ملفات وتقارير

"السطو المسلح".. نهج يومي لجيش الاحتلال بالضفة والقدس

جنود الاحتلال نفذوا عمليات سطو وسرقة بحق عدد من الفلسطينيين- جيتي

تقوم قوات الاحتلال الإسرائيلي بعمليات "سطو مسلح" على أموال وممتلكات الشعب الفلسطيني، تحت غطاء الاعتقالات التي تنفذها في الضفة الغربية المحتلة والقدس، في سلوك عنصري استعلائي يومي محمي من المؤسسة الأمنية والعسكرية الإسرائيلية.

وكشف الإعلام الإسرائيلي، عن "عملية سطو مسلح" قام بها جنود من جيش الاحتلال الإسرائيلي ضد فلسطينيين، قبل 6 أشهر جنوبي مدينة الخليل المحتلة.

وأوضح موقع "i24" الإسرائيلي، أن "عملية السطو" وقعت في حُرش بجانب حاجز "ميتار" العسكري الإسرائيلي جنوبي مدينة الخليل، جنوب الضفة الغربية.

وذكر أن "الجنود لاحظوا وجود فلسطينيين ودعوهم إلى الاقتراب، ومن ثم أمروهم برفع أيديهم إلى الأعلى وإغماض العينين، والاستدارة مقابل شجرة"، مضيفا أنه "أثناء تصويب أحد الجنود سلاحه الجاهز للاستعمال صوب الفلسطينيين، جردهم آخر من أموالهم".

وفرضت المحكمة العسكرية الإسرائيلية الخميس الماضي، عقوبة السجن على جنديين اثنين، في إطار صفقة ادعاء أبرماها مع النيابة، لتنفيذهما سطوا مسلّحا تحت تهديد السلاح، قبل نصف عام، سرقوا من خلاله أموال فلسطينيين.

يذكر أن حوادث سرقة أو مصادرة أموال الفلسطينيين تتكرر بشكل يومي في الأراضي المحتلة، وخاصة خلال حملات الاعتقال اليومية التي تشنها قوات الاحتلال.

وأوضح المختص في الشأن الإسرائيلي مأمون أبو عامر، أن "ما يقوم به جنود جيش الاحتلال من اعتداءات على ممتلكات الفلسطينيين، هو أمر ليس بالجديد ويتكرر رغم الشكاوى التي يقدمها الفلسطينيون إلى الجهات المختصة في ظل الاحتلال للارتباط العسكري".

ونوه في حديثه لـ"عربي21"، أنه "رغم ادعاء الاحتلال أنه يقوم بمحاسبة هؤلاء الجنود على اعتداءاتهم والتي تشمل عمليات التخريب الممنهج، وسرقة أموال أو مجوهرات خلال التفتيش في البيوت أو السيارات أو تفتيش الأشخاص على الطرق، إلا أن هذه الجرائم مستمرة وتتصاعد أحيانا".

تشجيع السرقة


ولفت أبو عامر، إلى أن "جيش الاحتلال يدعي معاقبة الجنود الذي يسرقون أموال الفلسطينيين بقوة السلاح، فقط من أجل الحفاظ على الانضباط العسكري ومنع التسيب داخل الجيش، وأيضا في محاولة للمحافظة على سمعة الجيش الإسرائيلي أمام الإعلام المحلي والدولي؛ لأن الكثير من هذه الجرائم والحوادث يتم نشرها داخل إسرائيل أو خارجها عبر منظمات حقوقية".

وذكر أن "هناك العديد من الأسباب التي تشجع جنود الاحتلال على سرقة ونهب ممتلكات الفلسطينيين، وعلى رأسها النظرة الاستعلائية والعنصرية التي تهيمن على المسؤولين الإسرائيليين، والتي تمتد إلى الجنود كثقافة اجتماعية مرتبطة بقيم دينية بالنظر إلى الآخرين نظرة دونية أو ما يسمونهم "الأغيار"، وهي التي تفتح الطريق أمام الجنود لمثل هذه التصرفات".

