نشرت صحيفة "واشنطن بوست" مقالا للباحث
المصري في مركز كارنيجي للسلام العالمي، والنائب في مجلس الشعب المصري عام 2012، عمرو
حمزاوي، يتحدث فيه عن القانون المصري الجديد المتعلق بالمنظمات غير الحكومية، محذرا من أنه يأخذ مصر نحو طريق خطير.
ويقول حمزاوي: "صوتت الغالبية البرلمانية الأسبوع الماضي على قانون
قمعي، يتعلق بعمل المنظمات غير الحكومية، دون نقاش تقريبا، وأكد التصويت مرة أخرى دور (البصيمة) الذي يؤديه نواب البرلمان، الذي يساعد على الاستبداد الجديد في ظل حكومة عبد الفتاح
السيسي".
ويضيف الكاتب في مقاله، الذي ترجمته "
عربي21"، أنه "تم تمرير قوانين مشابهة قبل ثلاث سنوات، مثل قانون منع التظاهر، وقانون مكافحة الإرهاب، وبالنسبة للقانون الجديد، فإنه ينهي حرية الجمعيات وحرية التعبير، وهما حقان مكفولان في الدستور المصري، ويعرض القانون الجديد الجمعيات غير الحكومية لسيطرة الحكومة القاسية، ويهدد بالقضاء على منظمات المجتمع المدني، ويترك المواطنين الراغبين بممارسة النشاط السلمي في حالة شلل؛ خوفا من تعرضهم للقمع المباشر من الدولة".
ويستدرك حمزاوي بأنه "رغم اعتراف القانون بحق المصريين بإنشاء الجمعيات غير الحكومية وتسجيلها لدى وزارة الشؤون الاجتماعية، إلا أنه يحرمها من هذا الحق، من خلال منح الوزارة الحق في رفض التسجيل بناء على أسباب بسيطة، مثل الزعم بأن مؤسسيها منخرطون في نشاطات ممنوعة".
ويشير الكاتب إلى أن "القانون يتجاوز الحظر التقليدي على المنظمات غير الحكومية، ومشاركتها في نشاطات هي من طبيعة عمل الأحزاب السياسية، مثل القيام بحملات انتخابية، أو ترشيح أشخاص للمشاركة في الانتخابات، ويذهب أبعد من هذا ويحظر عليها (التدخل) في النقابات المهنية والاتحادات العمالية، ويشترط عدم ممارسة نشاطات تعد مضرة بالأمة".
ويرى حمزاوي أن "الأهداف الأتوقراطية وراء الشروط الإضافية للمنع هي تحقيق هدفين: الأول منع سيطرة الناشطين النقابيين واتحادات العمال على المنظمات غير الحكومية، الذين يكافحون من أجل الحفاظ على حرية التجمع وحق حرية التعبير والاحتجاج سلميا ضد سياسات الحكومة، فمن خلال القانون يتم فصل المنظمات غير الحكومية عن باقي الشبكات الاجتماعية، التي تهدف إلى تمثيل قطاعات رئيسية من المجتمع المصري، والدفاع عن قضاياها".
ويورد الكاتب أن "الهدف الثاني يتمثل في أنه في غياب أهداف واضحة وتعريفات قانونية لما يجعل من النشاط (مضرا)، فإن القانون يستخدم إشارات غامضة إلى تهديد الأمن القومي والنظام العام والصحة العامة لاشتراط فرض الحظر على النشاطات المضرة، ويستخدم ذريعة لمراقبة الحكومة لنشاطات المنظمات غير الحكومية، ويحتفظ بسكين القمع والعقوبة مسلطا على أعضائها، ولا يتردد القانون بفرض عقوبات إدارية مشددة، وغرامات، وفترات سجن في حال وجود الاختراقات، التي لم تحدد بطريقة قانونية، مثل المشاركة في نشاطات ضارة".
ويفيد حمزاوي بأن "القانون ينص على إنشاء جهاز قومي لتنظيم عمل المنظمات غير الحكومية الأجنبية، ويضم الجهاز وزراء الدفاع والداخلية والخارجية والعدل، بالإضافة إلى الأجهزة الأمنية، وبالرغم من اختصاص القانون بالمنظمات غير الحكومية الأجنبية، إلا أنه يمنح الجهاز القومي سلطة واسعة على المنظمات غير الحكومية المصرية، وسيقوم الجهاز بمراقبة جهود جمع المال التي تقوم بها المنظمات غير الحكومية، والسماح أو منع وصول المنح الأجنبية والتبرعات إلى المنظمات المصرية، والتدقيق في نشاطاتها ونفقاتها، رغم مراقبة جهاز المحاسبات الإداري لنشاطات هذه الجمعيات".
ويعتقد الكاتب أن "الجهاز القومي الجديد سيقوم في الحقيقة بالإشراف، وبالتالي حرمان المنظمات المصرية، وقطع علاقاتها مع المنظمات الأجنبية، بشكل يجعل من المستحيل أن تعمل هذه المنظمات بحرية وأمان".
ويختم حمزاوي مقاله بالقول إن "القانون المصري الجديد الخاص بالمنظمات غير الحكومية يأخذ مصر خطوة خطيرة أخرى نحو الحكم الاستبدادي، بشكل يجعل الدولة الأكثر سكانا في العالم العربي أكثر عرضة للتطرف وعدم الاستقرار، ومع أنني لا أتوقع منه أن يعمل هذا، فإن السيسي بيده منع تمرير المشروع، وتحويله إلى قانون، من خلال عدم التوقيع عليه، وإعادته إلى البرلمان من جديد؛ من أجل مناقشة مستفيضة، وآمل بصدق أن يثبت خطئي".