في الوقت الذي تنتظر أسر آلاف المعتقلين في سجون الانقلاب بمصر عودة ذويهم إلى بيوتهم في أي وقت، هناك العديد من الأسر التي لن يعود ذووهم، ولن ينتظروا عودتهم أبدا، بعد أن قضوا نحبهم على أعواد مشانق نظام عبدالفتاح السيسي.
وفي العشرين من شباط/ فبراير 2019، نفذت مصلحة السجون المصرية حكم الإعدام شنقا بحق 9 شبان في ما يعرف بقضية "اغتيال النائب العام المستشار هشام بركات"، وذلك بعد استنفاد جميع درجات التقاضي.
وتقول أسر بعض ذوي الشبان الذين أعدمتهم السلطات المصرية لـ"عربي21" الذين يقضون أول عيد لهم دون انتظار عودة ذويهم، إن دعوتهم للنظام ليس بوقف مسلسل أحكام الإعدام بحق المعارضين، بل برحيل النظام؛ لوقف نزيف الدم.
ونفذت السلطات المصرية الحكم داخل سجن استئناف القاهرة بحق كل من "أحمد طه وهدان، أبو القاسم أحمد، أحمد جمال حجازي، محمود الأحمدي، أبوبكر السيد، عبدالرحمن سليمان، أحمد محمد الدجوي، أحمد محروس سيد، وإسلام محمد".
وكانت محكمة النقض قد أيدت في 25 تشرين الثاني/ نوفمبر 2018، حكم الإعدام بحق 9 متهمين في القضية، كما قضت بتخفيف حكم الإعدام على 6 متهمين إلى السجن المؤبد، ورفضت الطعون المقدمة منهم.
واغتيل النائب العام، هشام بركات، في حزيران/ يونيو 2015، إثر انفجار عبوة ناسفة خلال مرور موكبه خارجا من منزله بإحدى أحياء القاهرة.
وأدانت منظمة العفو الدولية عمليات الإعدام، معتبرة ذلك "عارا" بحق حياة الإنسان.
.
وطالبت "بمحاسبة أولئك المسؤولين عن قتل النائب العام المصري السابق، لكن إعدام أشخاص تعرضوا لمحاكمة شوهتها ادعاءات تحت التعذيب ليس عدلا، إنما انعكاس لحجم الظلم الذي تشهده هذه الدولة".
أسرة أبو بكر السيد
وقالت الصيدلانية هند السيد، شقيقة الشاب أبوبكر السيد، أحد الشبان التسعة الذين أعدمتهم السلطات المصرية في قضية النائب العام، لـ"عربي21": "مع كل مناسبة أو عيد يتجدد إحساس الفقد والحسرة والألم، أتى رمضان من دونهم، وها هو العيد يأتي أيضا بغير وجودهم، ولن يأتوا أبدا".
أبو بكر هو الأخ الأصغر في الأسرة، من مواليد محافظة الشرقية، مركز الإبراهيمية، ولد في شهر أيلول/ سبتمبر 1993 عمره وقت تنفيذ الحكم 25 عاما.
واعتقل أبو بكر في 25 شباط/ فبراير 2016، وهو طالب في السنة النهائية بكلية الهندسة، قسم ميكانيا بجامعة الزقازيق (وسط الدلتا).
وأضافت شقيقته أن "ما يزيد الألم هو ذكرياتنا معهم؛ كنا نجتمع معا على طعام واحد، وفرح واحد، نتذكر أمسيات ليلة العيد وضحكاتها، فينزف القلب ألما، تقبلهم الله عنده، وجعل عيدهم في الجنة أجمل وأحلى بإذن الله".
ووصفت النظام الحالي "بالنظام المجرم الذي لا يسمع ولا يرى ولا ترهبه إلا القوة، أما محاولة استجداء عطف منه أو مروءة فجهد ضائع، لأن نظام كهذا لا يتورع عن قتل الناس وتصفيتهم في نهار رمضان لا يُستجدى، بل ما ينفع معه هو الاتحاد والإعداد لمواجهته بكل السبل المشروعة".
وأعربت هند عن أملها في "ينجو كل الشباب والمعارضين المصريين الذين يواجهون أحكاما بالإعدام"، محذرة من أن "الجيل الغاضب موجود بالفعل، لكن تنقصه الأدوات والخبرات وقيادة رشيدة حكيمة توجهه لما فيه الخير، وإني على ثقة من أن في هذا الجيل من الخير ما يثلج الله به صدورنا".
ووصفت الجيل الحالي بأنه "جيل من الشباب عُذب وطورد وشُرد، وتم التعامل معه بأبشع ما يكون التعامل والأسلوب، جيل رأى الموت نصب عينيه، ورآه في فقد أعز أحبابه، جيل قد يتملك اليأس البعض منه، لكن هناك من اشتعل لهيب الغضب والمقاومة في صدره من أجل دينه ووطنه وعرضه، ولن يثنيه عن ذلك شيء".
دعوة النظام للرحيل
وأعربت أسرة أبو القاسم أحمد، أحد الشبان التسعة الذين أعدموا في القضية ذاتها، عن أسفها وحزنها البالغين جراء قدوم العيد من دون نجلهم، الذي غاب عنهم لسنوات خلف القضبان على ذمة القضية.
وقالت في تصريحات لـ"عربي21": "لسان حالنا بأي حال جئت يا عيد، لا توجد أجواء العيد في البيت؛ بسبب فقدان أبو القاسم، وشعور بالفقدان ممزوج بالحزن الشديد".
مضيفة أن "حزننا ليس هذا العام فقط، بل هو ممتد منذ أعوام منذ تم اعتقاله ظلما وجورا، وحكم عليها بعتانا وعدوانا، ومنذ ذلك الوقت لا يدخل الفرح بيتنا، فالعيد بوجوده كان له طعمه ولونه ورائحته، ولكن هذا العام وهذا العيد تحديدا فالحزن أشد وأقوى".
هو أبو القاسم أحمد علي يوسف، مواليد 18 أيار/ مايو 1992 (26) عاما، من مواليد محافظة أسوان (أقصى جوب مصر)، مركز كوم، بالفرقة الرابعة بكلية الدعوة الإسلامية، جامعة الأزهر، القاهرة، لكن تم فصله في السنة الأخيرة من قبل إدارة الجامعة.
وأشارت أسرة أبو القاسم إلى أن فقدانه "أثر على الأطفال في العائلة الذين لا يشعرون بفرح العيد مثل باقي أقرانهم، ولكن ما يصبرنا أننا نعلم أنه في مكان أحسن إن شاء لله، لكن الفراق أصعب من أي شيء".
وبشأن رسالتهم للنظام المصري، دعت أسرة أبو القاسم "أن يكفوا عن إصدار مثل تلك الأحكام، ولكنهم للأسف مستمرون في إصدارها وتنفيذها، ولا توجد رسالة إلا دعوته للرحيل، وليعلم أن حق هؤلاء الشباب لن يضيع أبدا، وإن ظن الجميع غير ذلك".
حقوقي مصري: التوحش واللاآدمية تتجسد في السيسي
عقوبات جماعية لمن يقدم مساعدات لأسر المعتقلين بمصر
شهادة "مسجلين خطر" تقود معارضا مصريا لحبل المشنقة