وأما السبب الثاني بحسب المختص، فهو "غياب الشفافية في التحقيق في مثل هذه القضايا، حيث لا توجد تحقيقات جدية تلاحق الجنود المتهمين"، مضيفا أن "السبب الثالث هو أن الجنود الذين يتم ضبطهم متلبسين بهذه الجرائم، لا يجدون العقوبات المناسبة الرادعة، وبالتالي فإنه في الحالتين هناك إفلات من العقاب؛ إما بسبب الإهمال في التحقيق أو لضعف العقوبات بحق الجنود الذين يرتكبون هذه الاعتداءات".

 

اقرأ أيضا: الاحتلال يشن حملة اعتقالات بالضفة والقدس المحتلة

وحول دلالات "السطو المسلح" الذي يقوم به جنود الاحتلال، أوضح الباحث المختص في الشأن الإسرائيلي، عماد أبو عواد، أن "ما يحدث على الأرض له عدة دلالات، الأولى؛ أن القيادة الإسرائيلية وتحديدا في الجيش أعطت الضوء الأخضر للجنود لممارسة مثل هذه الأعمال لتحقيق ثلاثة أمور".

نهج إسرائيلي

وأضاف في حديثه لـ"عربي21": "الأمر الأول؛ سرقة أكبر قدر ممكن من أموال الفلسطينيين ومعاقبتهم عقابا ماديا، والثاني؛ الاستحواذ على هذه الأموال التي يتم مصادرتها بشكل يومي ربما لدعم وزارة الأمن، والثالث؛ أن بعض الجنود يعانون من وضع مادي سيئ وأزمات اقتصادية -وفق تقديرات إسرائيلية مختلفة- فيستغلون الأموال المسروقة لتحسين ظروفهم الاقتصادية، علما بأن بعضهم كانوا ينتحرون بسبب وضعهم الاقتصادي".

ونبه أبو عواد، أنه "بعد زيادة نسبة الحاخامية والمتدينين في الجيش الإسرائيلي، فقد بات كل شيء مسموحا ضد الفلسطيني بفتوى من المتدينين، وأصبح هذا الفعل (السطو المسلح) أصيلا لدى شريحة كبيرة من جيش الاحتلال، وبات يمارس بشكل يومي وممنهج، بل إنه محمي من قبل المؤسسة العسكرية والمحكمة الإسرائيلية".

من جانبه، رأى أستاذ العلوم السياسية هاني البسوس، أنه "ليس بعيدا على من سرق فلسطين أن يسرق أموال الشعب الفلسطيني"، موضحا أن "إقدام جنود الاحتلال على السطو المسلح على أموال شبان فلسطينيين، قد يكون سلوكا فرديا، إلا أنه يمثل مؤسسة أمنية تزعم النزاهة والمهنية".

وأكد في حديثه لـ"عربي21"، أن "عدد حالات الاعتداء على النفس والمال الفلسطيني في تزايد، ولا دلائل على محاسبة من قاموا بالسرقة أو الاعتداء من جنود الاحتلال".

وبين البسوس، أن "المحاكمات الصورية وغض الطرف عن السرقات الفردية من قبل الجنود، قد يؤديان إلى تشجيع آخرين على القيام بنفس هذا السلوك الإجرامي"، مؤكدا أن "التسامح من قيادة الجيش الإسرائيلي مع هؤلاء الجنود، هو تشجيع ضمني لهم ولغيرهم على ارتكاب المزيد من مثل هذه الجرائم".

ولفت إلى أن "النهب والسلب بقوة السلاح سياسة إسرائيلية عامة تشمل الأراضي والأموال والممتلكات الفلسطينية منذ عقود"، موضحا أن "أعمال السطو المسلح وإن كانت فردية، فهي تشجع على الفوضى داخل المنظومة العسكرية الإسرائيلية، وتصبح المصلحة الشخصية هي الهم الأول لجنود الاحتلال".