سياسة عربية

انطلاق أعمال الملتقى العربي "الافتراضي" لمناهضة التطبيع

مظاهرات سابقة شعبية في المغرب رفضا لصفقة القرن وللتطبيع مع الاحتلال (أنترنت)

بدأت أعمال الملتقى العربي "الافتراضي" (عبر وسائل الاتصال الاجتماعي) لمناهضة التطبيع مع العدو الصهيوني، والمستمر حتى 13 من أيار / مايو الجاري لينتهي بإعلان بيروت لمناهضة التطبيع مع العدو الصهيوني يوم "النكبة" في 15 أيار / مايو الجاري.

وقد افتتح معن بشور رئيس المركز العربي الدولي للتواصل والتضامن بالتعاون مع مؤتمرات واتحادات وهيئات عربية وهيئات مقاومة للتطبيع في عدّة أقطار عربية، الملتقى أمس الإثنين، بكلمة أكد فيها أن الملتقى يسعى لأن تكون مناهضة التطبيع فرصة للتأمل والتعرف على الثغرات التي نفذ منها المطبّعون وصولاً إلى تصفية القضية الفلسطينية، ومعها الوجود العربي والإسلامي كله، من خلال ما يسمى "بصفقة القرن" والتي يعتبر التطبيع أحد أبرز عناوينها..

وأكد بشور، في كلمته التي تابعتها "عربي21"، أن ما يشهده العالم العربي من موجات تطبيعية يشارك فيها حكام وإعلاميون ومثقفون وفنانون ورياضيون هو في جوهره نتيجة عوامل عدة، منها حال التردي والانقسام والتشرذم والاحتراب التي تطبع واقعنا العربي والإسلامي. ليس على مستوى الأنظمة فحسب، بل على مستوى التيارات والجماعات والأحزاب والطوائف والمذاهب والاعراق، فنجد أن مشعلي الحروب والصراعات بين أبناء الأمة هم أنفسهم دعاة التطبيع مع الكيان الصهيوني والرضوخ لإملاءات أسيادهم في واشنطن وغيرها من العواصم الاستعمارية.

وثاني هذه العوامل، برأي بشور، هو حجم الاختراق الثقافي الذي توغل بين العديد من المثقفين والإعلاميين عبر الترويج لثقافة الهزيمة ونشر روح اليأس والإحباط في نفوس أبناء الأمة ليدخل التطبيع إلى العقول والنفوس قبل الممارسات والنصوص. 

وثالث هذه العوامل هو تصاعد الحرب على حركات المقاومة في الأمة، وهي حرب محلية وإقليمية ودولية في آن، لأن خمود جذوة المقاومة للعدو الغاصب في الأمة هي الطريق الأسرع لتحقيق الاستسلام الذي لا يكتمل إلا بالتطبيع مع العدو..

رابع هذه العوامل هو ما نراه من أشكال متعددة من الحصار والعدوان على العديد من أقطار الأمة ودول الإقليم التي ما زالت عصية على مخططات الاستسلام والتطبيع، وذلك بهدف إضعافها وتجويع شعوبها وتركيع قواها وصولاً إلى تطبيع لا يتحقق إلا في ظل سياسات التجويع والتركيع التي نشهدها في غير قطر عربي.

وأكد بشور أن المواجهة الشاملة للتطبيع لا تكتفي بإدانة لقاء من هنا، أو تصريح من هناك، وتشحب فيلما من هنا ومباراة رياضية من هناك، بل يكون بالعمل لإغلاق كل الثغرات التي ينفذ منها المطبّعون وأسيادهم في تل أبيب وواشنطن والعواصم الاستعمارية، وذلك عبر تلاقي الجميع، من كل التيارات والحركات والأحزاب والجماعات حول مشروع نهضوي عربي غايته الوحدة بوجه التجزئة، والمقاومة بوجه الاحتلال والتضامن بوجه الاحتراب، والعدالة بوجه الظلم، والحرية بوجه الاستبداد، والوعي بوجه الجهل، والتنمية بوجه التخلف.

من جهته قدم العضو المؤسس في المركز والأمين العام السابق للمؤتمر القومي العربي الدكتور زياد حافظ ورقة تشكل خلفية للنقاش في الملتقى، أعرب فيها عن أسفه لأن دولا ومجتمعات عربية تُسرّع في وتيرة تقديم أوراق اعتماد للكيان الصهيوني عبر جعل العلاقة معه أمرا طبيعيا، في الوقت الذي تشجع فيه نفس الدول على التقاتل العربي سواء بين الدول أو داخل المجتمعات العربية وكأنه أمر "طبيعي"!

وأوضح الحافظ أن مصطلح "التطبيع" يعني أن نجعل العلاقة مع الكيان الصهيوني (أو الاقتتال العربي) أمرا طبيعيا بينما واقع الحال هو العداء، مؤكدا أن العداء ليس عداء ظرفيا مبنيا على خلافات موضوعية بل هو عداء وجودي. 

