رغم أن مجلس النواب المصري منح كبار قادة القوات المسلحة مميزات كبيرة وغير مسبوقة بإقراره الثلاثاء، مشروع قانون معاملة بعض كبار قادة القوات المسلحة؛ إلا أنه لم يمنح كبار ضباط الشرطة والمخابرات العامة نفس الميزات.
ومشروع القانون يمنح كبار ضباط الجيش معاملة الوزراء، ويحصنهم من اتخاذ أية إجراءات قضائية ويحميهم من المساءلة القانونية، ويمنحهم الحصانة الدبلوماسية ويسمح لهم بجواز سفر دبلوماسي مدى الحياة.
ورغم أن البعض يرى، وبينهم الأكاديمي المعارض يحي القزاز، أن القانون تفصيل على بعض قادة الجيش لتكريمهم، إلا أنه وبمنطق التكريم فقد تجاهل النظام قيادات ضباط الشرطة الذين كانوا شريكا أساسيا بالانقلاب على الرئيس محمد مرسي، وفض اعتصامي رابعة والنهضة، وأعمال القتل والاعتقال والتعذيب والسجن على مدار 5 سنوات.
كما أن بعض المتابعين رأى أن ذلك القانون يحمي كبار قادة الجيش من قانون جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية طبقا للقانون الدولي، متسائلين عن عدم ضمه قادة الشرطة المتورطين بتلك الجرائم.
ذلك التساؤل يأتي في الوقت الذي منح فيه السيسي ضباط الشرطة في أيار/مايو 2015، مزايا الجيش، من مضاعفة الرواتب، وتوفير الإسكان الخاص، وزيادة مكافآت نهاية الخدمة من 10 أشهر لـ120 شهرا، ورفع أجور التأمينات والمعاشات.
كما يهتم بحضور عيد الشرطة بكانون الثاني/يناير كل عام، ويمنح الضباط أنواط الامتياز والشرف ويكرم أسر الذين سقطوا بالعمليات الأمنية، فيما زاد رواتب أفراد وضباط الشرطة والمتقاعدين 9 مرات بالتزامن مع ضباط الجيش، وكان آخرها تموز/يوليو الجاري.
اقرأ أيضا: استمرار الجدل بعد تحصين السيسي للعسكر.. ضباط يدافعون
وفي حديث أحد ضباط الشرطة لـ"عربي21"، فضل عدم ذكر اسمه، قال إنها المرة الأولى التي أتحدث فيها عن مساوئ حكم السيسي، مؤكدا غضبه من تفاقم الأوضاع الاقتصادية التي طالته.
وقال ضابط الشرطة: "راتب ضابط الحربية خريج هذا العام أكبر من راتبي، إلى جانب ما يتمتعون به من مكافآت وحوافز وصناديق وطعام وكسوة وركوب على حساب الجيش وتوفير شقق وسيارات وشاليهات بأقل الأسعار"، مضيفا وفي المقابل تتركنا الدولة نواجه المجرمين ونتعامل مع الشعب ونتحمل كل مصائب البلد.
وحول أسباب استثناء السيسي ضباط الشرطة من ميزات العسكر الأخيرة؛ قال المحامي الحقوقي، عمرو عبدالهادي، هذا: "أمر طبيعي جدا في الحكم العسكري؛ فالسيسي فوق الدستور وفريقه فوق المحاسبة".
وأكد عبدالهادي، لـ"عربي21"، أن "هذا هو التحصين الذي طلب في وثيقة (علي السلمي) لحماية قيادات المجلس العسكري الحاكم من الإدانة بأية جرائم أثناء ثورة 25 يناير 2011"، موضحا: "ولكنه تحصين بطرق أخرى هذه المرة لأفراد بعينهم عاثوا فسادا وقتلا وتشريدا للوطن؛ وبالتالي يحسبون أنهم بقانون سيفرون من المساءلة ولكن هذا القانون أصلا غير دستوري وغير معتد به والثورة لها قوانينها التي ستحاكمهم".
وتوقع المحامي المصري، أن يصمت كبار ضباط الشرطة على هذا التمييز، مرجعا السبب في ذلك "بأن الشرطة الآن تحت وصاية الجيش فعليا ولا تستطيع التحرك دون إذن الجيش، ناهيك عن الزيادات المستمرة في الرواتب والمعاشات التي يمنحهل لهم السيسي".
