ملفات وتقارير

سعيّد يختار طاقما جديدا لإدارة المرحلة القادمة.. تفاصيل حصرية

حافظ سعيّد على مستشاريه المقربين منه ودعم فريقه بوجوه من أقصى اليسار - جيتي

واصل الرئيس التونسي قيس سعيّد تغيير طاقمه الرئاسي بعد إعلان إجراءاته الاستثنائية في 25 تموز/ يوليو من العام الماضي، من خلال تكوين دائرته المقرّبة برحيل بعض المستشارين، فيما عزّز رجلين في دورهما: المستشار الدبلوماسي وليد الحجام ومدير الأمن الرئاسي خالد اليحياوي، بحسب مصادر "عربي21".


ودفعت بعد الاضطرابات التي عرفتها أجنحة القصر الرئاسي بقرطاج بأكثر المؤيدين ولاءً للرئيس إلى مغادرة الطاقم، والذين كرّسوا جميعًا جهودهم لإنجاح إطلاق الجمهورية الثالثة، بما في ذلك مديرة الديوان الرئاسي السابقة نادية عكاشة.


وذكرت مصادر مقربة من القصر الرئاسي لـ"عربي21" أن الرئيس سعيّد عزّز مشروعه السياسي برجال تغذوا بأفكار اليسار المتطرف الذي ظهر على الساحة في سبعينيات القرن الماضي، وإذا كانت بعض الأسماء غير معروفة في بعض الأحيان، فهم يظلون الداعمين الأساسيين لإنشاء نظام سياسي جديد لا تزال معالمه ضبابية.


وفي مقال سابق، كشفت "عربي21" أن عدد الاستقالات التي شملت ديوان الرئيس التونسي قيس سعيّد بلغ 12 منذ توليه الرئاسة يوم 23 تشرين الأول/ أكتوبر 2019، فيما قدّم 4 من المقربين منه استقالاتهم بعد 25 تموز/ يوليو الماضي، وآخرهم مديرة الديوان عكاشة.


العقل الدبلوماسي


وفي الطاقم الجديد، احتفظ كل من المستشار الدبلوماسي وليد الحجام، ومدير الأمن الرئاسي خالد اليحياوي بمناصبهما، حيث يعتبران أكثر الشخصيات المقربة من الرئيس سعيّد في علاقة بمشروعه السياسي.


ونال المستشار الدبلوماسي للرئيس ثقته من خلال ولائه، حيث يتولى أحيانًا دور المتحدث الرسمي باسم الرئاسة، رغم أن سعيّد اختار سياسة التواصل غير المنتظم، مع الاقتصار على الظهور عبر صفحة الرئاسة بـ"فيسبوك" دون الخروج عبر وسائل الإعلام.


وتخرّج الحجام من كلية الاقتصاد والإدارة في تونس، والتحق بوزارة الخارجية التونسية في عام 2002، وهو من مواليد مدينة الوردية، وهي منطقة شعبية في تونس، تقع شرقي البلاد.


وكان وليد الحجام مسؤولا بشكل خاص عن القضايا الأفريقية، قبل أن يتم تعيينه نائبا للقنصل التونسي في باليرمو عام 2006، وعمل على عودته عام 2011 في الملف الليبي.


وفي عام 2012، عُهد إليه بملفات العالم العربي ضمن حكومة النهضة في ذلك الوقت، تحت إشراف وزير الخارجية، رفيق عبد السلام.


وبعد ذلك، عُيّن وليد الحجام نائبا لرئيس البعثة الدبلوماسية في أبوظبي عام 2014، حيث نال تقدير السفير طارق بالطيب، الذي أصبح في عام 2019 أول رئيس لديوان قيس سعيّد، وقام بدمج الحجام في فريقه. 


ورغم استقالة بالطيب من منصبه في 4 شباط/ فبراير 2020، إلا أن الحجام احتفظ بمنصبه كمستشار دبلوماسي وناطق رسمي باسم الرئاسة، حيث وفر لنفسه مكانًا بين كبار المسؤولين في الدولة.


"رجل سعيّد"


بدوره، احتفظ المستشار الأمني لسعيّد خالد اليحياوي، صاحب خبرة 25 سنة في المجال الأمني، بمنصبه، وهو الذي يُعرف على أنه "رجل سعيّد".


وبرز اسم اليحياوي خلال صراع الأجنحة بقصر الرئاسي بين شق رئيسة الديوان الرئاسي السابقة نادية عكاشة الذي انتمى إليه المستشار الأمني، خالد اليحياوي، وشق وزير الداخلية توفيق شرف الدين وزوجة الرئيس وشقيقه من جهة أخرى.


ويعتبر خالد اليحياوي من ضمن الأسماء المذكورة في ما سُمي بـ"وثيقة الانقلاب" التي سربها موقع "ميدل إيست آي" في 23 أيار/ مايو، التي كشفت تنسيقا تونسيا مصريا من أجل إسقاط تجربة الانتقال الديمقراطي، وتمكين سعيّد من كل السلطات. 


وأشارت الوثيقة إلى أن اليحياوي سيتولى وزارة الداخلية عقب استيلاء سعيّد، وهو ما تم فعلا في أعقاب 25 تموز/ يوليو الماضي، قبل أن يتم إعفاؤه في أعقاب تسمية توفيق شرف الدين على رأس الوزارة مع قدوم رئيسة الوزراء نجلاء بودن.


