انتقد حقوقيون تزايد حالات القتل داخل مراكز الاحتجاز في
مصر، فيما اعتبرها بعض المعنيين بملف حقوق الإنسان ظاهرة ترقى إلى جرائم ضد الإنسانية بعد أن شارفت على الثلاثمئة حالة منذ الانقلاب العسكري قبل سنتين.
ويأتي هذا الانتقاد بعد الإعلان عن وفاة الحالة الثالثة في أقل من 48 ساعة لمعتقل سياسي في العقد الخامس من عمره من قرية الشيخ زين - مركز طهطا بمحافظة سوهاج في صعيد مصر جراء الإهمال الطبي.
وحذرت منظمات حقوقية وإنسانية من مغبة تمادي "نظام
السيسي" في إزهاق أرواح المئات خارج دائرة القانون، وتحت حجج واهية، ومبررات سخيفة، في ظل غياب المساءلة القانونية.
ارتفاع عدد القتلى داخل مراكز الاحتجاز إلى 285
إلى ذلك، أكد مسؤول الملف المصري بمؤسسة الكرامة لحقوق الإنسان، ومقرها جنيف بسويسرا، أحمد مفرح، ارتفاع حالات القتل داخل مراكز الشرطة إلى 285 حالة منذ 30 حزيران/ يونيو 2013 وحتى الآن.
وقال مفرح، لـ"
عربي21" :"مازال المعتقلون والمحتجزون بداخل مراكز الاحتجاز على مستوى الجمهورية يعانون من
التعذيب الممنهج، وسوء المعاملة، وعدم توافر الرعاية الصحية، والمعيشية؛ فيما يمثل دليلا ماديا وملموسا علي سياسة القتل الممنهجة التي تتبعها وزارة الداخلية، والتي تلقى تأييدا سياسيا من النظام العسكري الحاكم فى مصر".
واستنكر غياب "الإرادة في وقف ممارسة القتل البطيء، و تحويل أماكن الاحتجاز فى مصر إلى مقابر رسمية، ومسالخ بشرية لمعارضي الانقلاب، وسط صمت سياسي بالداخل والخارج".
واتهم مفرح وزارة الداخلية بممارسة الكذب، قائلا "مازالت الشرطة تخدع الناس بشأن أوضاع المعتقلين المحتجزين، وقد مر العام الأول على تصريح مساعد وزير الداخلية من أن أماكن الاحتجاز في مصر 5 نجوم"، معتبرا أن كل ما تقوله الداخلية حول هذا الملف يدخل في إطار التضليل والكذب "الذي ما كانت لتقدم عليه لولا التأييد السياسي، والغطاء القضائي بعدم مساءلة أفرادها ومنتسبيها فيما يقومون به من أعمال وحشية بحق المعتقلين".
إعلاء مبدأ عدم المساءلة
من جهته؛ انتقد المتحدث باسم التنسيقية المصرية للحقوق والحريات، محمد أبو هريرة، موقف النيابة المتخاذل، التي يفترض بها التحقيق في مثل تلك الوقائع والانتهكات.
وقال لـ"
عربي21" إن "النيابة العامة مسؤولة ومشاركة في جريمة القتل البطيء للمعتقلين بداخل مراكز الاحتجاز؛ بسبب عدم التحقيق الجدي في هذا الملف، وتجاهل مبدأ المساءلة، برغم وجود تقارير الطب الشرعي، والتقارير الفنية التي تؤكد عدم لياقة أماكن الاحتجاز، وأقسام الشرطة، و مقار الأمن المركزي لوضع المعتقلين والمحتجزين فيها".
واعتبر أن نظام السيسي متورط مع نظام مبارك "البائد"، "إن لم يكن امتدادا له في جرائمه، وانتهاكه للحقوق أولحريات، وإعلاء مبدأ عدم المساءلة، والمحاسبة بحق المتهمين بجرائم تعذيب وقتل؛ بل إنه فاق نظام مبارك في جرائمه وفساده"، على حد قوله.
وتابع "القضاء في مصر متورط سياسيا في قضايا المعتقلين السياسيين التي ينظرها، ويحكم فيها بتحريات الأمن الوطني، دون النظر أو الاستماع إلى الأدلة والشهود والمحامين".
الحقوق والحريات بسلة المهملات
أما رئيس المكتب الحقوقي في المجلس الثوري المصري بتركيا، أسامة رشدي، فحذر من تمادي نظام "السيسي" في جرائم القتل والتعذيب سواء في مراكز الاحتجاز أو
السجون.
وقال لـ"
عربي21" إن "النظام الانقلابي بدأ بوضع دستور، وتعدى عليه، ووضع مواده المعنيه بالحقوق والحريات في سلة المهملات، وصادر الأملاك والأموال دون سند من قانون".
وتابع بقوله بأن "ما يحدث في مصر لا يحدث في أعتى الأنظمة الفاشية، فنحن نعيش في حالة من العبث الفكري، والقمع والتعرض للبطش؛ ما يعكس مدى الانحطاط الأخلاقي الذي وصلنا إليه، ولا يمت لقانون بصلة".
الغرب لا تعنيه الحريات
كما انتقد رئيس لجنة الأمن القومي بمجلس الشعب المنحل، رضا فهمي، موقف الغرب من كم الانتهكات والتجاوزات التي تحدث بحق رافضي الانقلاب، والحكم العسكري، "الذي قتل وسجن وعذب الآلاف، ومازال يقدم له كل الدعم الممكن والمتاح، بشكل لا محدود".
وقال لـ"
عربي21": "الغرب أثبت أنه انتهازي ولا تعنيه الحريات وحقوق المصريين في قليل أو كثير، وأن ما يهمه هو تأمين مصالحه، وأمن إسرائيل في المنطقة تحت أي مسمى".
وأضاف "السيسي جزء من المشكلة، وجزء من الانقلاب العسكري الذي خططوا له، ونسقوا له مع دول في المنطقة، ويضفون عليه شرعية كاذبة باستقباله، رغم الرفض الشعبي له".