قضايا وآراء

اعتذارية مرة إلى "ناشطة"!

محمد ثابت
1300x600
1300x600
لا أجدني في موقف أُحسد عليه، بل لا يخفى عليك، أنت بالتحديد، كوني في موقف نادر، تتضارب المشاعر فيه، وأجد "بنياني".. ذلك الذي اعتدته واحدا متسقا.. لا يتداعى .. كما تودين، وكما لم تكن "مودتي" فيك تتمنى منك حلا يجعلك تفوزين فيه.. ولو جاء على حساب أنقى ما في.."روحي"..

لا أجدني في موقف أحسد عليه..، إذ أن بنيان المؤسسات بداخل دول كم تعبت وشقيت لثبت إلى "نفسها" قبل الآخرين أنها كانت دولا فضلا عن أنها ما تزال، وهي التي طالما حلمت بالربيع.. ترى الآن نفسها متساوية مع "هجير الخريف".. وذر رياح المغيب.. شمس الغروب، يا متألقة، ليس لها من دخل بمظهرك الثوري، ولا حرصك على مناداك في "البرامج التلفزيونية" بالناشطة الثورية، شمس الغروب ليس لها من دخل بكلماتك المتلاحقة كطلقات "المدفعية" عن وجوب تناسق "البُنى الثورية".. وغياب "ألعدالة" مرة بعد مرة.. ومعاناة البسطاء مع "استفحال" المؤسسات الأمنية، كم من مرة قلت هذه الكلمات، وإن كانت مهمة.. أو تعي ذاكرتك أن "أبين" اليمن كما "قوماشلي" سوريا، "صفاقس".

تونس..كما "منفلوط" مصر.. آلاف المدن العربية تعاني معاناة ليست تفاصيلها لديك إلا كما احتوى ازدواج شخصيتك مداخل ومخارج يصعب على العقل التعامل معها..

تعاني الأحياء الصغيرة داخل الخط الأخضر في بغداد وخارجه، في مدن مغلقة في القاهرة.. الرحاب والفسطاط.. وبقلبها.. الأحياء الهامشية المحررة في حمص.. والمستولى عليها، أعاني الطوفان بداخلي من "فرط" تدخلك فيما يخصني على أنه جزء من "تكوينك الذي تظنينه" ثوري.. تلك الخلايا والمسام التي اصطلحت مع ذاتها بداية من المساكن الشعبية الغربية ببني مزار حتى سوق واقف بقطر.. ومساكن الأوقاف بأبو ظبي، وبنايات النهضة بتونس، ومدن البعث بدمشق.. كل ما في الآن يتضارب فيك.. علمت الوجدان معنى "طوفان المحبة" كما لم يتعلمه لا في ثورة أو حركة أو حتى انتفاضة مصغرة، علمت القلب معنى أن يحب فيخرج إلى شرفات العمر مصرا على استبقاء الذي يحب .. ولو كان في "كوالامبور" أو "ماليزيا" .."ساحل عمان".. 

"أفغانستان".. أو "بيلك دوزو".. علمت الروح معنا لم تكن "تحبه ولا تريده" ولكنه استحسنته منك فلم تستطع أن تنساه، إنك تلاحقين قطارا تعلمين إنك لن "تلحقيه".. وإنني لأحفظ جيدا أن فرصا للالتقاء البشري الأكثر من ضروري .. لم تعد ممكنة إليك وفق "مواصفاتك" .. لم تعد "بيروت" أو "الأندلس".. "البرتغال".. "الخرطوم".. "جنيف".. "الرياض".. "عدن".. لم تعد كل هذه المدن.. حتى المختلف الإيقاع تحتوي ألغاز روحك .. ورغبتك في "تحمل" تبعات نشاطك الثوري بين القاهرة وسرت.. بني غازي.. وصنعاء.. ولكنك، أيا ماهرة "لست بقادرة على ضبط الإيقاع.. تلهثين خلف "القطار"..