وتدرب خالد اليحياوي في أكاديمية الفندق الجديد العسكرية، وأكمل دورته التدريبية في المدرسة التنفيذية لشرطة صلامبو، قبل التحاقه بالمديرية العامة لأمن رئيس الدولة والشخصيات الرسمية.
في عام 2007، قضى فترة مع فرقة مكافحة الإرهاب، وخضع للتدريب في الخارج، قبل أن يصبح مديرًا للمرافقة والقوات الخاصة، ثم عاد إلى الأمن الرئاسي في عام 2011.


وظل اليحياوي على رأس الجهاز الأمني، المعروف بصرامته، تحت رئاسة أربعة رؤساء متعاقبين منذ عام 2011. وقد نال احترام الرئيس الحالي سعيّد، الذي عينه في مديرية الأمن الرئاسي.


"حزب الوطنيين الديمقراطيين الموحد"


من جهة أخرى، عزّز سعيّد طاقمه بأحد الوجوه اليسارية فوزي الدعاس، وهو ناشط يساري، لكنه لم يبرز على الساحة إلا في عام 2019، كمدير حملة للمرشح قيس سعيّد. 


وكان الدعاس يتوقع أن يؤدي انتصار سعيّد إلى توليه مهام رسمية، لكنه رفض التكريم واستمر، على أساس طوعي، في إقامة مشروع الديمقراطية المباشرة الذي يقدّمه سعيّد كمشروع سياسي.


بعد أن أكمل تكوينه كفني في البناء والأشغال العامة في ذروة ثورة 2011، شارك الدعاس في تنظيم اعتصام القصبة 2 عام 2011. وفي هذا السياق التقى بالرئيس الحالي في شباط/ فبراير من نفس العام. منذ ذلك الحين، أصبح فوزي الدعاس من أكثر الشخصيات المقربة من سعيّد، في وقت فشل فيه الرئيس الحالي في ذلك الوقت في إقناع عديد الجهات بمشروعه السياسي.


ويُعتبر الدعاس من أبرز الوجوه المسوقة لسعيّد بين الأوساط الطلابية، ولكن أيضًا في دوائر "حزب الوطنيين الديمقراطيين الموحد" المعروف باسم "وطد" (أقصى اليسار)، الذي يُتهم بالتأثير الكبير على الرئيس التونسي.


الأكثر تكتما


سمح عدم وجود ناطق رسمي باسم الرئيس سعيّد يتفاعل مع وسائل الإعلام لأحمد شفطر بأن يجد لنفسه مكانا في المحطات الإذاعية والتلفزيونية، حيث يُقدّم نفسه على أنه عضو الحملة التفسيرية لسعيّد.


ومثل كل من شارك في الحملة التوضيحية للرئيس، يقدم شفطر نفسه كمستقل ومتطوع، حيث يؤكد أن الرئيس لا ينحرف عن البرنامج المعمول به، كما أنه معجب بشخص قيس سعيّد.


وأصبح شفطر، الذي أراد "صفع الخونة" بجعل مظاهرة 8 أيار/ مايو الماضي المساندة لسعيّد عملاً رائعاً مع حشد استثنائي، أكثر تكتمًا منذ فشل هذه المبادرة التي لم تجمع سوى بضعة آلاف من الناس، في أعقاب مظاهرات حاشدة لمناهضي إجراءات الرئيس.


منسق الاستشارة الإلكترونية


كما ضم الطاقم الرئاسي الجديد لسعيّد السياسي اليساري عبد السلام حمدي، الذي كان منسقا للاستشارة الوطنية، التي كانت تهدف إلى جمع ونقل الخيارات السياسية والاقتصادية والاجتماعية للتونسيين لوضع الدستور، وهو خبير قديم في الحياة السياسية.

 

اقرأ أيضا: 12 استقالة هزت ديوان سعيّد منذ توليه الرئاسة.. عكاشة آخرها

وبدأ حمدي مسيرته السياسية من خلال مسرح تونس، قبل أن يقع اعتقاله في عهد الرئيس الراحل زين العابدين بن علي بسبب التزامه بأقصى اليسار وقربه من حزب "وطد"، قبل أن يتم إعفاؤه من منصبه في وزارة التجارة والصناعة والمناجم في نهاية التسعينيات. 


وفي سن 55، عاد الشخص الذي يقتبس من المفكر الفرنسي جان جاك روسو إلى الساحة السياسية، حيث كان العنصر الأساسي الذي مكن رفقاء قيس سعيّد، رضا شهاب المكي - المعروف برضا لينين - سنية الشربطي - الملقبة بسنية ماركس - من تأسيس حركة "القوات التونسية الحرة"، التي تحمل بذور مشروع الديمقراطية المباشرة، التي يسوق لها الرئيس الحالي.


صحفي ميداني


من جهة أخرى، التحق الصحفي طارق الماجري بطاقم سعيّد وبات أحد الوجوه الإعلامية المحسوبة على الرئيس التونسي، إلى جانب نجيب دزيري وباسل ترجمان ورياض جراد.


والماجري، هو أحد الصحفيين القلائل الذين كانوا على اتصال مباشر مع أولئك الذين يعملون على أرض الواقع في مشروع الرئيس، حيث أظهر لنفسه انتقاداً لخصوم المشروع الذي يعتبره من بين الناس قبل أن يكونوا مثل الرئيس.


كما برز اسم طارق الماجري خلال الاستشارة الوطنية التي أطلقها الرئيس سعيّد مطلع العام الجاري، حيث قدّم يد المساعدة إلى المتطوعين المسؤولين عن الترويج للمشروع الرئاسي.