رغم مرور فلسطينيي الداخل بفترات عصيبة منذ إنشاء الكيان الغاصب على القسم الأكبر من فلسطين (1948 ـ 2022)؛ وكان من أخطرها فترة الحكم العسكري خلال عقدي الخمسينيات والستينيات من القرن المنصرم؛ لكن ذلك لم يسكت صوت الإصرار والتحدي بغرض حماية الهوية الوطنية، فظهرت شخصيات فلسطينية قاومت سياسة العدو التهويدية على جبهات الأدب والإعلام والتاريخ؛ ونستحضر سيرتين في مجالي الأدب والتاريخ، هما القاص والكاتب والأديب محمد علي طه أمد الله في عمره ورعاه، والراحل المؤرخ جميل عرفات رحمه الله.
محمد علي طه
قاصّ وروائيّ ومسرحيّ وكاتب مقالة ساخرة وهو كاتب بارز من كتاب القصة القصيرة الفلسطينية المحلية.. ولد في العام 1941 في قرية ميعار في الجليل ـ فلسطين. وفي العام 1948 هدمت القوات الإسرائيليّة القرية وصادرت أراضيها فلجأ مع أسرته إلى قرية كابول. أنهى دراسته الابتدائية في القرية وأنهى الدّراسة الثّانوية في ثانوية كفر ياسيف في العام 1960 ودرس الأدب العربيّ والتّاريخ في جامعة حيفا وحصل على اللقب الجامعيّ الأوّل سنة 1976. عمل مدرّساً للأدب العربيّ في الكليّة الأرثوذكسيّة العربيّة بحيفا لمدة 25 عاماً.
انضم للعمل السياسي في صفوف الحزب الشيوعي في أواخر السبعينيات من القرن العشرين. من مؤسّسي اتحاد الكتّاب العرب الفلسطينيّين في الداخل الفلسطيني المحتل في العام 1987 وانتخب رئيساً له في العام 1991. عمل محرراً ثقافيّاً في صحيفة "الاتحاد" (1982 ـ 1990) وترأس تحرير مجلّة "الجديد" (1990 ـ 1992) والمحرّر المسؤول لمجلّة "48" التي صدرت عن اتحاد الكتّاب العرب.
محمد علي طه.. أديب فلسطيني
وهو من مؤسّسي لجنة الدّفاع عن الأراضي العربيّة التي أقرّت إضراب يوم الأرض 30 آذار 1976. انتخب في العام 1998 رئيساً للجنة "إحياء ذكرى النّكبة والصّمود" التي قامت بنشاطات واسعة في البلاد إحياءً للذّكرى الخمسين لنكبة الشّعب الفلسطيني وتوّجت عملها بمسيرة العودة من الناصرة إلى صفورية التي شارك فيها الآلاف.
عضو في الحزب الشّيوعيّ من 1977 ـ 1992 وعضو في اللجنة المركزيّة للحزب. رئيس لجنة "الوفاق الوطنيّ" للجماهير العربيّة في الدّاخل. تعرّض للملاحقة والاعتقال عدّة مرّات وصادرت السّلطات الإسرائيليّة مجموعته القصصيّة "وردة لعيني حفيظة" واعتقلته في العام 1983.
يكتب مقالا أسبوعيّاً في صحيفة "الاتحاد" حيفا صباح يوم الأحد ومقالاً أسبوعيّاً في صحيفة "الحياة الجديدة" رام الله صباح يوم الاثنين. ترجمت قصصه إلى عدة لغات. تتميز كتاباته بالالتصاق بالبيئة الريفية والقرية الفلسطينية وبالهموم اليومية للناس البسطاء العاديين والمستضعفين كما يقدم شخصياته في نماذج اجتماعية حية وواقعية.
وقد صدرت عن أعماله دراسات جامعيّة عديدة منها أطروحة دكتوراه باللغة الألمانيّة في جامعة برلين للشّاعر علي الصّح. ونال وسام القدس للثقافة والفنون من الرّئيس الفلسطينيّ ياسر عرفات في 1 ـ 1 ـ 1997. كما نال وسام الاستحقاق والتميّز من الرّئيس الفلسطينيّ محمود عباس في 6 ـ 1 ـ 2013. ونال جائزة ديوان العرب في المسابقة لأدب الكتاب للطفل 2005 ـ 2006. ونال شهادة دكتوراه فخريّة من جامعة أوريل فلايكو ـ رومانيا في 4 ـ 5 ـ 2004.
زار وحاضر في دول عديدة منها مصر، الأردن، سوريا، اليمن، البحرين، تونس، الاتحاد السوفييتي، كوبا، رومانيا، هنغاريا، ألمانيا، إيطاليا، بلغاريا، لاتفيا، تركيا، النمسا، سويسرا، اليونان، تشيكيا، سلوفاكيا. كما تُرجمت قصصه إلى لغات عديدة منها: الإنجليزيّة، الألمانيّة، الإيطاليّة، العبريّة، الرّوسيّة، الفرنسيّة، البولونيّة، البلغاريّة.
جميل عرفات
كاتب ومُؤرّخ فلسطيني. مواليد قرية المشهد عام 1933؛ وتوفي في 28 كانون الثاني / يناير 2022. اهتم بالتاريخ الفلسطيني، وفي بداية حياته المهنية عمل مدرسًا وفيما بعد مديرًا، وبعد تقاعده، أصدر عشرين كتاباً معظمها عن التاريخ الفلسطيني والقرى المهجرة التي تحولت لمصدر للتعرف على تاريخ ونكبة فلسطين.
هناك الكثير من الكتب التعليمية قسم منها يدرس في المدارس العربية منها: الخريطة والمنطقة الطبيعية، الزيت والزيتون، الولايات المتحدة، الاتحاد السوفييتي، اليابان وأيضا كتب ترجمت للعبرية منها أوروبا الغربية، الهند، جيران، أرض إسرائيل.
جميل عرفات.. مؤرخ فلسطيني
وأما الكتب التاريخية التي أصدرها الراحل جميل عرفات فهي مسارات في الجليل والجولان، الناصرة مدينتي، من قرانا المهجرة في الجليل، قرى وعشائر قضاء بيسان، مدن وقرى الكرمل، القرى المهجرة في الحدود الشمالية، معالم الطريق من بيت المقدس إلى البيت العتيق بالاشتراك مع خالد عزايزه، تدنيس المقدسات بالاشتراك مع مؤسسة حقوق الإنسان وغيرها.
وكان لي شرف الحضور مع الراحل جميل عرفات في ندوة التاريخ الشفوي الفلسطيني في الأردن أواسط أيار/ مايو عام 2005 بدعوة من الأكاديمي والمؤرخ الفلسطيني الدكتور سلمان أبوستة؛ وقد حضر الندوة ثلة من الكتاب والمؤرخين الفلسطينيين، ومنهم المؤرخ مصطفى كبها والكاتب وديع عواودة، والكاتب والروائي الراحل سلمان الناطور.
*كاتب فلسطيني مقيم في هولندا
نعمة سليمان الصباغ.. معلم الأجيال وشاعر الناصرة الأول
"غزة هاشم بوابة الشام".. لحفظ الموروث الحضاري الفلسطيني
الشاعر ناصر جريس العيسى.. رحّالة فلسطيني من أجل التعليم