سياسة عربية

أبرز مساعدي السيسي أهدر 4 مليارات جنيه في بيع أراض مصرية

(أرشيفية)
(أرشيفية)
اتهمت صحيفة مصرية موالية للانقلاب، مساعد رئيس الانقلاب عبد الفتاح السيسي، لشؤون المشروعات القومية والاستراتيجية، رئيس مجلس الوزراء السابق، إبراهيم محلب، بإهدار مبلغ أربعة مليارات جنيه في صفقة بيع أراض تخص الدولة، بأوراق مزورة، مع رجل أعمال بمنطقة وادي النطرون غرب البلاد، واصفة ذلك بأنه "كارثة".

وقالت صحيفة "صوت الأمة" لرئيس تحريرها عبد الحليم قنديل، في عددها الصادر هذا الأسبوع، إن لجنة استرداد أراضي الدولة ومستحقاتها، التي تخضع لرئاسة محلب تخدع السيسي، وإنها تورطت في فضيحة، وقضية رشوة كبرى، بمنحها أربعة مليارات جنيه، بأوراق مزورة، إلى رجل الأعمال، أيمن الجميل.

وأضافت الصحيفة أن "الجميل" متورط في قضية رشوة وزارة الزراعة السابق، صلاح هلال، في بيع أرض مساحتها 2503 أفدنة، من أجود أراضي الدولة في منطقة وادي النطرون، بينما كان السجن من نصيب هلال، وحده، لسبب لا يريد أحد أن يكشف عنه حتى اليوم.

وقالت الصحيفة إن المصريين استيقظوا صباح 7 أيلول/ سبتمبر من العام الماضي على واقعة درامية، تمثلت في القبض على وزير الزراعة صلاح هلال من ميدان التحرير، على ذمة اتهامه بتلقي رشوة من رجل الأعمال أيمن رفعت الجميل، عبر الوسيط محمد فودة، مقابل تسهيل تقنين استيلائه على 2503 أفدنة في وادي النطرون تابعة للوزارة، دون وجه حق.

وأعقب ذلك القبض على كل من وردت أسماؤهم في الجريمة بأمر النيابة.

وأشارت إلى أنه في 11 نيسان/ أبريل الماضي، قضت محكمة جنايات القاهرة بالسجن 10 سنوات للمتهمين صلاح هلال وزير الزراعة الأسبق، ومدير مكتبه محيي قدح، وتغريمهما 1.5 مليون جنيه، مع إعفاء المتهمين الثالث والرابع رجل الأعمال أيمن الجميل، والإعلامي محمد فودة، من العقوبة طبقا للمادة 107 من قانون الإجراءات القانونية الجنائية، التي تتيح تبرئة الراشي والوسيط حال الاعتراف.

وفي 21 حزيران/ يونيو، استدعت لجنة استرداد أراضي الدولة برئاسة محلب، محامي أيمن الجميل، على عجل، وعندما حل ضيفا عليها فوجئ بعد كرم الضيافة، باعتذار رسمي عما طال موكله من أذى خلال نظر القضية، وإبلاغه بأن "أوراقه سليمة"، وتعطي له الحق في استكمال إجراءات تقنين ملكيته للأرض موضوع قضية الرشوة.

لكن عضو الأمانة الفنية باللجنة، مستشار وزارة الزراعة، سعيد خليل، سارع برفع مذكرة عاجلة وسرية بعد 48 ساعة إلى وزير الزراعة، ورئاسة لجنة استرداد الأراضي، تحيطهما علما بمفاجأة من العيارالثقيل؛ هي تزوير ملف كامل لصالح شركة "كايرو ثري إيه" المملوكة للجميل، بهدف مواصلة تقنين استيلائه على أرض وادي النطرون بالمخالفة القانونية.

وقال خليل في المذكرة الخطيرة: "نحيط سيادتكم علما بأنه تم عمل ملف مزور لشركة كايرو ثري إيه لمساحة 2500 فدان، في شهر فبراير، خلال نظر قضية رشوة وزارة الزراعة، عن طريق المدير التنفيذي للهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية، أيمن المعداوي، برقم طلب 14996 بتاريخ 9 آذار/ مارس 2008، مؤكدا أن الملف مزور بالكامل والمعاينة، وأن الأحداثيات مزورة أيضا".

