخير، فهل يشعر ثلاثون مليون مصري بالخير وهم يعيشون
تحت خط الفقر. هل يشعر ستة ملايين مصري بالخير وهم يأكلون من القمامة؟ هل يشعر
المعلمون والأطباء وموظفو الدولة بالخير وهم يحصلون على رواتب زهيدة لا تكفي
احتياجاتهم اليومية؟ وفقا لتقرير مجلة "CEOWORLD Magazine" فإن
مصر تحتل المركز 100 من 105 دول في صافي الدخل الشهري للمواطن المصري.
مصر في عهد السيسي تعاني من أزمة في الدقيق والخبز بسبب تكدس 800 ألف طن من
القمح في الموانئ بسبب شح الدولار، وفق ما قالته غرفة صناعة الحبوب باتحاد
الصناعات، كما بدأت تظهر بوادر أزمة في الأرز وغلاء محتمل إلى 20 جنيها للكيلو
بسبب غلق الحكومة للمضارب الخاصة وخفض سعر الشراء من الفلاحين. وارتفع سعر طن
السكر 1000 جنيه دفعة واحدة في شهر واحد.
هذه الأزمات المتتالية فيما يخص أهم السلع الغذائية الأساسية تؤكد ما تضمنه
مؤشر الأمن الغذائي الصادر عن مؤسسة "Deep
Knowledge Analytics" في
تموز/ يوليو 2022، والذي أشار إلى تراجع مصر إلى المركز 110 من إجمالي 171 دولة،
وجاءت مصر في مرتبة متأخرة بعد دول مثل سريلانكا ولبنان وإيران وقطاع غزة المحاصر.
الحقيقة الثابتة، أن مصر مش بخير منذ أن استولى هذا الجنرال على السلطة، والحقيقة الأخرى أن مصر لن ترى خيرا ما دام يحكمها عسكري فاشل اسمه عبد الفتاح
السيسي.