إلى جانب شرفته يجلس كهل في منتصف الطريق إلى النهاية .. ترين فيه شباب التمرد، وتقيسين في ملامحه وجدان "احتواء" افتقده، لكن دفاتر "الثرى" في يديك "متخمة" بفيض من الأخطاء الصغرى .. تحالفا مع العسكر حين لم يكن ينبغي التحالف، صبرا على الدولة العميقة حين لم يكن من مبرر للصبر وفق معطيات المسار الثوري، الاعتماد على التحالف الدولي، ونسيان فائدة وقيمة بنيان الوعي.. كانت "الأخطاء" تشدك إلى الخلف ..فيما أشفق عليك صاحب قلب من دوامة الجري.. و"الصراخ" بمناداته لما "ألح عليه" هجرك.

هل تودين له الاستمرار في دائرة أنت مركزها كي تثبت إنك ناجحة على المسارين العملي والثوري؟
ولماذا كنت تصرين على محو خارطة حياته قبلك؟! ..وقد تعب شقي وعانى فيها.. وليس من بنيان الإبداع محو كل "إبداع" قبل الثورات لإنه..باختصار.. أفضى إليها؟

لم يكن قلبه قط من صخر ولا من حديد:

كان يعرف وما يزال مقدار معاناتك مع إثبات وجود ثوري .. ويعرف كم كلفك من ثمن غال .. منع اكتحال عينيك برؤية بلدك .. وافضى بك للاغتراب الدائم، والعيش في أجواء الحرب.. ولكنه لما "احتواك" و"غسل" مشاعرك.. وأشفق على "وجدانك" من دوام الهرولة على أرصفة المحطات.. ومساقط وأماكن إقلاع المطارات، والهرب من محبة الأطفال الصغار لأن الأيام لم تختبر محبتك إليهم "فيك" .. لكنه لما احتوى أخطائك الصغرى .. وأبدى تسامحا مع "غيرها" فيك .. راعه منك "التواء" الوجدان .. وإلا فلماذا "تقنين" وجود "الأغيار" في حياتك، والقبول بأساطين محاربة الثورات.. دولا بطعم الدهاليز.. وأفرادا بطعم "الخيانة" بحجة إنهم "إخوة" وصحبة و"إدارة" محلية ودولية مشتركة..

في "بر الغربة" علم أن سفينتك تبحر إلى حيث لا تعلم.. وأن الشراع لن يفتأ يُصدرُ عالي الأصوات المشرأبة في مناداة المجهول إلى نفس تضيع .. وتذكر فيك قوله تعالى:"ومن أحياها فلكأنما أحيا الناس جميعا"..

ولكنك ككل الشعوب التي تعيبين عليها عدم الانتصار في "معركة الوعي"..أجلت اتخاذ مهم القرارت اعتماد على اعتراف منه بأنه يقبل منك ما لا يقبله من الآخرين.. ويعتذر بالنيابة عنك حتى لا تعتذرين.. ولم تُدققي في بقية الجملة "ولايدري إلى متى هذه الحالة.. ستدوم"..

بنيتي.. توسط العمر منها ككل بنايات تقسيم.. ووسط البلد بمدننا.. وما تزال لا تعلم أن الثورة حالة من "تنشيط" ذاكرة "الحضارة" في المدن والشعوب .. ولكنها على المستوى الفردي لا تقبل ب"خفيف" الأخطاء لما يبالغ في التكرار.. وإن القلوب لا يتم امتلاكها بالأموال المستحقة ..بنيتي الناشطة الثورية طمعت في "ذخيرة" حي بالقلب .. تقبلي اعتذاري "المر" من فضلك ..ومناشدتي لك مع أحمد فتحي، رحمه الله، أن تدعي "قصة الأمس" تغفو في صمت أبدي .. مع أحلام بثورة .. قد تزدهر من جديد في غير حضوري وحضورك.. 
التعليقات (0)