قضايا وآراء

نعم للمعارضة المصرية.. ولكن

1300x600
أجواء من التشويه والتشكيك والاتهام ينشرها نظام الانقلاب العسكري وأجهزته المخابراتية والأمنية، بأذرعها الإعلامية ونخبها السياسية ومؤسساتها الدينية الإسلامية والمسيحية، ضد بقايا المعارضة المصرية الإسلامية والمدنية في الداخل والخارج، بهدف شيطنتها وتخوينها بل وتكفيرها، حتى يشعر الشعب باليأس والإحباط من أي تغيير أو اصلاح للأوضاع التي تسوء بمرور الزمن حتى وصل الناس إلى القاع.

محاولات التيئيس من دور المعارضة وإشاعة فقدان الثقة فيها ليس في مصلحة التغيير المنشود، لكنه في صالح استمرار نظام الحكم العسكري المستبد الفاسد والفاشل. وبكل أسف يشارك بعض المعارضين بقصد ودون قصد في هذه الأجواء، بممارساتهم حينا وبأقوالهم حينا، وبخلفيات مختلفة بعضها باسم النقد وبعضها باسم النصح وبعضها وبعضها، وفي النهاية تصب في خانة نظام الانقلاب الدموي. وما زالت بعض التيارات والأشخاص داخل مربع المعارضة؛ لا تستطيع تطبيق القاعدة النبوية "فليقل خيرا أو ليصمت". وأقصد بالخير كل ما يبني ولا يهدم ويوحد ولا يفرق.

الكيانات المعارضة الموجودة والعاملة مهما كانت قاصرة أو غير فاعلة بالدرجة المطلوبة، لكنها مهمة وحذفها ينشئ فراغا مضافا تتمدد فيه الكتائب والسرايا التابعة لمنظومة العسكر.

نعم المعارضون بكل يقين ليسوا ملائكة، بل ولا أنصاف ملائكة، لكن نظام أركان الحكم العسكري وبكل يقين شياطين وليسوا أنصاف شياطين.

إذا كان الأمل في منصات قيادات المعارضة وليس الكيانات ضعيفا، فالأمل في منظومة العسكر معدوم.

وإذا كانت مربعات المعارضة بها بعض المنتفعين، فمنظومة الحكم العسكري فاسدة حتى النخاع وساقطة في وحل الفساد والإفساد دون قاع.

التجارب التاريخية والأحداث الواقعية تؤكد أن مهمة إصلاح مصر لا يقوى عليها فصيل منفصل، مهما كانت إمكاناته البشرية والتنظيمية والمادية والمعنوية، كما تؤكد أن مصر بحاجة إلى جميع مكونات مشهدها السياسي، من القوى والتيارات والأحزاب والحركات والائتلافات والجمعيات والشخصيات.

أيضا تؤكد التجارب التاريخية والأحداث الواقعية أن عمليات الهدم والبناء، خاصة في الكيانات البشرية والفكرية، تحتاج لفترات زمنية طويلة تمتد لعشرات السنين، وهذا يعني إطالة عمر نظام الانقلاب هذه الفترة، وهو ما بات يهدد ما تبقى من وطن أرضا وشعبا وثروات.

الخلاصة.. نعم للمعارضة، ولكن..

عليها أن تعلن هدنة أو استراحة معارض فيما بينها..

وأن تتعامل بعضها مع بعض بالطريقة نفسها التي يتعامل بها بعضهم مع نظام الانقلاب؛ بمبادرات المصالحة وطي صفحة الماضي وإتاحة الفرص.

وأن تعيد منصات القيادة فيها النظر في الاستمساك بالمواقع القيادية، رغم ما وصلت له القيادات من تقدم في العمر وتراجع في الصحة وتكلس في الفكر.

وأن تغير لغة الخطاب السياسي الموجه في الفراغ ومضمونه، بتجديد لغته ومضمونه والمستهدف منه.

وأن تعيد النظر في المنصات الإعلامية لتكون أكثر هدوءا ومهنية، وأقل صراخا حتى نشعر بالفارق بين منصات الانقلاب ومنصات المعارضة.

وأخيرا، عليها أن تدرك أن الفرصة ما زالت متاحة، لكن ربما تكون الفرصة الأخيرة.. حفظك الله يا مصر.