نشرت صحيفة "أوبزيرفر" مقالا للمعلق سايمون تيسدال، تحت عنوان "لا تطلق عليها ضحايا حرب، فهذه مذبحة للمدنيين"، يتحدث فيه عن ضحايا الحروب من الأطفال.
ويقول تيسدال في مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، إن "قتل الأطفال لم يعد أخبارا تغطيها الصحافة الدولية للحرب في أفغانستان، فوصلت الوفيات بين الأطفال هذا العام إلى أعلى مستوياتها، وفي اليمن يقدر أن 85 ألف طفل تحت سن الخامسة ماتوا بسبب الجوع منذ عام 2015، وهو عدد يخدر العقل، وفي سوريا خاصة لا يمكن إحصاء عدد القتلى؛ لأن قتل الأطفال يجري على قاعدة يومية، ومن يقوم بالعد؟".
ويشير الكاتب إلى أن "صور الأطفال، ضحايا الحرب، عادة ما تجذب انتباه الرأي العام ثم تختفي، وواحدة منها صورة الطفلة رهام وسط أنقاض أريحا في منطقة إدلب، في شمال غرب سوريا، حيث كانت تحاول إنقاذ شقيقتها الصغرى تقى، وماتت رهام لاحقا إلى جانب أمهما وأخت أخرى لهما، ونجت تقى بفضل جهودها وجهود الدفاع المدني (الخوذ البيضاء)".
ويلفت تيسدال إلى أنه "في اليوم التالي قتل عشرة أطفال في قرى وبلدات في إدلب وحلب وحماة يسيطر عليها المعارضون، وبحسب منظمة (سيف ذا تشيلدرن/ أنقذوا الأطفال)، فإنه قتل أطفال في الشهر الماضي أكثر من عام 2018 كله، ويقول المراقبون إن 800 شخص قتلوا، بينهم 200 طفل سقطوا منذ بداية الحملة التي قام بها الجيش التابع لنظام بشار الأسد، المدعوم من الطيران الروسي في نيسان/ أبريل، ولم يتم رصد معظم هذه الجرائم في لقطات فيديو".
ويقول الكاتب: "هناك طريقة مريحة لوصف القتلى الأطفال باعتبارهم ضحايا، وهو ما يشير إلى أن موتهم كان عرضيا، لكن يجب أن يوصف قتلهم بالجريمة، وهي جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، وتم تنفيذها بناء على طلب زعيمين، وهما الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والسوري بشار الأسد، اللذان يجب أن يواجها العدالة، وإلا فإن القانون الدولي لا معنى له".
وينوه تيسدال إلى أن مفوضة حقوق الإنسان ميشيل باشليت أعلنت في الأسبوع الماضي، أن "الهجمات المقصودة على المدنيين هي جرائم حرب، ومن أمر بها مسؤولون جنائيا عن أفعالهم"، وقالت إن العالم في بداية الحرب الأهلية السورية، التي دخلت عامها التاسع، أظهر اهتماما "واليوم تقتل وتشوه الغارات الجوية عددا كبيرا من المدنيين أكثر من مرة أسبوعيا، والرد العام عليها هو اللامبالاة".
ويفيد الكاتب بأن "قادة سوريا وروسيا ينفون استهدافهم المقصود للمدنيين، وهذه كذبة، تماما كما كذبوا بشكل مستمر حول الهجمات الكيماوية، وتشير الأدلة التي تجمعت على مدى الأشهر الأخيرة إلى السياسة المقصودة القائمة على سحق سكان إدلب من أجل عزلهم ودك المعارضة والجهاديين".
ويشير تيسدال إلى أنه الأسلوب ذاته الذي اتبع سابقا في دمشق وحلب، حيث تم تدمير عشرات المستشفيات والعيادات والمدارس والأسواق والأماكن العامة في إدلب، وبحسب منظمة "أطباء بلا حدود" فإن "العنف تزايد منذ الشهر الماضي، وأدى إلى قتل وجرح المدنيين، وأكثر من أي وقت في هذا العام.. وأدى القصف والغارات إلى تشريد أكثر من 450 ألف شخص نحو الشمال".
ويقول الكاتب إن "العالم سيصحو عندما تبدأ موجة جديدة من اللاجئين تزحف نحو تركيا وربما أوروبا، وفي الوقت الذي يقول فيه الحلفاء الغربيون إنهم مهتمون بالوضع في سوريا، إلا أن لقاء عقده مجلس الأمن الدولي الأسبوع الماضي هاجم فيه المنسق الأممي للشؤون الإنسانية مارك لوكوك كلا من روسيا والصين؛ (لعدم عمل شيء خلال 90 يوما استمرت فيها المذابح أمام أعينكم)، وتساءل عن ما إن كانوا مستعدين أخيرا للاستماع إلى (أطفال إدلب)".
ويبين تيسدال أن "الجواب لم يكن الذي طلبه لوكوك، وفي محاولة لتجاوز الفيتو الروسي صوتت الغالبية على إجراء تحقيق في تدمير المستشفيات في إدلب، ومع ذلك، فكما حدث في مرات سابقة سيتم تناسي نتائج التحقيق وتجاهلها".
ويعلق الكاتب على الهدنة التي عرضها الروس والنظام يوم الجمعة، التي تطلب من المسلحين الخروج من المنطقة العازلة التي أقيمت في أيلول/ سبتمبر، التي خرقها الطرفان بشكل متكرر، قائلا إن "وقف إطلاق النار لا يستمر في العادة، فالنظام السوري، الذي فشل في تأمين إدلب، بحاجة لوقت ليعيد تنظيم قواته، فما تمثله معركة إدلب لكل طرف في الحرب الأهلية هو ميزان القوة، ومن يسيطر على المناطق في مرحلة ما بعد تنظيم الدولة، خاصة منطقة شمال شرق سوريا، التي لا تزال فيها قوات بشار الأسد، رغم تعهد الرئيس دونالد ترامب بإخراجها منها، وكذلك القوات التركية التي ترى في أكراد سوريا خطرا عليها، ولهذا هددت بعملية عسكرية، وفي الوقت ذاته، تتزايد المشاعر المعادية للاجئين السوريين في تركيا، وهي مشكلة ستواجه الهاربين من إدلب".
ويلفت تيسدال إلى أن "إيران تشارك في السباق، فالمليشيات الموالية لها لم تشارك في الهجوم على إدلب، وهذا لا يعني توقف دعمها للنظام في دمشق، فهي تعول على مصفاة بانياس النفطية، وفي حزيران/ يونيو انفجر أنبوب نفطي في البحر هناك من مهاجمين غامضين، وذلك بحسب موقع التحقيقات (بيلينغكات)، وتزامن هذا مع التفجيرات التي تعرضت لها ناقلات النفط في منطقة الخليج".
ويختم الكاتب مقاله بالتساؤل قائلا: "هل هذا يعني أن ترامب وحلفاءه في المنطقة مهتمون بعمليات انتقامية ضد إيران، وليس بحماية المدنيين السوريين وإنقاذهم؟ والجواب على هذا السؤال هو الوضع القاتم والمأساة في إدلب".
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)
التايمز: لهذه الأسباب فشل الأسد في إدلب
FT: لماذا يفرض نظام الأسد ضغوطا على نخبة رجال الأعمال؟
هل تشن روسيا هجوما بريّا في سوريا؟