رأى مدير برنامج الدراسات العسكرية والأمنية في معهد واشنطن، مايكل آيزنشتات، أن بإمكان أمريكا استعادة
ثقة حلفائها
الخليجيين من خلال مواجهة مساعي
إيران لتوسيع نفوذها الإقليمي.
وقال آيزنشتات في تقرير نشر على موقع معهد واشنطن الإلكتروني: "إن الولايات المتحدة تعاني حاليا من نقص في مصداقيتها يهدد مصالحها ويعرّض حلفاءها للخطر"، مشيرا إلى أن "الخطوات التي اتخذتها في الماضي لطمأنة حلفائها من دول مجلس التعاون الخليجي، والكامنة في نقل الأسلحة، وتواجد متزايد لها في الخارج، ووضع خطوط حمراء، لم تنجح في كثير من الأحيان في تبديد شكوك هؤلاء
الحلفاء، وكثيرا ما فاقمت من مخاوفهم.
وتابع أنه وعلى ضوء ذلك، "لا تشكل الخطوات الإضافية التي وعدت بها قمة كامب ديفيد تغييرا في قواعد اللعبة في العلاقات بين الولايات المتحدة ودول مجلس التعاون الخليجي، لا سيما أن البيان المشترك غامض جدا فيما يتعلق باتخاذ خطوات محددة تهدف إلى مواجهة نشاطات إيران المزعزعة للاستقرار".
ومن أجل تحقيق غاية الولايات المتحدة في استعادة مصداقيتها لدى الخليجيين، كان لا بد لها -بحسب الباحث آيزنشتات- من أن "تكثّف الدعم للمعارضة المعتدلة في سوريا، وأن تعمل على نحو أكثر فعالية لردع شحنات الأسلحة الإيرانية إلى حلفاء طهران وأتباعها في المنطقة، ومنعها، وتعمل على تعزيز الدعم للشركاء المنخرطين في الصراعات مع حلفاء طهران وأتباعها".
واعتبر الباحث أنه لا بد أيضا لأمريكا أن "تُلحق التدريبات العسكرية الدفاعية الروتينية بتمارين على ضربات العمليات الهجومية طويلة المدى في منطقة الخليج، وأن تُولي الأهمية للخطوط الحمراء وتشحذها فيما يتعلق بالبرنامج النووي الإيراني؛ بغية إضفاء المزيد من الوضوح على الثمن الذي ستدفعه إيران إذا حاولت تجاوز العتبة النووية".
وواصل آيزنشتات قائلا: "في حين أن العديد من هذه الإجراءات المعلنة ستشكل خطوة إيجابية في العلاقات بين الولايات المتحدة ودول مجلس التعاون الخليجي، إلا أن العديد منها سيعتمد على المتابعة خلال الأشهر والسنوات المقبلة، وخاصة فيما يتعلق بمكافحة أنشطة إيران المزعزعة للاستقرار. فهذه النشاطات هي مصدر القلق الرئيسي لقادة الخليج الذين هم بالفعل قلقون جدا من تزايد النفوذ الإيراني الإقليمي".
وتابع بأن "جذور انعدام الثقة المتزايد بين الجانبين تعود إلى غزو العراق عام 2003، والتصور السائد في معظم أنحاء المنطقة بأن الولايات المتحدة سلّمت العراق (الذي كان تاريخيا محكوما من قبل مجموعة من السنة العرب إلى حد كبير)، من خلال عدم الكفاءة أو عن قصد، إلى "الشيعة" وإلى إيران. وقد تعزز هذا التصور من خلال الاعتقاد الشائع في دول مجلس التعاون الخليجي وبين حلفاء إقليميين آخرين بأن إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما، عندما تسلمت مهامها، توددت بلهفة شديدة لأعداء تقليديين مثل إيران على حساب حلفائها التقليديين، وسرعان ما تخلت عن الحلفاء التقليديين مثل حسني مبارك في عام 2011 خلال المراحل الأولية مما كان يسمى بـ "الربيع العربي".
وبيّن آيزنشتات أنه "قبل قمة كامب ديفيد كانت الإدارة الأمريكية تبحث عن طرق لإضفاء الطابع الرسمي على التزامها بشركائها في الخليج. فقد أكد الرئيس الأمريكي على هذه النقطة في المقابلة التي أجراها مع فريدمان قائلا: "عندما يتعلق الأمر بعدوان خارجي أعتقد أننا سنقف إلى جانب أصدقائنا العرب، وأنا أفكر في طريقة يمكننا من خلالها إضفاء الطابع الرسمي على العلاقات أكثر بقليل مما هي عليه حاليا".
وقبل اجتماع القمة، كان من المتوقع أن تسعى بعض الدول الخليجية للحصول على ضمانات أمنية على غرار "المادة الخامسة من معاهدة واشنطن" لعام 1949، التي تشكل الأساس القانوني لترتيبات الأمن الجماعي التي تقوم عليها "منظمة حلف شمال الأطلسي" (الناتو). إذ تنص المادة الخامسة على أن "أي هجوم مسلح ضد طرف واحد أو أكثر من أطراف المعاهدة في أوروبا أو أمريكا الشمالية يُعدّ هجوما ضد كافة الأطراف"، وأن "كل طرف" سيتخذ "الإجراءات التي يراها ضرورية... لإعادة الأمن إلى منطقة شمال الأطلسي أو صونه فيها".
وأنهى مدير برنامج الدراسات العسكرية والأمنية في معهد واشنطن مايكل آيزنشتات تقريره قائلا: "وبدلا من ذلك، إن ما حصلت عليه دول مجلس التعاون الخليجي كَمَنَ في التزام فاتر نوعا ما بـ "العمل بشكل مشترك... لردع ومواجهة أي تهديد خارجي لوحدة أراضي أي دولة من دول "مجلس التعاون الخليجي"، الذي يتعارض مع ميثاق الأمم المتحدة". ومع ذلك، من المحتمل أن يؤدي اعتماد طهران على التخريب والحرب بالوكالة (وفي الآونة الأخيرة، العمليات السيبرانية الهجومية) إلى تعقيد الجهود الرامية إلى الرد على اعتداء إيراني متصور، وهو الأمر بالنسبة إلى ميل بعض حلفاء الولايات المتحدة في الخليج إلى رؤية الأيدي الإيرانية وراء كل حدث تقريبا في المنطقة.