أوقفت قناة فضائية جزائرية بث برنامج أسبوعي ساخر، يتناول مستجدات الساحة السياسية، بعد "إنذار" تلقته من "سلطة الضبط السمعي البصري" -أعلى هيئة قيد- لكن إدارة القناة التي أوقفت البرنامج التلفزيوني، نفت أن يكون قرارها نتاج "ضغوط".
وبثت القناة، واسمها "الفضائية
الجزائرية"، آخر حلقة من برنامج "ويك اند"، الجمعة الماضية، وأظهرت الحلقة مقدمي البرنامج، وعددهم خمسة، يتحسرون على وقف بث البرنامج، ومنهم من تغلبت عليه دموع الحزن.
وكان رئيس "سلطة الضبط للقطاع السمعي البصري" ميلود شرفي استدعى مدير قناة "الجزائرية"، قبل أسبوعين، ووجه له إنذارا بخصوص البرنامج الساخر "ويك اند"، الذي يحاكي تصريحات سياسيين ووزراء ومسؤولين كبار بالدولة.
وأكد شرفي، بتصريح لصحيفة "
عربي21"، لقاءه بمدير
قناة الجزائرية، موضحا: "وجهت له إنذارا، ودعوت القناة إلى التكيف مع مقتضيات القانون"، وتابع "برمجت سلسلة من اللقاءات مع مديري القنوات التلفزيونية، من أجل دراسة وضع القطاع، وتذكيرهم بالضوابط القانونية".
لكن سلطة الضبط للقطاع السمعي البصري لم تتخذ قرارا بوقف البرنامج، وإنما إدارة القناة هي من أوقفته.
ولم توضح إدارة القناة ما حصل بالضبط، ولم تحرر بيانا، لكن فريق العمل بالبرنامج نفى تلقيه ضغطا، بتغريدات على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث أفاد بأن "توقف برنامج ويكاند تم بمحض إرادة طاقم القناة، وليس له أي علاقة لا من قريب ولا من بعيد بضغوطات خارجية، مثلما يتم الترويج له"، وتابع الفريق الصحفي: "تعلم قناة الجزائرية أنه تم تنبيهها من قبل سلطة ضبط السمعي البصري، مثلها مثل عدة قنوات تلفزيونية أخرى".
لكن الرأي الغالب في الوسط الإعلامي بالجزائر يشير إلى "ضغوط" تكون القناة تلقتها من أجل اتخاذ قرار بوقف البرنامج.
وتراجعت "حرية التعبير و الصحافة" في الجزائر بشكل لافت، مثلما ورد في تقرير "مراسلون بلا حدود" في آذار/ مارس الماضي، الذي صنف الجزائر في المرتبة 111 عالميا.
وقال الإعلامي الجزائري مسعود هدنة: "بصراحة، الرؤية مشوشة نوعا ما في هذه القضية، مصادر إعلامية تقول إن سلطة الضبط وجهت إنذارا شفويا حول فقرة في البرنامج، والقناة لم تصدر بيانا تكشف فيه أسباب التوقيف، ومصادر تقول إن فريق البرنامج هو الذي قرر توقيف البرنامج".
وتابع هدنة، بتصريح لصحيفة "
عربي21"، الاثنين، "لكن مهما يكن، أنا ضد توقيف البرنامج، سواء بضغط أو بقرار من سلطة الضبط، أو بقرار من القناة أو مقدمي البرنامج والقائمين عليه، حرية التعبير تخسر خطوات ومساحات في البلاد، والتراجع لن يفيد، ولا بد من التضحية".
ورأى هدنة أن "الصحفيين الجزائريين بحاجة إلى دروس في التضحية والتضامن فيما بينهم، لأننا رأينا كيف يتساقط الصحفيون دون أن يلتفوا حول بعضهم، والأمثلة كثيرة، بداية من عبد السميع عبد الحي، ثم قضية بوعلام غمراسة، وقبلها غلق قناة الأطلس، واليوم برنامج الجزائرية، ويكاند، كذلك قادة بن عمار"، وتابع أن مقدم برنامج "هنا الجزائر" على قناة "الشروق قال إن "برنامجه تلقى إنذارا في الأيام الماضية من سلطة الضبط".
ويوجد في الجزائر 35 قناة تلفزيونية مستقلة، خمس فقط تحوز على رخصة النشاط، حسب وزير الاتصال الجزائري، حميد قرين، بينما تعمل القنوات الجزائرية بموجب قانون أجنبي، حيث تعَدّ مجرد مكاتب في الجزائر لقنوات أجنبية.
وتعتقد الإعلامية الجزائرية، حكيمة ذهبي، أن "إيقاف بث برنامج ويكاند له خلفيات أخرى، بالنظر إلى الظروف المالية الصعبة التي تعيشها القناة، وأنها أيضا تبحث عن لعب الدور البطولي من خلال موقف كهذا، لأن سلطة الضبط لم تأمر بإيقاف البرنامج، فإصدار إنذار ليس معناه توقيف البرنامج، فهناك ثلاث قنوات تلقت إنذارات في الوقت ذاته، فلماذا لم توقف تلك القنوات برامجها؟".
وتابعت ذهبي، بتصريح لصحيفة "
عربي21"،الاثنين، بأنها ترى "أن مجال السمعي البصري حديث النشأة في الجزائر، وبالصورة التي يبدو عليها، فعلا يحتاج إلى ضبط ، لكني ألاحظ أيضا أن السلطات تكيل بمكيالين، لأن هناك برامج كثيرة كان يجب أن يتلقى أصحابها إنذارات، فمثلا الحملة الانتخابية لانتخابات الرئاسة، 17 نيسان/ أبريل 2014، إذ شهدت تجاوزات كبيرة من قبل القنوات الخاصة، التي كانت تدعم مرشحا ضد آخر، وكانت تتعرض بالشتم والسب والتلفيقات لمن لا تدعمهم".