"ذهبت المحلاّت التي أمتلك، احترقت هنا أكثر من 500 مليون سنتيم من السّلع، كل شيء احترق، وسيّارات الإطفاء تأخّرت في القدوم؛ ما العمل الآن؟" بكثير من الحرقة والغضب، روى صاحب محلّات بلال شوب، بقلب
سوق القرب بني مكادة، بمدينة
طنجة في
المغرب، الأحداث التي جرت.
من أمام محلّاتهم التي التهمتها النيران، صباح السّبت، لا يزال الحزن والذّهول يُسيطر على المشهد، حيث يقف التجار وهم في حالة انهيار نفسي جرّاء ما حدث، يحاولون السيطرة على الوضع بإحصاء خسائرهم، على الأقل.
وبحسب مصادر لـ"عربي21" فإنّ أكثر من 300 تاجر، قضت النيران على محلاّتهم، التي تقدّر السلع بداخل كل واحد فيها بالملايين، بالإضافة إلى ما يفوق 50 طاولة مخصّصة لعرض السلع. جلّهم لهم التزامات مالية، إذ يحصلون على عدد من السّلع بـ"الدّين/ الاقتراض"، وذلك في خضمّ ما كانوا يستعدّون له من توفير كامل للسّلع قبل أيام من شهر رمضان.
كذلك، خلال عملية إخماد النيران، أصيب عنصران من الوقاية المدنية وعنصر من القوات المساعدة بجروح.
ورغم انتهاء رجال الإطفاء من مهاهم في إخماد النيران ومحاولات التبريد، للتأكد من عدم وجود بؤر مشتعلة قد تعيد اشتعال الحرائق، فإن المكان لا يزال يتوفّر على شاحنة صهريجية، بغية تأمين الموقع تحسبّا لأي طارئ. كما يحيط رجال الأمن بعين المكان، وتواصل السلطات وخبراء التّحقيق تمشيط الموقع بحثا عن أسباب النيران.
مرور 24 ساعة على الحريق
لا يزال التجار يعيشون على وقع الصدمة، في واحدة ممّا يصفونها بـ"أقسى الكوارث التي شهدها القطاع التجاري في طنجة"، عقب مرور 24 ساعة على الحريق المأساوي الذي أتى على سوق القرب، المعروف أيضا باسم: "أرض الدولة".
قال بلال، وهو واحد من التجّار، احترق محلّه إثر الحريق: "باتت السّلع التي كنت فرحا بتنسيقها حديثا في المحلّ أكواما من الركام. لم أصدّق بعد ما الذي حصل، فجأة خسرت كل شيء".
وتابع في حديثه لـ"عربي21": "والله لدي أمل ضئيل في الإسراع في إعادة الإعمار، لكن نتمنّى من الله خيرا، وأن يسرع المسؤولين في تفقّد أحوالنا، والنظر في التعويض، لإعادة الانتعاشة الاقتصادية، وعدم تركنا للمجهول".
وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، خاصة "إنستغرام"، رصدت "عربي21" خلال الساعات القليلة الماضية، نشر التجّار على حساباتهم المهنية صورا ومقاطع فيديو توثّق لما كانت عليه محلّاتهم وكيف أصبحت بعد أن احترقت.
وفي عدد من التعليقات، رجّح عدد من المتفاعلين مع الحرائق، أن "السّبب قد يكون تماسا كهربائيا"؛ فيما استفسر آخرون عن مدى توفّر معايير السلامة داخل السوق النّموذجي، خاصّة فيما يتعلّق بأنظمة الوقاية والسلامة.
وكشف آخرين في تعليقاتهم، أن حريق سوق بني مكادة، قد أتى عقب أيام قليلة من الحريق الذي شبّ بمصنع للأحذية البلاستيكية، بالمنطقة الصناعية بحي العوامة، وهو مكان غير بعيد عن السوق المحترق؛ ما يُفاقم الوضع الاجتماعي لجُل التجار في المدينة، قبل أيام من شهر رمضان.
وفي سياق متصل، أوقفت مصالح الأمن الوطني بمدينة طنجة، السبت، أكثر من خمسة أشخاص، وذلك للاشتباه في تورطهم في سرقة عدد من التجار، من ضحايا حريق "سوق القرب"؛ حيث استغلوا أجواء الحريق، وعمدوا على سرقة بعض السلع الصّامدة.
اظهار أخبار متعلقة
أي تعويض؟
طالب عدد متسارع من التّجار، ممّن فُجعوا بخسارات مالية تُقدّر بالملايين، من السلطات المحلية، بتقديم الدعم المادي والمعنوي، خاصة أن العديد منهم اشتروا البضاعة والسلع عن طريق القُروض، وبضمان "شيكات"؛ ما يجعلهم مهددين بالسجن في حالة عدم أداء ما عليهم من مبالغ مالية مهمّة.
وكشف رئيس رابطة التجار في السوق، أنّ "النيران قد التهمت نسبة كبير من المساحة الإجمالية. تقدر بنحو 90 في المئة من السوق"، فيما قدّر الخسائر المالية التي خلّفها الحريق بما يعادل 4 ملايير سنتيم، محدّدا خسارة كل محل من المحلات المتضررة في قيمة 10 ملايين سنتيم كأقل تقدير.
وأوضح: "هناك محلات تجارية صرح أصحابها بأن قيمة البضاعة تتراوح فيها بين 65 و 70 مليون سنتيم، وهو ما يعني أن حجم الخسائر قد يكون مضاعفا".
تجدر الإشارة إلى أن سوق القرب "بني مكادة"، كان قد افتتحه الملك المغربي محمد السادس، خلال عام 2015، وذلك على مساحة قدرها 6772 مترا مربعا، إذ يضم الشطر الأول منه فقط حوالي 275 محلا تجاريا مخصّصا لبيع المواد الغذائية، وأخرى مُتعلقة بالفواكه والخضروات، وكذا اللحوم، بالإضافة إلى السمك.
أيضا، يضم السوق التي أتت عليه النيران، محلاّت لمنتوجات النسيج، ومقصفا وفضاءات للعمال والمياومين، ومرآبين وساحة عمومية. وكان على مدى سنوات يُساهم في تحسين ظروف اشتغال التجار، وضمان استقرار الباعة الجائلين، واجتثاث البنيات العشوائية، وتحرير الملك العمومي.