أثارت خطة الرئيس الأمريكي دونالد
ترامب، التي أعلن عنها قبل أيام والتي تضمنت دعوة الأردن ومصر إلى استقبال أهالي قطاع
غزة ، جدلاً واسعا في الأوساط السياسية والشعبية.
الكشف عن هذه الأطروحة جاء عبر مكالمة هاتفية بين ترامب والعاهل الأردني عبد الله الثاني، مما أثار موجة قلق واسعة في الأوساط السياسية والاجتماعية الأردنية، خاصة مع ما رافقها من تهديدات ضمنية بوقف المساعدات الخارجية
جاء هذا الطرح وسط تزايد الدعوات الدولية لتهدئة الأوضاع في فلسطين، وقد قوبلت هذه الدعوة برفض من الأردن ومصر عبر تصريحات لوزارتي الخارجية المصرية والأردنية، مشددين على رفض أي محاولات لتوطين الفلسطينيين أو إعادة طرح سيناريو التهجير.
"عربي21"، قابلت عددا من السياسيين والمحللين للحصول على تعليقهم على هذا المقترح.
الانفتاح على الكل الفلسطيني
يرى عريب الرنتاوي، رئيس مركز القدس للدراسات في حديثه لـ "عربي21"، أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد وضع الدبلوماسية الأردنية وجهًا لوجه، أمام واحدٍ من أسوأ كوابيسها عبر دعم أطروحة اليمين الإسرائيلي الأكثر تطرفًا، لتهجير الفلسطينيين عن ديارهم، وحل قضيتهم الوطنية على حساب الفلسطينيين والأردن سواء بسواء.
وقال الرنتاوي، إن "مواجهة هذا المشروع تتطلب تمتين الجبهات الداخلية والانفتاح على كل القوى الفلسطينية لضمان موقف موحد. كما ينبغي تحريك موقف عربي موحد لا لدعم فلسطين فحسب، بل لحماية أمن الأردن ومصر واستقرارهما".
كما أكد على أهمية التوسع في التحرك الدبلوماسي على المستوى الأوروبي والأممي لعزل الموقف الأمريكي وكشف خطورته، مشيرا إلى أن تجربة العرب مع "إسرائيل" أثبتت أن السلام لم يحقق الأمن المنشود، بل فتح المجال أمام اليمين الإسرائيلي المتطرف لتهديد استقرار المنطقة، ما يتطلب استجابة حازمة تحول دون تنفيذ مشروع تهجير الفلسطينيين.
إعلان حرب
وعلى الرغم من تصريح ترامب مرة أخرى بأنه يرجح قبول الرئيس المصري وملك الأردن استقبال الفلسطينيين من غزة إلا أن كل ما يصدر عن البلدين حتى الآن يشير إلى رفض قاطع لهذا المقترح ولو لم يأت التصريح الرسمي على شكل رد مباشر على ترامب.
أما شعبيا فقد تصاعد الحديث عبر مواقع التواصل الاجتماعي وفي الأروقة السياسية سيما مجلس النواب الذي أكد على رفض مشاريع التهجير، فيما كان للمعارضة السياسية سقف أعلى من الخطاب المباشر لترامب عبر تصريحات للمراقب العام للإخوان المسلمين مراد العضايلة لـ "عربي21" وصف فيها مقترح التهجير بإعلان حرب على الدولة الأردنية.
وأضاف أنه لا مساومة على الأردن أو فلسطين ولا حاجة للأردنيين بمساعدات ترامب، مشيراً إلى أن الشعب الأردني سيقف كتفاً إلى كتف مع الجيش في مواجهة التهديدات والمخاطر على الأردن وإفشال مشروع الوطن البديل، معتبراً أن الشعب الفلسطيني اليوم الذي دفع من دمه 50 ألف شهيد لا يمكن أن يكون مشروعاً للمساومة ولا للتهجير بعد ما حققه من نصر غير مجرى التاريخ.
وقال العضايلة، إن إصرار ترامب على هذا المشروع يعني توسع معركة الطوفان لتشمل كل الأمة مضيفاً بالقول: "لتأخذ يا ترامب اليهود معك إلى أمريكا".
وحول التأثير والضغوطات الاقتصادية قال العضايلة إن هذه فرصة لاعتماد سياسة اقتصادية قائمة على الاكتفاء الذاتي ما يدعم سيادتنا الوطنية، والأردنيون على استعداد لوضع صخرة على بطونهم إذا ما تعلق الأمر بمصير بلدهم.
الحاجة لداخل أردني متماسك
وبالعودة للموقف الرسمي فقد جاء أردنياً بشكل سريع وبعدة مناسبات خلال أيام معدودة تصدّر التعبير عنه وزير الخارجية أيمن الصفدي الذي أكد رفض الأردن القاطع لمشاريع التهجير ودعا إلى العودة لحل الدولتين لتحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة.
وفي حديثه لـ "عربي21"، اعتبر عضو مجلس الأعيان الأردني عمر العياصرة أن الأردن يمر بظرف دقيق مع قدوم إدارة ترامب التي تنحاز لرواية اليمين الصهيوني، مشيرا إلى الحاجة لمواجهة أحلام اليمين المتعلقة بالتهجير والتفوق الديمغرافي في فلسطين عبر داخل أردني متماسك وتوفير الفرصة لمؤسسات الدولة للتحرك وهذا لا يعني عدم وجود النصيحة والنقد البناء.
وأضاف: علينا أن نفهم أن الولايات المتحدة قد تستخدم الضغط الاقتصادي للضغط علينا وهذا يحتاج منا صبراً وتحملا ومقاربة جديدة إذا حصل ذلك.
وتابع: نرى أهالي غزة بعد حرب إبادة استخدم فيها الاحتلال كمية متفجرات بحجم قنابل نووية نراهم يتوجهون للشمال بدلا من الذهاب نحو الشيك وهنا مربط الفرس برفض الفلسطيني للتهجير جملة وتفصيلا.
وقال، إن "على الدولة اليوم التحدث مع مواطنيها فهم صمام الأمان والكنز الاستراتيجي وأنا أناصر عبارة شدوا بعضهم يا أردنيين".
ويثير هذا المقترح مزيدا من الضغط والتخوّف لا سيما بعد إيقاف المساعدات الخارجية للولايات المتحدة، حيث أعلنت وزارة الخارجية الأمريكية تجميد كل المساعدات الخارجية لمدة 90 يوما، باستثناء مصر والكيان الإسرائيلي.