أكثر من مرة يصرح الرئيس الشهيد في جلسات محاكمته (في المرات القليلة التي تحدَّث فيها) بأن لديه حقيبة
أسرار تتعلق بالأمن القومي
المصري، وفيها معلومات هامة عن الأوضاع في مصر.
والسؤال الذي يطرح نفسه: أين هي هذه الحقيبة السرية التي يذكر الرئيس رحمه الله أنها لديه؟! وبكل تأكيد "لديه" هنا تعني أنها محفوظة في مكان أمين.
وبكل تأكيد أيضا، فإن رئيس الدولة لم يأخذ تكسي (مثلا) ووضع الحقيبة في حفرة تحت الأرض في مكان مجهول!!
إن وضعه كرئيس دولة يجعله دائما تحت الحراسة والمراقبة، وبالتالي فقد سلَّم هذه الحقيبة لشخص آخر أو مجموعة مؤتمنة على ما في هذه الحقيبة السرية، وهي من حفظتها في مكان أمين.
والسؤال الأكثر أهمية من التساؤل عن مكانها، هو: لماذا لم تخرج هذه الحقيبة طيلة السنوات الست الماضية من اعتقال الرئيس؟! ولماذا لم يستخدمها من يملكونها كورقة ضغط على نظام
السيسي؟! أو حتى للحصول على مكتسبات لصالح الرئيس أو المعتقلين؟! أو حتى انفراجة جزئية في الأزمة؟!
مع ملاحظة أنه عندما يقول الرئيس إن لديه أسرارا خطيرة تخص الدولة، فهو بكل تأكيد يتكلم عن أشياء بمستوى الخيانة العظمى، أو التهديد المباشر والصريح للدولة المصرية؛ لأن أي رئيس دولة على وجه الأرض (بطبيعة الحال) لديه آلاف الأسرار عن الدولة التي يديرها، فليس جديدا ولا اختراعا أن يكون لدى رئيس الدولة أسرار، ولكن عندما يقول الدكتور
مرسي ذلك ويكرره، رغم أن إعلان ذلك في جلسات المحكمة وهو تحت أيديهم يعني المزيد من الضغط عليه، فنحن إذا أمام أسرار كارثية تحيق بالدولة ومستقبلها، أو على الأقل تكشف بالمعلومات والدلائل الرسمية ما نردده نحن من باب التحليل أو التكهنات التي تحتمل الصواب والخطأ.
الحقيبة التي ربما يكون الرئيس قد دفع حياته ثمنا لها (أو على الأقل كانت جزءا من هذا الثمن الغالي) لا قيمة لها، وهي مختفية أو حتى محفوظة، قيمتها في أن تظهر وتستخدم كورقة ضغط على النظام الفاشي الذي يقود الوطن نحو الهاوية.
لا أعرف لماذا لم يأخذ هذا الموضوع حقه من العناية، سواء إعلاميّا أو سياسيّا!
حين أفكِّر من باب التحليل في من يمكن أن يأتمنه الرئيس على حقيبة كهذه، فلا أجد سوى جهتين:
الأولى: هي الفريق الرئاسي، وبعضهم حر طليق خارج مصر.
والثانية: هي قيادات الإخوان المسلمين والحرية والعدالة، وكثير من قيادات الصف الأول ظلَّت دون اعتقال لعدة أشهر بعد الانقلاب، وبعضهم يعيش الآن خارج مصر.
لا أعلم لماذا يصمت من يحتفظ بهذه الأمانة لديه، أم أنَّ هناك خيانة للأمانة حدثت في حقِّ الرئيس، أم هو فشل وسوء تقدير للموقف.
في الحقيقة.. ليس عندي إجابة واضحة على هذا التساؤل، ولا يمكنني اتهام أحد دون بينة، ولكن النتيجة واحدة في كل الحالات، أنَّ هناك أمانة دفع الرئيس جزءا من حياته ثمنا لها، لا يعلم أحد عنها شيئا، ولا ما يمكن أن تقدمه للثورة، أو أن تستخدم كورقة ضغط على النظام.