وكانت المفاجأة التالية وجود قضية جنائية أخرى منظورة أمام النيابة جرى التكتم عليها، أطرافها أيمن المعداوي، واثنان من مهندسي هيئة مشروعات التعمير والتنمية الزراعية، تتمثل في اتهام الثلاثة بالتلاعب بملف الأرض، وتزوير طلب باسم الجميل بتاريخ سابق، لإثبات أحقيته في عملية التقنين، وسلامة الإجراءات، في أثناء وجوده في السجن فعليا على ذمة قضية رشوة وزارة الزراعة.

كيف بدأت خيوط القضية؟

بدأت خيوط القضية، وفق الصحيفة، بمذكرة سرية، رفعها مدير عام إدارة الأمن بهيئة مشروعات التعمير، التابعة لوزارة الزراعة، العقيد وليد أحمد قناوي، إلى مساعد وزير الداخلية لمباحث الأموال العامة، في 8 آذار/ مارس الماضي، يبلغ فيها بوقوع عملية تزوير  في ملف الأرض.

وقال فيه إنه تلاحظ أن أيمن كمال المعداوي ومحمد فؤاد سيف ومحمد على محمد قاموا بالتحايل على القانون بإنشاء ملف لشركة "كايرو ثري إيه"، بمساحة 2500 فدان بمنطقة وادي النطرون باسم أيمن محمد رفعت الجميل المحبوس على ذمة قضية فساد وزارة الزراعة الكبرى، علما بأن أوراق الملف لدى المحكمة، وفيها أن أول طلب تقنين من الشركة كان بتاريخ 9 نيسان/ أبريل 2015، بعد غلق باب تلقي طلبات تقنين وضع اليد على مستوى الجمهورية بقرار وزاري اعتبارا من 1 يناير 2013.

وأضافت مذكرة قناوي: "تلاحظ قيام المذكورين بإنشاء ملف آخر باسم الشركة ذاتها والبيانات ذاتها لسنة 2008، ونتيجة البحث داخل أراضي القوات المسلحة، وقيام أيمن المعداوي بإصدار تعليمات إلى محمد فؤاد سيف بالسير في الاجراءات للملف المذكور، وإرسال خطاب إلى اللجنة العليا لتثمين أراضي الدولة، لسداد الشركة للرسوم لإنهاء القضية".

والأخطر، أن مذكرة مدير أمن هيئة التنمية الزراعية إلى مساعد وزير الداخلية  تضمنت نصا أن "أيمن المعداوي أصدر تعليمات للمهندس محمد سيف بتحصيل مبالغ مالية عن الملف المزور لتقديمه إلى المحكمة لخروج المذكور من السجن بحجة أن "الاتحادية" (الرئاسة) هي التي أصدرت تعليمات له بخروج أيمن رفعت الجميل بحسب تعليمات "الرئيس السيسي".

والمفاجأة التالية هي أن المستند المزور، الذي أشار إليه بلاغ مدير الأمن ومذكرة عضو لجنة استرداد الأراضي، ليس طلبا مقدما من أيمن الجميل بتاريخ قديم كما زعم مسؤولو وزارة الزراعة، بعد التلاعب في ملف الأرض، التي استندت إليها لجنة محلب في اعتبار الأوراق سليمة، بل جاء في صورة تقرير فحص ملفات مكتوب بخط اليد، ومذيل بخمسة توقيعات لأعضاء لجنة الفحص التي شكلها محمد طلبة رئيس إدارة الملكية والتصرف خصيصا بموجب قرار إداري غير مؤرخ بداية العام الجاري، أيضا أثناء نظر قضية الرشوة.

ونص القرار على تكليف أشرف أحمد بدوي بدرجة كبير بالإدارة المركزية للملكية برئاسة اللجنة وعضوية 6 آخرين، بمهمة حصر وجود ملفات منطقة وادي النطرون، على أن تبدأ اللجنة أعمالها من يوم الاثنين الموافق 11 كانون الثاني/ يناير 2016.

توقيعات ناقصة.. وإجراءات غير قانونية

وكشفت "صوت الأمة" عن "ملاحظة غريبة أخرى" في تقرير الفحص الخاص بأرض الجميل، هي أنه مذيل بتوقيع خمسة فقط ممن يفترض أنهم أعضاء اللجنة بينهم رئيسها أشرف بدوي، وبمراجعة تشكيل اللجنة الذي احتواه القرار الإداري، تبين وجود توقيعات ثلاثة أسماء فقط من أعضاء اللجنة.

