قضايا وآراء

القدس تقاوم الراية والرواية الصهيونية

1300x600

المتأمل ملياً واقع الحال الفلسطيني، يلحظ توسع العدوان على مدينة القدس وأحيائها العربية، وعاما بعد آخر تخترق البؤر الاستيطانية المدينة وبقية مدن الضفة المحتلة، لكن اختراق مسيرة الأعلام الصهيونية لباحات المسجد الأقصى وأبواب المدينة، بهذه الأعداد الضخمة من عتاة الإرهاب الاستيطاني المحمي بآلاف من جنود الاحتلال، يرتكز بكل صراحة على تعاليم صهيونية تلمودية خالصة.

في الشعار المرفوع والسلوك القائم على رقصة الهتاف لموت العرب والمسلمين وقتل الأغيار، يشكل لمجتمع المستوطنين مؤشرا واضحا على تبني الدموية والعنف المستقى من نصوص تلمودية وأساطير دموية، استند بناء المشروع الصهيوني عليها، وما زال لحاخامات دولة الاحتلال فتاوى وأساطير تدعو لقتل العرب والمسلمين؛ تفوق أكاذيبها عن "معاداة السامية" في الدعوة لذبح الأغيار.

مسيرة الأعلام الصهيونية في القدس واحدة من معارك الرايات والروايات، بين أساطير وأكاذيب صهيونية تبدو مذعورة ومرتجفة أمام حقائق عربية وفلسطينية وإسلامية ومسيحية، لا تزول ولا تمحى رغم القوة الهائلة للقمع الصهيوني..

يبقى السؤال الأبدي وبعمره البالغ سبعة عقود عن مواقف وخطوات وسياسات ينتظرها المقدسيون من النظام العربي ومن المجتمع الدولي، بعيدا عن رمي عبارات الشجب والتنديد التي بفضلها يتوسع العدوان الإسرائيلي، ويتمادى أكثر العقل الصهيوني الداعي لحرق وقتل الأغيار والعرب والمسلمين

راية فلسطينية واحدة وقبضة فلسطينية واحدة في القدس تربك جيش الاحتلال وتُفزع مستوطنيه. بدت الصورة من أحياء القدس رغم الأعداد الضخمة للمستوطنين ومخابرات الاحتلال.. كيف تسابق البعض للهروب من باب العمود، وكيف تصدى شبان القدس لقطعان المستوطنين، بمعنى أن المقدسيين أصحاب الأرض والهوية والتاريخ عبروا عن مقاومتهم بهذا الشكل المتاح رغم كل ظروف الحصار والقمع الواقع عليهم، ليبقى السؤال الأبدي وبعمره البالغ سبعة عقود عن مواقف وخطوات وسياسات ينتظرها المقدسيون من النظام العربي ومن المجتمع الدولي، بعيدا عن رمي عبارات الشجب والتنديد التي بفضلها يتوسع العدوان الإسرائيلي، ويتمادى أكثر العقل الصهيوني الداعي لحرق وقتل الأغيار والعرب والمسلمين.

هتافات ورقصات التوراة والتلمود كانت موجهة لكل الأغيار، حتى لمن تحمس وتفاءل بنيل رضا المستعمرين في عواصم العرب أو توهم بسياسة المفاوضات الرسمية أن يبعد إرهاب المستوطنين، وتغيب اليوم عن إعلام رسمي عربي توضيح تعاليم وفتاوى إرهاب المستوطنين. كما تنشغل هذه الفضائيات والإعلام الرسمي بإظهار أكاذيب "مخاطر الإسلاميين" على الأنظمة، وتغيب المواقف المتعلقة بإرهاب ومخاطر الصهيونية عن سياسات عربية وفلسطينية انشغلت في العقود الأخيرة لتغيير مناهج دراسية وتغيير القرآن الكريم لخدمة الرواية الصهيونية، رغم الانبطاح أمامها أو محاولة الاندماج والذوبان مع الصهيوني الذي يتأبط تحت ذراعه التوراة والتلمود ويصرخ مهللاً لجرافات ودبابات بحجة الوعد. وحسب تلك القراءة فإن المحافظة على الدم اليهودي تشكل نقطة مركزية في أيديولوجية حاخامات العنصرية الصهيونية.
الصراع بين روايتين، وبين هويتين؛ الأولى أصيلة بكل شيء رغم فقدانها أدوات الدعم والحماية الرسمية، ورغم تخاذل المجتمع الدولي بقيت الراية الفلسطينية والرواية دائما تشير لتفوق أخلاقي وإنساني، ولرمز من رموز النضال والتحرر من سطوة آخر مشروع استعماري

في لعبة الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة، بين عنصرية ظاهرة ودموية مخفية، انشغلت معظم السياسة الرسمية العربية بدعوة هذه العنصرية أن تكون رؤوفة مع الضحايا، وانشغل العقل الرسمي الفلسطيني بسياسة الاستجداء الدولي للضغط على إسرائيل، والنتيجة أو معظم النتائج باتت معروفة لجهة الاستيطان والعدوان والحصار والتهويد المتوج بهذه الاقتحامات وبهذا الغي والتمادي بالعدوان.

الصراع بين روايتين، وبين هويتين؛ الأولى أصيلة بكل شيء رغم فقدانها أدوات الدعم والحماية الرسمية، ورغم تخاذل المجتمع الدولي بقيت الراية الفلسطينية والرواية دائما تشير لتفوق أخلاقي وإنساني، ولرمز من رموز النضال والتحرر من سطوة آخر مشروع استعماري على وجه المعمورة.

والرواية والراية الصهيونية، رغم امتلاكهما أدوات دعمٍ وتزوير وتشويه في الماضي والحاضر، فشلت في إنزال الراية الفلسطينية، التي كلما رُفعت في أزقة القدس وحواري مدن فلسطين التاريخية التي يتوارث أبناؤها جيلا بعد جيل رواية الحق في الأرض والتاريخ، ويحفظ رواية النكبة وجرائم التطهير العرقي بعيداً عن محاولات الأسرلة والتدجين للعقل العربي والفلسطيني، فذلك يصيب الرواية الصهيونية بانتكاسة، وأعلامها المرفوعة في القدس، وفي كل منطقة محتلة على مساحة فلسطين ستبقى عناوين لصهيونية استعمارية غارقة في الرعب، من فلسطيني يؤكد على عروبته وانتمائه في رفع علم فلسطين مع رمزياته وسردياته الكثيرة.

 

twitter.com/nizar_sahli