نشرت صحيفة "واشنطن بوست" تقريرا للمعلق الأمريكي جاكسون ديهيل، تحت عنوان: "أمريكا تقدم لمصر عربات مصفحة بالمجان ومصر تصفعها على وجهها"، منتقدا فيه
المساعدات العسكرية الأمريكية لمصر.
ويقول الكاتب: "سلمت الولايات المتحدة لمصر هذا الشهر أول دفعة من العربات المقاومة للألغام والمحمية من الكمائن(ماين ريزستانت أمبوش بروتيكيد) (إم آر إي بي) دون مقابل، وهذا فوق 1.3 مليار دولار، وهي ميزانية المساعدات العسكرية التي خصصتها إدارة
أوباما لحكومة عبد الفتاح
السيسي لهذا العام، ورفض البيت الأبيض ربط هذه المساعدات بتحسين وضع حقوق الإنسان
المصري البشع".
ويقترح ديهيل على الإدارة الأمريكية مقترحا متواضعا، قائلا: "على أوباما أن يشرح للسيسي معنى (إم آر إي بي) وكيف يمكن أن يناسبه في (حرب الجيل الرابع)، خاصة أن الكثير من الناس لا يفهمون، أو لا يعرفون عن هذا المصطلح الغامض، (إلا إذا كانوا يتابعون خطابات الزعيم العسكري المصري منذ عام 2013)، حيث شرح السيسي مرة حرب الجيل الرابع لخريجي الأكاديمية العسكرية، بأنها تحدث (عندما يتم استخدام قنوات الاتصال الحديثة والحرب النفسية والإعلام من أجل خلق فتن داخل مصر وإحداث الأذى لها)".
وينقل الكاتب هذا الكلام عن موقع "مدى مصر"، ويتساءل ديهيل قائلا: "من هو العدو في هذه الحرب؟، بحسب الجيش المصري، فإن هذا سيكون العدو، البلد ذاته الذي يقدم العربات المصفحة بالمجان إلى مصر، ويمنحها مليارات الدولارات كمساعدات عسكرية، حيث إنه في آذار/ مارس قدمت أكاديمية ناصر، التابعة لوزارة الدفاع، عرضا للبرلمان، حول حرب الجيل الرابع، وبحسب الملامح العامة التي نشرها موقع (مدى مصر)، فإن الموضوعات تشمل (الدفاع عن مصر، وخطط الغرب لتقسيم الشرق الأوسط)".
وتعلق الصحيفة بأن "شخصيات الدعاية المرتبطة بالنظام هي أكثر وضوحا، حيث قال شارل فؤاد المصري في (ديلي نيوز أيجيبت): "معظم منظمات العمل المدني في مصر تعمل لتدمير المجتمع، من خلال حرب الجيل الرابع وبدولارات قليلة"، وكتب عمرو عمار، الذي يظهر دائما في البرامج الحوارية، كيف كانت الثورة الشعبية المصرية عم 2011، مؤامرة أمريكية لتدمير مصر وحماية إسرائيل، ويطلق على ثورات الربيع العربي اسم (الربيع العبري)".
ويشير ديهيل في تقريره، الذي ترجمته "
عربي21"، إلى أن " البعض قد يستبعد هذا الكلام؛ باعتباره أن الصرخات المناهضة للولايات المتحدة لا ضرر منها، وأنها فقط للاستهلاك المحلي، مع أنها في الحقيقة ليست كذلك، ونحن نعلم ذلك؛ لأن الجيش كان يتصرف بناء على نظرياتها، ومن بين الخطوات التي اتخذها الجيش أنه قام بحملة ضد المنظمات غير الحكومية التي تحصل على دعم خارجي، وفي آذار/ مارس فتح المدعي العام من جديد قضية تعود إلى عام 2011 ضد عدد منظمات لحقوق الإنسان، ومنع مسؤوليها من مغادرة البلاد، وطلب من القاضي تجميد أرصدتها المالية".
ويلفت التقرير إلى أن النظام المصري استهدف خلال الجولة الأولى من المحاكمة المنظمات الأمريكية، مثل معهد الحزب الجمهوري الدولي، و"فريدم هاوس"، حيث أجبرهما على وقف نشاطاتهما، وسحب الموظفين الأمريكيين من مصر، مشيرا إلى أن النظام يقوم بمحاكمة حسام بهجت، مؤسس المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، التي نشرت تقارير عن ملاحقة النظام للمثليين في مصر، والمديرالتنفيذي للشبكة العربية لحقوق الإنسان والمعلومات جمال عيد، ومؤسس معهد القاهرة لدراسات حقوق الإنسان بهي الدين حسن.
ويقول الكاتب: "يتساءل المراقبون في مصر عن السبب الذي يدفع السيسي، الذي يزعم أنه يواجه
تنظيم الدولة وغيره من المتطرفين الإسلاميين، لتكريس وقته لقمع العلمانيين وناشطي حقوق الإنسان والصحافيين والسياسيين اليساريين، الذين يمقتون الجهادية، والجواب سهل، إنه جزء من خوض حرب الجيل الرابع، حيث إن العدو النهائي فيها هم المتطرفون السنة والليبرالية الغربية بزعامة الولايات المتحدة".
وينوه ديهيل إلى أن "الجنرالات المصريين يتعاملون مع هذه الحرب، من خلال استخدام العربات المصفحة المحمية من الكمائن والألغام، وطائرات (إف-16) المقدمة من واشنطن في الحرب ضد تنظيم الدولة في سيناء، وفي الوقت ذاته، فإنهم يوجهون المخابرات والقضاء للهجوم على عملاء أمريكا التخريبيين في القاهرة".
ويرى الكاتب أنه "لا يوجد تناقض طالما لم تعترض الإدارة الأمريكية، ولم يتعرض الدعم العسكري المقدم منها للخطر، وإدارة أوباما لا تعترض، وفي الحقيقة فإنها طلبت من الكونغرس شطب الشرط المرتبط بالدعم العسكري لمصر في الميزانية المخصصة لمساعدات العام المقبل".
وتجد الصحيفة أن "المشكلة هي أن دعم الولايات المتحدة للجيش المصري يعمل على تدمير علاقاتها مع مصر، حيث تم سحق العلمانيين الداعمين للديمقراطية وحقوق الإنسان، وهم حلفاء الولايات المتحدة الطبيعيين، وفي الوقت ذاته يتم تغذية المصريين بدعاية تصف الولايات المتحدة بأنها تدعم مؤامرة عظيمة لتدمير البلد، ومن وجهة نظر الولايات المتحدة، فإن هذا رد فقير للجميل لأكبر مساعدة عسكرية في العالم".
ويخلص ديهيل إلى أنه "لهذا السبب، فإن ناشطا مصريا أعرفه قدم اقتراحا ودودا: إنس محاولات السيسي لقمع المعارضة السلمية، وملاحقته للصحافيين، وإغلاقة للمنظمات غير الحكومية، وأخبر الجنرالات بأن مستقبل المساعدات الأمريكية يعتمد على تصريحات السيسي العلنية باللغة العربية، التي يؤكد فيها للمصريين أن الولايات المتحدة لا تتآمر على تدمير مصر، وأنها لا علاقة لها بحروب الجيل الرابع".