وهؤلاء هم: وهبة محرز، وأحمد عشري عن إدارة الملكية والتصرف، ومحسن عبد الفتاح عن إدارة الأمن، إضافة إلى رئيس اللجنة، واسم وائل عزت محمود الذي خلا قرار تشكيل اللجنة من اسمه ولا يُعرف من هو، بينما غاب عن توقيع قرار الفحص -الذي يلزم توقيع جميع أعضاء اللجنة عليه- ثلاثة أعضاء آخرين هم: محمد رجب ممثل قسم الملفات، وجمال الدين رمزي ممثل إدارة التفتيش، وجمال يس عن الإدارة المركزية للملكية والتصرف.

ولم تكن هذه المحاولة الأولى لتمرير سيطرة الجميل على الأرض، وتثبت المستندات ظهور أمر توريد من الإدارة المركزية للملكية والتصرف بتاريخ 9 نيسان/ أبريل 2015 لصالح الجميل بدفع 50 ألف جنيه رسوم معاينة للأرض محل التقنين، وتضمن الطلب هذه العبارة تحت خانة البيان "رسوم معاينة"، برغم أن الطلب جديد، وتم إيقاف التعامل مع الطلبات الجديدة من 31 كانون الأول/ ديسمبر 2012.

واتهمت "صوت الأمة" وزارة الزراعة بأنها قبلت دفع الرسوم، وهي تعلم أنه إجراء غير قانوني، كما تفتق ذهن مدير التحصيل عن ضرورة ذكر هذه العبارة ظنا بأنه يخلي مسؤوليته، وتجنبا للصدام مع من أصدر له التعليمات.

والمفاجأة الأكبر جاءت بإحالة بلاغ قناوي من مساعد وزير الداخلية للأموال العامة إلى نيابة الدقي، ليجري اتهام أيمن المعداوي، المدير التنفيذي لهيئة التعمير السابق، والمهندسين: محمد سيف ومحمد علي، بتزوير ملف الـ2500 فدان التي يقاتل الجميع ليمتلكها، وإثبات طلب مزور بتاريخ سابق يعود إلى عام 2008 في تقرير الفحص، وقيدت القضية برقم 3621 لسنة 2016، برقم 691 حصر تحقيق.

وتكشف مذكرة قدمها رئيس قطاع دراسات المشروعات الزراعية والملكية المهندس هشام فاضل بتاريخ 12 حزيران/ يونيو 2015 للعرض على اللجنة الفنية بشأن طلب شركة "كايرو ثري إيه"، عن تسلسل الإجراءات التي جرت على الأرض.

وتكشف المذكرة أن أول ظهور لاسم أيمن الجميل كان بتاريخ 2 أيلول/ سبتمبر 2014، حين تقدم بالطلب رقم 31711 لتقنين وضع 2503 أفدنة في الموقع نفسه.

لجنة السيسي لماذا تعتذر؟

وتظهر مفاجأة جديدة، بتاريخ 23 تشرين الأول/ أكتوبر 2014، حيث انتهى رأي المستشار القانوني للهيئة بعدم جواز الاعتداد بأي تنازلات عن هذه المساحة، إذ إنه لم يسبق إصدار عقد إيجار للمدعو أيمن الجميل لمدة ثلاث سنوات، كما تقتضي القوانين واللوائح حال ثبوت جدية استصلاح الأرض وزراعتها بعد المعاينة، وهو ما لم يحدث حتى تاريخه، وجرى عرض الرأي على المدير التنفيذي للهيئة الذي أشر بالموافقة، واتخاذ الإجراءات القانونية كافة.

واختتمت "صوت الأمة" تقريرها مؤكدة أن الجميل خرج ليمضي في إجراءات التقنين والتملك بعد اعتذار لجنة السيسي إلى محاميه، والتفاوض معه على دفع 45 ألف جنيه للفدان، سعرا للتصالح والتقنين، ليربح الرجل بجرة قلم قرابة 3.8 مليار جنيه.

ذلك باعتبار أن سعر الفدان السوقي اليوم في المنطقة المؤهلة كغيرها من أراضي الطريق الصحراوي والنطرون للتحول إلى منتجعات سياحية، بلغ 200 ألف جنيه، أي أن الرجل حصل على فارق سعر 155 ألف جنيه في الفدان الواحد على سبيل الهدية، وفق "صوت الأمة".
التعليقات (0)