نشرت صحيفة "ميديا بار" الفرنسية تقريرا، تحدثت فيه عن إعلان قائد الانقلاب في
مصر، عبد الفتاح
السيسي، عفوا لصالح بعض
المعتقلين السياسيين، بينما تُحكم "بالحديد والنار" منذ الانقلاب على الرئيس محمد مرسي.
وقالت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن السيسي أصدر مرسوما جمهوريا مطلع سنة 2017 يهدف من خلاله للعفو عن معتقلين اتهموا سابقا بالتظاهر ضد النظام. وليست هذه المرة الأولى التي يطبق فيها السيسي عفوا رئاسيا، حيث إنه أطلق قرابة 82 شابا معتقلا خلال شهر تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي.
وأضافت الصحيفة أن السيسي أطلق وعودا لتطبيق
عفو تشريعي عام خلال مؤتمر صحفي دولي يعنى بالشباب نظم بمدينة شرم الشيخ خلال شهر تشرين الأول/ أكتوبر الماضي. وقد استعمل الشباب المصري مواقع التواصل الاجتماعي كسلاح للضغط على السيسي؛ لحمله على الوفاء بوعوده. واحتل هاشتاغ "الشباب فين؟" موقعي "فيسبوك" و"تويتر"، في إشارة إلى ضرورة تحرير المعتقلين وعودة المنفيين من الشباب المصري.
بينت الصحيفة أن السيسي كوّن لجنة مختصة في شؤون الشباب المعتقل، يقودها الوجه الإعلامي المعروف، طارق الخولي. وقد علق الخولي على هذا الإجراء قائلا: "يسعى الرئيس من خلال هذه المبادرة لطي صفحة الفترة الثورية التي سجن بسببها الكثير من الشباب".
وأوردت الصحيفة أن الخولي يعني "بالفترة الثورية" تلك السنوات التي خرج فيها المصريون للشوارع من أجل إسقاط حكم حسني مبارك، ثم التنديد بالانقلاب العسكري على الرئيس مرسي سنة 2013.
ونقلت الصحيفة عن الخولي قوله: "دورنا في الوقت الراهن يتمثل في الحفاظ على صورة مصر الهادئة، بعيدا عن توتر الشارع وعن فترة المظاهرات التي عرفتها البلاد. لذلك، فإن قرار العفو هو بمثابة فرصة جديدة للشباب المعتقل للتعبير عن رأيه واحتجاجه بطريقة أكثر تحظرا وأكثر سلمية".
وفي سياق آخر، أشارت الصحيفة إلى أن الجرّاح والشاعر المصري، أحمد سعيد، كانا من بين الشباب المتمتعين بالعفو، بعد أن حكمت عليه محكمة القاهرة بسنتين سجنا في كانون الأول/ ديسمبر 2015، بعد أن شارك في إحياء ذكرى أحداث رابعة.
وأضافت الصحيفة أن سعيد ما زال متأثرا بالصدمات التي مر بها داخل
السجون سيئة السمعة، والمعروفة بممارسة التعذيب. وخلال الأيام التي قضاها وراء القضبان، نفذ سعيد إضرابا عن الطعام، مع زملائه المعتقلين؛ احتجاجا على سياسة القمع داخل سجن العقرب.
ونقلت الصحيفة على لسان أحمد سعيد بعد خروجه من السجن أنه عندما خرج من المعتقل حاولت السلطات إجباره على شكر السيسي مباشرة في وسائل الإعلام. لكنه رفض أن يشارك في هذه "المهزلة الإعلامية". ولا يخفي سعيد تخوفه من الاعتقال مرة أخرى، فهو ما زال يشعر بمراقبة المخابرات والأمن الوطني له في كل تحركاته.
وفي هذا السياق، أضاف سعيد قائلا: "أنا لا أكن أي احترام أو تقدير للسلطات الحاكمة، ولكنني لا أنكر أنني سعيد بخروجي من ذلك المعتقل، الذي ما زال يقبع فيه الآلاف من زملائي. ولم أفهم إلى حد الآن نية النظام من إخلاء سبيلي. لكن عندما طلبوا مني شكر الرئيس في وسائل الإعلام، فهمت أن هذه المبادرة هي جزء لا يتجزأ من الدعاية الحكومية لتلميع صورة السيسي".
واستثنت مبادرة السيسي كل المعتقلين المتهمين بالانتماء "لحركات إرهابية" بحسب تصنيف نظام السيسي، ليشمل ذلك جماعة الإخوان المسلمين، وهي عقدة النظام الأولى، والتي أدرجها السيسي على قائمة الإرهاب. وتبعا لذلك، زج السيسي بالرئيس مرسي في السجن، بعدة اتهامات.
وبالتالي، فهذا العفو لن يستفيد منه سوى قلة قليلة من المعتقلين، الذين يبلغ عددهم في سجون حكومة الانقلاب العسكري قرابة 40 ألف معتقل، أغلبهم من الشباب المؤيد لمرسي.
وفي السياق ذاته، تحدثت الصحيفة عن المعتقلين الذين ما زالوا يقبعون في سجون السيسي، على رأسهم أحمد أبو زيد، الذي سجن خلال شهر آب/ أغسطس من سنة 2013، خلال مشاركته في اعتصام رابعة الذي فضه الجيش والأمن بدموية.
وذكرت الصحيفة على لسان محمد أبو زيد، شقيق المعتقل، أن أخاه يتقاسم حاليا زنزانة بسجن طرة مع 12 معتقلا آخرين، وهو يعاني من مرض التهاب الكبد- سي، ناهيك عن الحديث عن حالته النفسية المزرية. وأمام هذه الحالة، تواصل إدارة السجن تهميش السجناء، وتلتزم باتباع اللامبالاة".
وأضاف أبو زيد: "لا يمكننا التواصل أو حتى الاتصال بإدارة سجن طرة لكي نعرف إن كان أخي من بين المتمتعين بالعفو أو من أولئك الذين تم استثناؤهم".