ويرى عبدالهادي، أن السيسي بهذه الميزات حمى رقاب ضباط الجيش ووضع رقاب من شاركه من الشرطة بانقلابه تحت المقصلة، مضيفا أن "الشرطة هم أرخص ناس بالنسبة للحاكم وأي حاكم من الجيش"، مؤكدا أن "التضحية بهم سهلة وتغيير مناصبهم سهلة كعقاب لهم، أي أن ردعهم سهل".
وتابع: "ولهذا فالسيسي، لا يأبه بالشرطة"، مستبعدا أي تحرك لهم كرد فعل، ومؤكدا أن مصر لم تشهد في تاريخها انقلابا من الشرطة، حتى حينما احتل الإنجليز مصر قامت الشرطة بدور كبير مع المحتل.
اقرأ أيضا: لهذا منح السيسي ميزات ذهبية لقادة العسكر بذكرى الانقلاب
وقال نائب رئيس حزب الجبهة مجدي حمدان، إن "الرجل (السيسي) يعتبر أن تلك الأجهزة تابعة، وأن الأساس في الأمر هو الجيش، ويرى أن أي تغيير في السلطة لن يأتي إلا من الجيش؛ لذا هو يحاول بشتى الطرق اجتذاب ولائهم وعلى حساب باقي أدوات الدولة".
وتوقع حمدان، في حديثه لـ"عربي21"، غياب أي ردود فعل من ضباط الشرطة، وقال: "إنهم من 25 يناير 2011، وهم يدركون أنهم وزارة تابعة لوزراة الدفاع، كما أن وجود وزير الداخلية السابق مجدي عبد الغفار، فترة طويلة على رأس الوزارة رغم إخفاقاته في القضاء على الإرهاب أو ترسيخ الأمن بالشارع؛ كان لغرض واحد وهو تحجيم أي رد فعل لضباط الشرطة".
ويرى السياسي المصري، أن السيسي في الوقت الذي حمى فيه رقاب كبار قادة الجيش، وضع ضباط الشرطة شركاءه في الانقلاب وقتل المصريين تحت المقصلة، قائلا: "ربما يكون الأمر إلقاء للمسؤولية في أية محاكمة على ضباط الشرطة بالقانون الجديد، الذي حمى به أعضاء المجلس العسكري".
وقال المستشار محمد أحمد سليمان: "ليس هناك خوف لدى السيسي من ضباط الشرطة لأن مصالحهم معه وحرصهم دائم عليه، دون أن يتكلف عناء منحهم ميزات تزيد الهياج العام ضده".
وأوضح سليمان، لـ"عربي21"، أن "خشية السيسي من الجيش؛ فهو يدرك أن من انقلب على الرئيس محمد مرسي، قد ينقلب عليه حتى ولو لم يكن هناك أية مؤشرات لذلك، ولكن الخائن يشك في شركاء الخيانة أن يكرروا خيانتهم معه".
وأكد أن السيسي بهذه القرارات المتجاهلة لضباط الشرطة له هدفان: "الأول: شراء ولاء العسكر عن طريق طمأنتهم أنه لن يحاسبهم أحد عن جرائمهم بعد الانقلاب"، مضيفا: "والثاني: ضمان عدم ترشح أحدهم بمواجهته على كرسي الرئاسة المسلوب بعد أن جعل خدمتهم مستمرة بالجيش ولا يمكنهم الترشح إلا بإذن المجلس العسكري ولهم في عنان عبرة".
وعلى الجانب الآخر، برر رئيس حزب الشعب الديمقراطي، خالد فؤاد حافظ، استثناء ضباط الشرطة والمخابرات العامة من ذات مميزات ضباط الجيش الأخيرة؛ بأنهم ليسوا عسكريين.
وقال السياسي المصري، لـ"عربي21" إن "رجال الشرطة بحكم قانون هيئة الشرطة مدنيون ولا يجوز لهم الاحتفاظ برتبهم بعد انتهاء خدمتهم"، مضيفا: "أما رجال المخابرات العامة فلهم خصوصية معينة وقانونهم يكفل لهم الحماية التامة وتخضع لهم كل جهات الدولة".
هل حسم عباس كامل "صراع الأجهزة" في مصر لصالحه؟
السيسي يلتقي وزيرا سعوديا.. ويبحث معه هذه الملفات
تفاصيل الاعتداء على إفطار الحركة المدنية بمصر (صور)