واستعرض الحافظ مبررات وحجج المطبعين، وكذلك أشكال التطبيع سواء اتخذ شكل الزيارات المتبادلة غير الرسمية أي بين أفراد وهيئات عربية وصهيونية، أو رسمية عبر زيارات رسمية لمسؤولين من الكيان إلى عدد من الدول العربية إضافة إلى التنسيق الأمني والاستخباراتي الذي يصل إلى عمليات مشتركة في اغتيال قيادات المقاومة، أو عبر لقاءات ثقافية ورياضية واقتصادية في الدول العربية تستضيف من خلالها وفودا صهيونية. 

وشدد على أن "الأخطر هو التطبيع الثقافي خاصة في مجال الفن والأدب، حيث المشاريع المشتركة تساهم في خلق واقع جديد يصعب تجاهله وتداعياته خاصة في الوعي الجماعي للأمة بين الشباب الذين يمكن التأثير بهم". 

وأكد الحافظ، أن مقاومة التطبيع واجب أخلاقي أولا ووطني ثانيا وقومي ثالثا وشرعي رابعا، ودعا إلى ضرورة الاستمرار في نشاط مناهضة محاولات التطبيع والتعميق في التنسيق على الصعيد الشعبي وعلى الصعيد القانوني وعبر المنتديات والنقابات والهيئات المختصة في مناهضة الكيان. 

كما أكد على ضرورة تفكيك الخطاب التطبيعي في مرتكزاته ومفاصله خاصة على وسائل التواصل الاجتماعي والتشديد على استمرار المجتمع الثقافي والأدبي العربي في إنتاج منظومة فكرية وأدبية وفنّية ترفض التطبيع. وثقافة الهزيمة التي تؤدي إلى الترويج له.. 

ووزع الملتقى إسهامات فكرية من مختلف الأقطار العربية، وكانت أولى مداخلات الملتقى لوزير الخارجية اللبناني الأسبق الدكتور عدنان منصور، التي أكد فيها "أن صراع الأمة مع الكيان الصهيوني صراع وجودي، يرتبط بالأرض والشعب، والتاريخ والمصير والمستقبل". 

وقال: "لذلك لا يمكن لهذه الأمة تحت أي اعتبار كان القبول بالأمر الواقع الإسرائيلي، الذي فرضته قوى الاستعمار على الشعب العربي الفلسطيني". 

وانتقد منصور الحملة التي تقودها قوى، وصفها بـ "الرجعية والخيانة"، والتي قال بأنها "عمدت في الآونة الأخيرة، إلى تشويه صورة الفلسطينيين وتحميلهم مسؤولية بيع أراضيهم، والإقرار بالوجود الصهيوني في المنطقة".

تلاه المطران المناضل عطا الله حنا من القدس برسالة صوتية جاء فيها "أن ظاهرة التطبيع هي ظاهرة خطيرة جدا لأنها تعطي شرعية للكيان الغاصب الذي شرد الشعب الفلسطيني ونكبه منذ عام 1948، وحتى هذه الساعة".

وأضاف: "أولئلك المطبعون أياً كانت أوصافهم، أو مناصبهم، إنما يرتكبون خيانة عظمى، ليس فقط بحق فلسطين التي هي قضية العرب الأولى، بل أيضا بحق شعوبهم وبلدانهم العربية والشقيقة".

ومن مصر وجه سامي شرف (مدير المكتب الخاص للرئيس الراحل جمال عبد الناصر) رسالة أكد فيها ضرورة رفض التطبيع بكل أشكاله، معتبرا أن "السعي لنيل رضا العدو الصهيوني هو سعي للنار وهو خيانة للعروبة".

ويشارك في الملتقى الافتراضي لمناهضة التطبيع مفكرون وسياسيون وإعلاميون ونشطاء حقوقيون عرب وأجانب من مختلف قارات العالم..

 

ولجأت مختلف المؤسسات الرسمية والأهلية إلى العالم الافتراضي، بعد أن اجتاح وباء كورونا مختلف أنحاء العالم واستحالت اللقاءات المادية المباشرة.


وتعالت في الأيام الأخيرة الأصوات الرافضة للتطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي والمنتقدة لأعمال درامية تُعرض في عدد من الفضائيات الخليجية لاحتوائهما على إساءات للشعب الفلسطيني، ودعوات إلى التطبيع مع إسرائيل.

ويتعلق الأمر بمسلسلين هما "مخرج 7" و"أم هارون"، وتبثهما قناة "إم بي سي" السعودية، التي تتخذ من دبي الإماراتية مقرا لها.

وتطرق "مخرج 7" من بطولة ناصر القصبي ونادر الشمراني، في إحدى حلقاته، إلى موضوع العلاقات مع إسرائيل، وجاء فيها مشاهد تؤيد إقامة علاقات اقتصادية وثقافية معها، وتسيء للشعب الفلسطيني، وتصفه بـ"العدو".

أما مسلسل "أم هارون"، فتدور قصته حول سيدة يهودية تعاني مصاعب ومشاكل كثيرة وعاشت في دولة خليجية، بداية القرن الماضي، ورأى فيه منتقدون محاولة لتزييف الحقائق التاريخية المتعلقة بظروف إقامة دولة إسرائيل.

 

إقرأ أيضا: MBC ترفض وقف مسلسلين اتهما بالتطبيع وتتوعد بالمزيد